حادثة المروحة
وفي نفس الشهر الذي أعلن فيه الحصار، كلف الجنرال "لوفيردو" أن يعد مشروعا يحتوي على المعلومات التاريخية والجغرافية والإحصائية والعسكرية التي تهدف إلى القيام بحملة ضد الجزائر،
استمر الحصار إذن بدل الحملة، وكان الفرنسيون يهدفون من ورائه إلى قطع التموين عن الجزائر، فكان أسطولهم المحاصر يتكون من 11 سفينة كانت تقوم بمراقبة الموانئ الجزائرية، وكانوا يوقفون بعض السفن المشبوهة ويحتجزون بعض السفن الأخرى، ولكن الحصار لم يبين عمليات القرصنة وبالتالي لم ينجح، وفي 3 أكتوبر وقعت معركة بين الأسطول الجزائري والأسطول الفرنسي وقد دامت المعركة حوالي أربع ساعات ولم تسفر عن نتيجة الحل من الطرفين.
ولكن تكاليف الحصار التي بلغت سبعة ملايين فرنك سنويا، والخوف من الحرب مع بريطانيا أو مع إسبانيا إذا ما تحول الحصار إلى حملة عسكرية وتغير الحكومة الفرنسية خلال 1827م، كل هذه العوامل جعلت فرنسا تفتح باب المفاوضات مع الجزائر هادفة إلى إلغاء الحصار بطريقة مشرفة.
لقد أدى هذا الحصار في الأخير إلى تقهقر فاجع في الحياة الاقتصادية بالموانئ الجزائرية ومنها إلى بقية أنحاء القطر، كما أدى إلى إفلاس الخزينة الجزائرية نتيجة انعدام الموارد المالية وانحصار التجارة الخارجية، كما أنها لم تعد بإمكانها تلقي الإعانات العسكرية من الخارج.
الاتصالات ومحاولة معالجة المسألة.
حاول الباب العالي وبالرغم من المشاكل التي كانت تواجهه إصلاح الوضع بين الجزائر وفرنسا، وذلك بإرسال مكلفين بمهام إلى الداي حسين سعيا إلى محاولة إقناع الداي حسين بوجوب إعادة العلاقات الحسنة مع فرنسا.
- مهمة عبد الرحمان أفندي:
تكتنف مهمة عبد الرحمان أفندي كثيرا من الغموض، فزيادة على كوننا لا نعرف تاريخها فإننا لا ندري بالضبط إن كانت لأجل الصلح أو لأمر آخر، فحسب بفايفر فإن عبد الرحمان أفندي قد قدم إلى الجزائر ليطلب من الداي حسين التجهيز للباب العالي 40 ألف جندي على الطريقة الأوروبية لكن الداي رفض طلب الباب العالي.
- مهمة حفيظ محمد رشيد بك:
لقد قدم حفيظ محمد رشيد بك إلى الجزائر في الأشهر الأولى من سنة 1829م بعد أن أنهى مهمته بتونس، وكانت مهمته هو طلب مساعدة بحرية للباب العالي غير أنه وأثناء إقامته بالجزائر التي دامت أسبوعا طلب من الداي حسين التدخل للصلح بين الجزائر وفرنسا، إلا أن الداي حسين رفض وساطته لكون الشروط التي فرضتها فرنسا عليه لقبول الصلح غير مقبولة زيادة على كون فرنسا لم تعوض للجزائر الخسائر الناجمة عن الحصار، وبالتالي فإن مهمة محمد رشيد بك قد فشلت كسابقتها، فعاد على أدراجه إلى تونس ومنها إلى إسطنبول.
- مهمة خليل أفندي:
فور إمضاء الباب العالي معاهدة صلح أدرنة، أرسل خليل أفندي إلى الجزائر وكلفه بمهمتين، وتتعلق المهمة الأولى بالعلاقات الجزائرية النمساوية إذ دعي الداي حسين من قبل السلطان محمود الثاني بعدم التدخل في الخلاف القائم بين النمسا والمغرب، أما المهمة الثانية فتتعلق بالعلاقات الجزائرية الفرنسية. انتهت مهمة خليل أفندي بالفشل بحيث لم يتمكن من إقناع الطرفين وعلى إثرها غادر خليل أفندي الجزائر في جوان 1830م.
- مهمة طاهر باشا:
أما عن مهمة طاهر باشا فقد تمت في 16 أفريل 1830م بحيث غادر طاهر باشا إسطنبول على متن البارجة الحربية "نسيم الظفر"، ووصل إلى تونس في 8 ماي 1830م حاملا معه الرسالة التي سلمها له السفير الفرنسي لقائد الحصار، حاول الطاهر باشا الالتحاق بالجزائر عن طريق تونس إلا أنه منع من دخولها واحتجز في البداية بتونس وهذا بإيعاز من بايها حسين باي وكذا قنصل فرنسا بتونس.