المؤسسات و الانتاج الثقافي في الجزائر
أولا المؤسسات الثقافية ف الجزائر
تعددت المؤسسات الثقافية في الجزائر خلال الفترة الحديثة، و التي كان لها دورا في ازدهار الحركة الثقافية للمجتمع الجزائري آنذاك لتحملها مهمة تعليم الفرد و تكوينه و من بين هذه المؤسسات نذكر:
أ-المساجد:
تعتبر المساجد من أهم المؤسسات الدينية و نواتها و يدل على مصلى الجماعة و هو كذلك المكان الذي يتم فيه تحفيظ القرآن الكريم و تعليم الفروض الدينية, و باقي العلوم التي لها علاقة بحياة المسلمين، و من بين هذه المساجد الجامع الكبير الذي كان مقرا للمفتي المالكي، بالإضافة إلى جامع القصبة البراني مقابل القصبة و الذي جدده الداي حسين, و وسعه و كان يصلي فيه موظفو القصبة و كذا نجد أيضا جامع كتشاوة.
أما النوع الثاني من المساجد فقد قام بتأسيسه الأثرياء من الناس و من بين تلك المساجد نجد مسجد محمد الباي الكبير في معسكر، أما بخصوص النوع الثالث من المساجد نجد تلك التي قامت المؤسسات الخيرية بتشييدها كعمل مكمل لما قام به الأغنياء و الولاة و كان هذا النوع من المساجد متواضعا مبني بالحجر و الجبس و صوامعه منخفضة و كان عدد كبير منها لا يحصى .
ب-الزوايا:
احتلت الزوايا مكان الصدارة إلى جانب المساجد في تلك الفترة بين المراكز الثقافية إذ يعرفها ابن مرزوق الخطيب:"بأنها تلك المواضع المعدة لإرفاق الواردين و إطعام المحتاجين من القاصدين"
لقد كانت الزوايا مقسمة إلى قسمين و كل قسم منهما يقوم بدور معين فالقسم الأول يقوم بتحفيظ القرآن الكريم و ترتيله و يلجأ إليه في الغالب الذين لهم معرفة بالحروف الهجائية و بعض آيات الذكر الحكيم، أما القسم الثاني فإنه يقوم بتدريس الفقه و العقيدة و قواعد النحو الصرف و المنطق و الفلك، إضافة إلى التعليم يتعدى دور الزوايا إلى المشاركة في الجهاد و هو أمر لا يمكن إنكاره و تجاهله ذلك لأن الزوايا كان لها دور في صناعة التاريخ.
انتشرت الزوايا في كل البلاد الجزائرية و كان أهمها زوايا الحواضر العلمية ،فقد كانت هناك زوايا سهل متيجة المحيط بمدينة الجزائر إضافة إلى زوايا منطقة القبائل و زوايا من مدن كبرى أخرى مثل قسنطينة الجزائر و تلمسان على متبات هامة تطورت بفضل كتابات مدرسيها و علمائها، كما كانت تحمل في طياتها مخطوطات نادرة في مختلف العلوم ساهمت بشكل كبير في نشر الثقافة و المعرفة بشكل واسع، أما الدروس بها فقد كانت تستغرق كل اليوم لا ينقطع فيها شيخ الزاوية عن الشرح و كانت عبارة عن مجالس علمية يكون فيها الشيخ في الوسط و يلتف حوله الطلاب
ج-الكتاتيب:
تعتبر الكتاتيب من أكثر المراكز التعليمية و الثقافية انتشارا في الفترة العثمانية حيث أقبل عليها عدد كبير من الجزائريين و كانت الكتاتيب تؤسس من طرف رجال الدين و حفظة القرآن إذ كانت منتشرة في أغلب المدن و القرى الجزائرية و تكاثرت في المدن كثرة مفرطة حتى كانت تعد بالعشرات في قسنطينة و بجاية و تلمسان و فيها يتعلم الأطفال سواء كان ذكورا أم إناثا القرآن الكريم و يكتبونها على الألواح الخشبية المطلية بطين الصلصال بأقلام من القصب و صمغ من الصوف المحروق. الذي يتولون التدريس بهذه الكتاتيب كان يطلق عليهم اسم الطلبة في بعض الجهات و الفقهاء في جهات أخرى أو المشايخ في غيرها الآخر
د-المدارس:
عرفت المدارس انتشارا واسعا حيث كانت جل المدن والأرياف الجزائرية بها مدارس و كان إنشائها يتم على أيدي المحسنين و تمولها الأوقاف التي كان يحبسها أصحاب النفس الخيرة و التي تهب عقاراتها لبناء هذه المدارس، و لم يكن للسلطة شأن بها.
ثانيا الحياة الثقافية في الجزائر
أ- الحياة الثقافية في العاصمة:
شهدت الجزائر العاصمة حركة علمية حيوية خلال العصر الحديث ، قدر هايدو عدد مساجد العاصمة بنحو 100 مسجد منها 7 كبيرة و لعل من أبرز علماء الجزائر العاصمة من الذين تولوا الإفتاء في العاصمة إمام الجامع الكبير و الذي عاصر الفكون الحفيد، سعيد قدورة المتوفي عام 1066ه، و الذي له إسهام كبير في الحركة العلمية بالجزائر خاصة إذا علمنا أنه تمكن من بناء زاوية و مدرسة بالعاصمة و من أوقاف الجامع الكبير.
و من الذين برزوا أيضا يحي بن محمد النايلي الشاوي الملياني الجزائري المالكي و هو إمام زمانه في الفقه و الأصول و المنطق و النحو، ولد بمدينة مليانة و نشأ في الجزائر، قرأ بالمدينتين على يد عدة شيوخ منهم الشيخ محمد بن محمد بهلول، و الشيخ سعيد قدورة مفتي الجزائر و مهدي الثعالبي وروى عنهم الحديث و الفقه، و له كثير من المؤلفات منها"حاشية على شرح أم البراهين السنوسي" و "نظم لامية في إعراب لفظ الجلالة" و مؤلف في أصول الفقه، ة له شرح التسهيل لابن مالك و حاشية على شرح المرادي و قد توفي في الطريق الى الحج عام 1069.
ب-الحياة الثقافية في تلمسان:
لم تكن تلمسان تختلف عن الجزائر العاصمة فقد كانت قاعدة ثقافية كبيرة بما أنشئت فيها من مدارس سواء من قبل بني زيان أو بني مرين أثناء احتلالهم للمدينة، منها مدرسة العباد و الجامع الأعظم و المدرسة اليعقوبية و المدرسة التاشفينية،إضافة إلى كثير من المساجد و الزوايا و الكتاتيب المنتشرة هنا و هناك، و قد ساهمت هذه المدارس أدت إلى ظهور كثير من العلماء وعائلات كبار كعائلة العقباني المقري و غيرها, غير أن تلمسان سوف تفتقد كثيرا من بريقها خاصة بعد ظهور الاسبان و احتلالهم لمدينة وهران و التدخل في شؤون تلمسان ثم دخول الميدنة تحت سطوة الاتراك
و هو ما جعل كثير من العلماء يتركون البلد و يتوجهون الى الخارج خاصة المغرب الأقصى و من أشهر هؤلاء أحمد الونشريسي و أحمد المقري.
رغم هذه الحالة فإن الحالة الفكرية لو تتوقف بل تواصلت و لعل من أبرز علماء تلمسان في هذه الفترة معاصر الفكون أحمد المقري صاحب نفخ الطبيب المتوفي عام1631م، و الذي ترك تلمسان و هاجر منها تحت تأثير الظروف السالفة الذكر متوجها الى المغرب الأقصى حيث تولى الإمامة و الخطابة و الفتوى بجامع القرويين بفاس عام1022ه
و قد كانت للمقري مراسلات و لقاءات مع كل من سعيد قدورة مفتي الجزائر و عالم قسنطينة الشيخ عبد الكريم الفكون، و لعل من أبرز علماء الجزائر العاصمة من الذين تولوا الإفتاء في العاصمة إما الجامع الكبير و الذي عاصر الفكون و سعيد قدورة عام 1066ه، و الذي له اسهام كبير في الحركة العلمية بالجزائر خاصة إدا علمنا أنه تمكن من بناء زاوية و مدرسة بالعاصمة من اوقاف الجامع الكبير.
كما ظهرت عائلات أخرى اشتهرت بالعلم كالمنجلاتي و ببجاية، كما اشتهرت مازونة بمدرستها الكبيرة التي خرجت عددا جما من الفقهاء مثل موسى بن عيسى صاحب ديباجة الافتخار و حلية المسافر و ابنه يحي.
ثالثا قيمة الإنتاج العلمي وتأثيره على الجزائر خلال الفترة الحديثة:
1- إنتاج العلوم الشرعية: ونقصد بها الدراسات الدينية والقراءات ورواية الحديث وفقه العبادات والمعاملات، انصب اهتمام العلماء على الفقه و التفسير و الحديث و لذلك غلب على الثقافة في الجزائر خلال هذا العصر الطابع الديني أكثر منه الأدبي او العلمي،و قد اتسمت العلوم الشرعية في هذه الفترة بالتقليد و التكرار و الحفظ، و رغم ذلك حاول بعض الفقهاء كسر هذا الجدار فمنهم عبد الكريم الفكون و احمد بن عمار حيث نادوا بتقديم الاجتهاد العقلي على التقليد و الرواية و بالتالي إنتاج العلوم الشرعية كاد ينحصر في التفسير و بعض القراءات في القرآن الكريم و في مجموعة من الإثبات و الإجازات بالإضافة إلى أعمال فقهية تدرس فروعا من العبادات و المعاملات
سنحاول أن نذكر أهم المفكرين والعلماء في بعض التخصصات الفقهية:
أ - التفسير:
و فيه جانبين التفسير و التدريس فأما التفسير فنجد أحمد بن علي بهلول و ابن لؤلؤة التلمساني و أبو راس ناصر وسعيد قدورة وأحمد بن عامر وقد اجتمع حولهم طلبتهم فيقومون بالتفسير الشفهي والاملاء للطلبة أما التأليف في التفسير فهو قليل منهم أبو راس ناصر ومحمد الزجاي ،و قد اشتهر على الجزائريين تدريس القرآن و كانت منطقة الزوارة من اشهر المناطق حفظا للقرآن لاسيما في القراءات السبع و لعل محمد بن صولة من أشهرهم في تحفيظ القرآن.
ب - الحديث:
ونجد من الذين برعوا في الحديث عبد الكريم الفكون وابن العنابي وعلي بن الأمين ويحي الشاوي و أحمد المقري وغيرهم كثير حيث ترك احمد المقري عدة تأليفات منها "فتح المتعال في مدح النعال" "أزهار الكمامة في أخبار العمامة ونبذة من ملابس المخصوص بالإسراء والإمامة، وقد شاع في الجزائر حفظ الحديث واسناده وقراءته وإقراؤه، كما ان ممن تركوا مؤلفات في الحديث فنجد محمد بن شقرون ابن احمد الوهراني وكذا احمد البوني واحمد بن عمار والمنور التلمساني الذي كتب "منتخب الاساسين في وصل المصنفات والأجزاء والمسانيد" وهو سلسلة من الإجازات والمرويات التي جمعها عنه تلميذه إبراهيمي السيالة التونسي وغيرهم كثير في مجال الحديث .
و ترك علماء الجزائر عدة مؤلفات في الفتوى والوقف والفرائض وغيرها وعلم الفقه ككتاب عبد الرحمن الأخضري الذي وضع نظما "الذرة البيضاء" في خمسمائة بيت من الفرائض والحساب.
ج- علم الكلام :
وقد شاع بين الجزائريين في ذلك الوقت تعبير علم الكلام وعلم التوحيد على حد سواء وكانوا يعتبرونه من أهم العلوم فوضع الشيخ خليفة بن حسن القماري شرحا كبيرا على الصغرى قسمه إلى خمسة اقسام وجعل لكل قسم جزء، وقام الورتيلاني بتحشية عمل السنوسي، كما وضع السكتاني حاشية على صغرى وشرحا على وسطى السنوسي ولمحمد بن الترجمان رسالة في التوحيد سماها "الدر الثمين في تحقيق القول في صفة التكوين".
2- إنتاج العلوم العقلية: كان الإنتاج في العلوم العقلية قليل في الجزائر رغم أنهم اهتموا بها من قبل حيث لم يعتمدوا علم الحساب إلا لفهم العمليات الفرضية و الطب لم يستندوا إليه لفهم الأحاديث النبوية الدالة على علم الأبدان، أما الفلك إلا لتحديد أوقات الصلاة و اعتمدوا على الصيدلة إلا لمعرفة الأعشاب و المعادن.و مع ذلك فقد كانت هناك بعض المحاولات في الكثير من العلوم سنذكر بعضها:
أ- الحساب:
نجد كتاب " الدرة البيضاء" لعبد الرحمن الاخضري حيث اهتم في كتابه بالحساب، كما نجد ابن حمادوش فقد اهتم بالحساب إلا أنه لم يخصه بالتأليف، و كتب أرجوزة في الجبر وضعها تقريبا في 13 صفحة حول موضوع الكسور، أما بالنسبة إلى الهندسة فلا يوجد كتاب موثق حوله إلا بعض التلميحات في رحلة ابن حمادوش.
ب - علم الفلك:
كان هناك اهتمام بارز بعلم الفلك و يظهر ذلك في ارجوزة "النجم المبتز" لصاحبه علي بن أبي الرجال القيرواني، و كذا كتاب " منظومة بغية الكلاب في علم الاسطرلاب" للحباك و قد بقي مؤلفه مرجع متداول لفترات جد طويلة، كما نجد عبد الرحمن الأخضري الذي وضع نظاما سماه ط السراج في علم الفلك "سنة 939 هجري بالإضافة الى عدة مؤلفات في الفلك من بينها: "أثمد البصائر في معرفة حكمة المظاهر" لعبد الله بن عزوز المراكشي وهناك مؤلفات أخرى كثيرة في الفلك.
ج- الطب:
رغم أن هذا العلم هو علم جامع إلا أن الملاحظ هو عدم الاهتمام به وخاصة عدم تطويره بما يجب ذلك ولربما يرجع ذلك إلى اهتمام الناس بالعلوم النقلية و ايمانهم كثيرا بالقضاء والقدر واتجاه بعضهم الى التداوي بالأعشاب ،ومع ذلك فلا يمنع وجود بعض المحاولات والمبادرات الطبية فنجد مثلا: عبد الرزاق بن حمادوش في كتابه " المجوهر المكنون في بحر القانون" والكتاب مرتب على أربعة كتب: السموم والعلاج منها، والثاني في الترياقات والمعاجين والكتاب الثالث في الأمراض والرابع فهو خاص بالأعشاب والأدوية وعلى ما يبدوا فإن ابن حمادوش كانت له يد في الطب والصيدلة. كما نجد ابن عزوز المراكشي ممن اتقنوا فن الطب وعلم الكيمياء الصيدلة.
د- علم المنطق:
برز فيه محمد بن يوسف ومحمد بن عبد الكريم المغيلي وكذا ابن حمادوش وسعيد قدورة ونجد كذلك عبد الرحمن الاخضري والذي وضع رجزا في المنطق بلغ مائة وثلاثة وأربعون بيتا بعنوان "السلم المرونق في علم المنطق" ومع ذلك فقد بقي علم المنطق من العلوم المهملة نوعا ما وهذا راجع لعدة أسباب هي: أن الاهتمام بعلم التصوف أكبر من علم المنطق، أن علم المنطق يحتاج إلى معرفة معارف الأوائل وهذا ما لم يكن موجود في المكتبة الجزائرية آنذاك.
3- الإنتاج الأدبي: وجد في العصر الحديث تراثا أدبيا و علميا في مستوى طيب المتمثل في الشعر و النثر وما تحتويه من أغراض متعددة، و من هؤلاء نجد احمد المقري و احمد بن عمار الجزائري الذين جمعوا في أدبهم علما غزيرا و دراية واسعة النطاق كما أنهم تميزوا بالموهبة و ذكاء في كتاباتهم، و رغم ذلك لم يبلغ الأدب النضج العقلي وسعة الخيال. لقد أسهم الجزائريون في ميدان البيان والمعاني ، حيث قام عبد الله بن أبي القاسم الثعالبي بشرح قصيدة الحلي شرحا بلاغيا سماه "أنوار التجلي على ما تضمنته قصيدة الحلي" وقام محمد بن محمد علي الجزائري بشرح الجوهر المكنون سماه "موضع السر المكنون على الجوهر المكنون" كما قد اشتهر علي بن عبد القادر المعروف بابن الأمين بتألفين الأول "رسالة في أما بعد" في حدود 1186 هجري والثاني "حاشية على مختصر السعد".
كما نجد في مجال العروض سعيد قدورة شرح لأبي الجيش المغربي لكتابه "الرامزة الشافية في علم العروض والقافية " وقد سماه قدورة " شرح المنظومة الخزرجية" كما يشمل النثر الأدبي المقامات والرسائل الرسمية والإخوانية والوصف والتقارير والتعازي وعقود الزواج والإجازات والشروح الأدبية والقصص والخطب التي تتميز بها الأدب الجزائري .
كما تميزت الثقافة الجزائرية بوجود أعمال حول الشروح الأدبية كشرح الأعمال الصوفية والتاريخية والفقهية و الأعمال الأدبية و من ذلك نجد شرح أحمد بن سحنون الراشدي على قصيدة العقيقة لسعيد المنداسي سماه " الأزهار الشقيقة المتضوعة بعرف العقيقة " .
والملاحظ كذلك هو ندرة النثر الادبي ورغم أن التاريخ الجزائري الثقافي غني بالحكايات والقصص التاريخية إلا أنها كانت أغلبها شفوية لم يدون منها إلا القليل فنجد مثلا محمد بن محرز الوهراني صاحب المقامات أو المنامات غير أن موضوعاتها كانت كلها شرقية بحكم مقامه هناك ، أما مقامات ابن حمادوش التي جمعها في رحلته فهي ثلاثة و الظاهر أنه كتبها في المغرب الأقصى فالأولى سماها "المقامة الهركلية" في 1156 هجري والثانية ذكر فيه متاعبه في سفره بين تيطوان ومكناس أما الثالثة فقد سماها "بالمقامة الحالية" .
4- الإنتاج التاريخي: يلاحظ أن الانتاج التاريخي في الجزائر خلال الفترة الحديثة قليل و كان سببه هو أن الحكام لم يهتموا به على اعتبار أنه علما قائما بذاته، لهذا عانت الكتابات التاريخي فأختلف المؤرخون حول حشو التاريخ بالتمجيد و المدح و تخليد الأعمال البطولية أو القيام بالنقل ،و ما يعاب على المؤرخين أنهم حصروا انتاجاتهم حول التواريخ المحلية و التراجم و الرحلات و لم يكتب علماؤها تاريخا عاما للجزائر يغطي كل أخبارها، فالدراسات التاريخية كانت تقوم على الرواية و الخبر و لا تصل إلى مستوى التحقيق و النظر.
أما في التاريخ المحلي فهناك بعض التأليفات من بينها "بهجة الناظر في أخبار الداخلين تحت ولاية الاسبان بوهران من الأعراب ونجد عبد القادر المشرفي الذي تعرض بالتفصيل لقبائل بن عامر مع بيان الحكم الشرعي في تعاونهم مع الاسبان .
5- الإنتاج الصوفي: لقد سيطرت روح التصوف على الحياة العلمية في الجزائر مما أدى إلى كثرة الإنتاج في علم التصوف فنجد الكثير من الكتب و الرسائل و المنظومات التي تتناول هذا الموضوع في شكل الأذكار و الأوراد و المناقب و المواعظ، بالإضافة إلى الشروح بقصائد الصوفية و المدائح النبوية بنظرة الصوفية و الروحانية،كما أنها انحصرت على شروح أعمال السابقين حتى كادت الكتابات تبتعد عن الإبداع .
كما شمل التأليف في التصوف المواعظ والأذكار والأوراد وغيرها من المواد الصوفية التي اعتنى بها الزهاد المتصوفة ومن اشهرهم احمد بن يوسف الملياني واحمد البوني ويحي الشاوي حيث ألف "النبل الرقيق" ونجد أيضا "أرجوزة" لصاحبها محمد بن عزوز البرجي، وكذا كتاب "رسالة المريد" و"المنظومة الرحمانية " لصاحبها عبد الرحمن باش تارزي.