شارك على لينكد ان
شارك على واتساب
شارك على تلغرام
الطباعة

مرحلة الابادة 1958- 1960


مرحلة حرب الإبادة بعد 1958م

بمرور الزمن  ازدادات مكاسب و انتصارات الثورة الجزائرية ،و بدا واضحا عجز المستعمر عن تصفيتها ، وشرعت الأطراف الفرنسية المختلفة ( الجيش – الحكومةالمعمرون – الأحزاب ...) تحمل بعضها بعضا مسؤولية ذلك الإخفاق وفي 13 ماي 1958 م قاد الجنرالان صالان وماسو حركة انقلاب عسكري على حكومة فرنسا وطالبا بتسليم السلطة إلى ديغول . فقام البرلمان الفرنسي باستدعاء الجنرال المتقاعد و قلده السلطة في 01 جوان 1958 م واشترط ديغول القيام بتعديلات دستورية هامة تخول رئيس الجمهورية سلطات واسعة فانهارت بذلك الجمهورية الرابعة وقامت الجمهورية الخامسة

أولا : الحلول الجذرية " الاستئصالية

تركزت حول محورين أولهما أساسي والآخر ثانوي أو مكمل وهما :

محور حرب الإبادة : عمد ديغول إلى تعيين الجنرال شال في 12 ديسمبر 1958 م رئيسا للأركان خلفا لصالان، والى تصعيد الإجراءات العسكرية ضد الشعب الجزائري وثورته مستعملا أساليب جهنمية جديدة تتناسب واستراتيجية السياسة العسكرية وقد تمثلت فيما يلي

 

أ - وضع وتطبيق مخطط شال المتضمن القيام بعمليات واسعة تشارك فيها قوات كبيرة ضد مناطق مختارة، تمشط و تدمر بنيتها التحتية، ثم تشق فيها الطرق وتقام التحصينات لوضعها تحت الرقابة التامة وهكذا عرفت هذه المرحلة عمليات إبادة وحشية نذكر منها:

- عملية الشرارة في جبال الحضنة في جويلية 1959 م.

- عملية المنظار في جرجرة من جويلية إلى نوفمبر 1959 م.

- عملية الأحجار الكريمة في الشمال القسنطيني في جويلية 1959 م.

- عملية ماراتون في شهر افريل 1960 ضد الأراضي التونسية بحجة ضرب وحدات جيش التحرير.

- عملية المحس في جبال الضاية من افريل إلى ماي 1960 م.

- عملية بروميثيوس في الجنوب الوهراني من ماي إلى سبتمبر 1960 م.

- عملية الزير في الونشريس من جويلية إلى أوت 1960 م.

ب- مواصلة تطويق الحدود الجزائرية مع تونس والمغرب بأسلاك شائكة مكهربة، إذ أقيم على حدودنا الشرقية "خط شال" بموازاة "خط موريس".

ج– تشديد المراقبة والقمع في المدن، وإدخال أجهزة التعذيب المتطورة، وتخصيص فرق من المظليين للسيطرة على العاصمة .

دالتوسع في إنشاء المناطق المحرمة في الأرياف، وإجبار السكان على الإقامة في المحتشدات حتى بلغ عددهم عام 1960 م 2.5 مليون وتصعيد الحرب النفسية عليهم.

ه- العمل على زرع أعداد كبيرة من الخونة في صفوف الثورة.

و- إجراءات أخرى كتسميم المياه، ومحاولات تزويد المجاهدين بوسائل خبيثة كذخائر متفجرة لقتلهم ، وقد وقعت في هذه المرحلة عدة معارك أهمها معركة اكفادو (15-17 أكتوبر 1958) ومعركة البرواقية (03 جانفي 1959 ) و جبل مزي ( 06 ماي 1960 ) وفيها أيضا استشهد عميروش والحواس ( 28 مارس 1959 ) وقامت فرنسا بتفجير قنبلتها الذرية الأولى في رقان ( 13 فيفري 1960)

محور الإغراءات والمناورات : وتجلى ذلك فيما يلي :

أ- محاولة إنشاء قوة ثالثة : حاولت فرنسا إنشاء قوة من الشخصيات التقليدية والمعادية للثورة لتكون منافسا لجبهة التحرير الوطني في تمثيل الشعب الجزائري.

ب مشروع قسنطينة : عرض ديغول أثناء زيارته الثانية للجزائر (2-5 اكتوبر 1958) بهدف امتصاص نقمة الجزائريين وتصوير الثورة على أنها قامت لأسباب مادية، وأن توفير الشغل وبعث مشاريع اقتصادية واجتماعية قد تدفع الجزائريين إلى التخلي عن الثورة،وقد تضمن المشروع توفير الشغل ل 115 ألف جزائري، وإقامة 200 ألف سكن ومشاريع اقتصادية واجتماعية، وبيع الأراضي للجزائريين بالتقسيط وذلك خلال خمس  سنوات  (1959 - 1963)

جعرض سلم الشجعان: كان ذلك في 23 أكتوبر 1958 م، ونص على تسليم المجاهدين أسلحتهم مقابل العفو عنهم، والإعتراف بالشخصية الجزائرية.

دمشروع حق تقرير المصير والدولة الجزائرية: اقترح ديغول في 16 ديسمبر 1959 م هذا المشروع الذي يتضمن الإختيار بين جمهورية جزائرية متحدة مع فرنسا، أو جمهورية منفصلة، مع تقسيم شمال الجزائر إلى منطقتين إحداهما خاصة بالمستوطنين (وتشمل المناطق الغنية) والثانية خاصة بالمسلمين ، أما الصحراء فتظل تابعة لفرنسا.

ثانيا مرحلة الحلول الواقعية : رغم ما ترتب عن سياسة ديغول العسكرية من ضحايا وتخريب إلا أن الثورة صمدت وواجه الجزائريون خطة شال الجهنمية بصبر وإيمان فالجرائم المرتكبة لم تضعف إرادة الثورة، بل ضاعفت تكلفة الحرب بالنسبة لفرنسا وأمام هذا الموقف بدا القلق يستبد بالرأي العام الفرنسي الذي لم يعد يحتمل مزيدا من التضحيات، كما أن المتطرفين الفرنسيين(خاصة العسكريون والمعمرون) لم يخفوا تذمرهم من سياسة ديغول، وأضحت فرنسا منقسمة تجاه الجزائر والجمهورية الخامسة مهددة بالسقوط، خاصة حينما تمرد المعمرون وقطاع من الجيش الفرنسي في الجزائر بقيادة "ماسو" في 24 جانفي 1960 م بسبب اعتراف ديغول بحق الشعب الجزائري في تقرير المصير، وقد رد ديغول بعزل " ماسو" والتصدي لحركة التمرد فقتل 25 أوربيا.

وبفعل تلك التطورات وكذا تزايد التأييد الدولي للثورة على حساب الموقف الفرنسي ،و تدهور علاقات باريس مع العالم العربي ثم خروج مظاهرات 11 ديسمبر 1960 رضخ ديغول نهائيا إلى التفاوض وتقديم التنازلات ، فبدأت المرحلة الرابعة من عمر الثورة وهي مرحلة المفاوضات والإستقلال .

ثالثا استراتيجية الثورة في مواجهة اسليب ديغول :

ردت الثورة على سياسة ديغول بما يلي :

- مجابهة خطة شال بتصغير الوحدات العسكرية، واعتماد حرب الكمائن والإكثار من العمليات الفدائية .

- شن حملة على خط موريس منذ 1958 م ثم على خط شال فيما بعد لمنع فرنسا من خنق الثورة ، وذلك رغم الخسائر التي كلفتها الحملة، وفي هذا الإطار جاءت معركة " عين الزانة" (شمالي سوق اهراس) من 02 إلى 14 جويلية 1959 م.

- الشروع في العمل المسلح داخل فرنسا نفسها  أي نقل الثورة الى الأراضي الفرنسية.

- الإعلان من القاهرة يوم 19 سبتمبر 1958 عن تشكيل الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ، لتكون الممثل الشرعي للشعب الجزائري، والناطق الرسمي باسمه وقائدة للثورة سياسيا وعسكريا، وقد كان رئيسها الأول " فرحات عباس " وكان في عضويتها :

 كريم بلقاسم (نائبا للرئيس ووزيرا للقوات المسلحة)، بن بلة (نائبا ثانيا للرئيس) آيت احمد، رابح بيطاط، بوضياف، خيضر (وزراء دولة) محمد الأمين دباغين (وزيرا للشؤون الخارجية) محمد الشريف (شؤون السلاح والتموين ) بن طوبال (الداخلية)، بوصوف (الاتصالات العامة والمخابرات)، أحمد فرنسيس (الشؤون الاقتصادية والمالية)، توفيق المدني (الثقافة) بن خدة (الشؤون الاجتماعية) محمد يزيد (الأخبار) مهري(شؤون المغرب العربي)، مصطفى اسطمبولي، الأمين خان، عمر الصديق (كتابا للدولة )، بالإضافة إلى هيئة أركان الحرب. ولجنة وزارية للدفاع.

- إعلان الحكومة المؤقتة منذ نوفمبر 1959 م موافقتها على التفاوض مع فرنسا شريطة الإعتراف بالشخصية الجزائرية.، والحفاظ على وحدة الجزائر الترابية بما فيها الصحراء وبهذا الخصوص جاءت مظاهرات 11 ديسمبر 1960 تحت شعار الجزائر المستقلة الموحدة.