يعتبر فجر التاريخ في شمال إفريقيا على وجه العموم والجزائر على وجه الخصوص مرحلة انتقالية لا تزال تحديداتها الزمنية إلى اليوم تثير النقاش بين المختصين بسبب عدم وضوح الرؤية حولها. ومع ذلك فإن معظم الباحثين يتفقون على أنها مرحلة تبدأ مع نهاية عصور ما قبل التاريخ وتنتهي بظهور الوثيقة المدونة 3000 سنة قبل الميلاد إن أهم ما ميز هذه الفترة التاريخية هو بروز نمط حياة جديدة وبسيطة عبر قيم مستحدثة قوامها معتقدات وعادات وممارسات جنائزية لم تكن معروفة في سلف الآباء والأجداد. وتتمثل هذه العادات في ظهور مبانيٍ جنائزية عبر مختلف المناطق الوطنية بأشكال متعددة ومتنوعة، كما عرفت هذه المرحلة إلى جانب ذلك بداية انتشار ظاهرة المباني السكنية وازدهار صناعة الفخار والأدوات المعدنية، وممارسة الزراعة البدائية البعلية، وتربية الحيوانات. وهي أنشطة أصطلح على تسميتها بالأنشطة الريفية. وتدل هذه الانجازات على التطور التدريجي الذي لامس مختلف الجوانب الفكرية للإنسان في تلك المرحلة، والتي انتهت باكتشاف الكتابة والإعلان عن بداية مرحلة أخرى من تاريخ الإنسان.
بلاد المغرب في فجر التاريخ
شهد إنسان فترة فجر التاريخ في بلاد المغرب بصفة عامة والجزائر بصفة خاصة تطورا فكريا ملحوظا، فلم يهتم هذا الأخير بالجانب المادي من حياته فحسب بل تعداه ليشمل الجانب الروحي منها، وقد خلفت لنا الأقوام التي عاشت في هذه الفترة عدة مظاهر حضارية مست جوانب مختلفة من نشاطاتهم اليومية، وقد كان من بين ما وصلنا بصورة ملفتة للانتباه المدافن الميجاليتية التي تميزت بتنوعها وتوزعها على مختلف مناطق الوطن من الشمال إ...