الصحافة الجزائرية
مقدمة :
تزامنا مع الاحتلال الهمجي الفرنسي للجزائر ، ظهرت بعض النشريات الصحفية في الجزائر، لتعبر عن الوجهة الاستعمارية و تقوم بالدعاية للرسالة الحضارية الفرنسية ، ولعل أهمها :
- جريدة (المبشر) التي صدرت في 15 سبتمبر 1847 على يد الإدارة الاستعمارية الفرنسية أول جريدة ظهرت باللغة العربية في الجزائر وثالث جريدة في العالم العربي و كانت لا تنشر إلا ما يهم هذا الاحتلال عسكريا وإداريا، كما أن لغتها العربية كانت ضعيفة وهي مزدوجة اللغة، واستمرت في الصدور إلى سنة 1927.
وتواصل اصدار سلطات الاستعمار للصحف المزدوجة باللغتين الفرنسية والعربية أو بالعربية، وهي:
- (النصيح) (1899- 1900) التي كانت تصدر باللغة العربية لصاحبها الفرنسي المستعرب "أدوار قوسلان" (D. Gosselin)،
- جريدة (الجزائري) 1900 التي أنشأها مدير الشؤون الأهلية "لوسياني" (Luciani)،
- (المغرب) 1903 صاحب امتيازها "بيار فونطانا" (P. Fouatana)،
- (الأخبار) التي أصدرتها الولاية العامة الفرنسية في الجزائر منذ 1839 باللغة الفرنسية أصبحت منذ بداية 1903 وتحت اشراف "فيكتور باروكان" (V. Barrucand) و"ايزابيل ابرهارت (I. Eberhardt) أصبحت لها صفحتين بالغة العربية،
- (الاحياء) سنة 1907 لمستشرقة الفرنسية "جان ديتايو (J. Destayaux) أو "جمانة رياض" أو "فاطمة الزهراء" كما كانت توقع في كتاباتها.
أما بخصوص الجرائد التي أنشأها الجزائريون فيمكن تقسيم مراحلها إلى ثلاث مراحل بقطع النظر عن اللغة التي كتبت بها؛ المرحلة الأولى قبل الحرب العالمية الأولى (بالتقريب من 1890 إلى 1914)، والمرحلة الثانية من 1919 إلى 1939، والمرحلة الثالثة من 1940 إلى 1956.
المرحلة الأولى (من 1890 إلى 1914):
في هذه المرحلة ظهرت مجموعة من الصحف أهمها :
ـ الحق: هي جريدة أسبوعية ظهرت في عنابة في 10 جويلية 1893 على يد "سليمان بن بنقي" و"عمر السمار" و"خليل قايد العيون"، صدرت في أول الأمر باللغة الفرنسية، ثم ظهرت بعدد السابع عشر مزدوجة باللغتين العربية والفرنسية، وكانت حاملة هذا التعريف: ((جريدة فرانسوية، عربية، سياسية، أدبية، في شؤون العرب الجزائريين))، ومن خلال تعريفها هذا المعلن أن هدفها هو الدفاع عن مصالح العرب الجزائريين ومصالح الفرنسيين الذين استجابوا "للمشاعر الوطنية" دون غيرهم. استمرت (الحق) حوالي سنة لا يعرف هل توقفت بنفسها أو أوقفتها الإدارة الفرنسية.
ـ المصباح: ظهرت في شهر جوان 1904 بمدينة وهران، وصاحبها هو "العربي فخار" أحد المعلمين المثقفين باللغة الفرنسية، وكانت تصدر مرة في كل أسبوع محررة باللغتين العربية والفرنسية، وكانت تهدف إلى تحيق شعارها هو: ((من أجل فرنسا بالعرب، ومن أجل العرب بفرنسا)) اهتمت بقضايا الأهالي الجزائريين مطالبة بحقوقهم، ولكن بأسلوب فيه غير قليل من التملق والضعف والتردد. لم تستمر (المصباح) طويلا في الصدور بسبب عدم رواجها حيث لم يتجاوز عدد المشتركين فيها 1700 مشتركا، مما لم يشجعها فتوقفت عن الظهور في 10 فيفري 1905.
ـ كوكب إفريقيا: بوحي من الإدارة الفرنسية أيضا صدرت كوكب إفريقيا برئاسة تحرير الشيخ "محمد كحول" وأحد الفرنسيين اسمه "لويس بودي"، وكان مدير الجريدة هو "بيير فونتانة" وكانت (الكوكب) تصدر في العاصمة شعارها ((صحيفة أسبوعية سياسية، أدبية، علمية، فلاحية، تجارية، صناعية))، وكانت إدارة الشؤون الأهلية ممولة لها، و تميزت بأسلوب راق و لغة سليمة تيعود الفضل في ذلك لرئيس تحريرها. وكونها كانت موجهة إلى الجزائريين فإن هذه الجريدة كانت تصدر كل يوم جمعة، وقد صدرت في 17 ماي 1907 في أربع صفحات، واستمر صدورها إلى غاية 1914.
ـ الجزائر: كانت أول جريدة شعبية ظهرت في العاصمة كما يقول "أحمد توفيق المدني" أصدرها الكاتب الكبير والفنان "عمر راسم" يوم 27 أكتوبر 1908، ولكنها لم تعمر طويلا حيث صدر منها ثلاثة أعداد، وعطلها الاستعمار وزج بصاحبها في السجن، الذي عرف عنه لهجته الوطنية الحادة، فكان من أهداف الجريدة كما جاء في عددها الأول توعية الشعب الجزائري، وتثقيفه واطلاعه على أسرار السياسة الداخلية والخارجية.
الإسلام: ظهرت أولاً في عنابة سنة 1909، وكانت جريدة أسبوعية أنشأها "عبد العزيز طبيبال" قيل أنه كان متجنسًا وقليل التعلم وفي خدم الإدارة الفرنسية، وكانت تصدر بالفرنسية، ثم تحولت (الإسلام) إلى العاصمة من قبل مؤسسها الحقيقي "الصادق دندان" وهو رجل كاتبًا في إحدى البلديات المختلطة، وكانت الجريدة متأثرة بالصحافة الباريسية، وشارك في تحريرها بعض الكتاب الفرنسيين أيضا، واستمرت بدون انقطاع إلى عشية الحرب العالمية الأولى. وبداية من 26 جويلية 1912 أصدر نسخة باللغة العربية غير أنها كانت معربة عن الأصل الصادر بالفرنسية حرفيا، وكان الذي يقوم بتعريبها هو "عز الدين القلال" التونسي الأصل، أما أهداف الجريدة فكانت الدفاع المطالبة بحقوق المسلمين الجزائريين، واطلاعهم على ما تنشره الصحافة الفرنسية عما يتعلق بقضاياهم السياسية والاقتصادية.
ـ الفاروق: أصدرها "عمر بن قدور الجزائري" في العاصمة بتاريخ 18 فيفري 1913، وتعد أول جريدة وطنية ترتقي إلى مصاف الجرائد المعتبرة وكانت اسلامية وطنية محضة، طالما اهتمت بقضايا المسلمين وحللت واقعهم المرير. كانت جريدة أسبوعية استمرت ثلاث سنوات ثم أوقفتها الإدارة الاستعمارية، ونفوا صاحبها إلى الأغواط مشيًا على قدميه.
ـ ذو الفقار: أصدرها "عمر راسم" سنة 1913، وكان يوقع أسمه باسم "أبو منصور الصنهاجي"، لم يصدر منها سوى ثلاثة أعداد بين أوت 1913 وجوان 1914، وكان "عمر راسم" يقظ الذهن مطلعًا على أحوال العالم، وأدرك هو وزميله "عمر بن قدور" منذئذ ما يحاك لفلسطين والقدس والمخططات الصهيونية في الوطن العربي. وقد نبها إلى ذلك مبكرًا لأن المؤشرات قد ظهرت بعد سقوط السلطان "عبد الحميد الثاني"، وكان "مر راسم" هو الذي يحرر ويخطط جريدته ويطبعها على الحجر.
ـ البريد الجزائري: بعد توقف جريدة (الإسلام) المعربة عن الصدور، قام "محمد عز الدين القلال" بإصدار جريدة خاصة به، سماها (البريد الجزائري) صدر عددها الأول في 28 أوت 1913، وجعل شعارها الآية الكريمة ((واعتصموا بحمل الله جميعا ولا تفرقوا))، وخطة ((مقاومة انحطاط الأخلاق قبل كل شيء)) وعمد "القلال" تحرير جريدته بعبارة بسيطة ولغة واضحة ((بدون أدنى ترصيع ولا تنسيق وحتى لا يحرم من فهمها القاصدون في فنون اللغة العربية))، غير أن الجريدة التي كانت ضعيفة المحتوى، وسرعان ما توقفت عن الصدور إذ لم يظهر منها سوى أربعة أعداد فقط.
المرحلة الثانية (1919 ـ 1939):
نشأت بعد الحرب العالمية الاولى صحف ذات طابع نضالي في أغلبها،بعد ان اكتسب الجزائريون مهارة في فن الصحافة، وزادتهم الحرب تمرسًا واطلاعًا على مجريات الأمور السياسية،كما ظهرت صحف أخرى ظلت على الخط القديم الداعي إلى الاندماج والتقارب بين الجزائريين والفرنسيين،. كما دخل تيار الطرقي (الصوفي) أيضا في ميدان الصحافة، وبظهور الأحزاب والجمعيات تبلورت المواقف وأصبح لكل حزب أو جمعية أو تيار جرائده، وظلت لغة الجرائد عربية أو فرنسية وقل منها المزدوج، كما أن الإدارة الفرنسية استمرت في نشر جرائدها القديمة كالمبشر إلى 1927، أو في دعم جرائد يديرها جزائريون، ومن جانب آخر فإن مسألة شرعية اللغة العربية في الصحافة ظلت قائمة بين الإدارة وأصحاب هذه الصحف، كون القوانين الفرنسية كانت تعتبر اللغة العربية لغة أجنبية في الجزائر ويطبق عليها قانون الصحافة الأجنبية، ولذلك كانت الصحافة المكتوبة بالعربية تعاني اضطهادًا خاصًا خلال هذه المرحلة الثانية سيما تلك التي تبت قضايا وطنية واضحة.
مهما يكن فإن من الجرائد التي ظهرت في هذه الفترة نذكر:
- (النجاح)؛ التي أصدرها الشيخ "عبد الحفيظ بن الهاشمي الطولقي" بمدينة قسنطينة في 1919 وهي أول محاولة لظهور الصحافة العربية بعد الحرب العالمية، كان الشيخ "عبد الحميد بن باديس" من المساهمين في ظهورها، نشأت في البداية كجريدة وطنية أسبوعية، ومنذ جانفي 1930 أصبحت يومية، وقول المؤرخون أنها بعد 1931 تحولت إلى جريدة وموالية للإدارة الفرنسية، وأصبحت تصدر ثلاث مرات في الأسبوع، واستمرت إلى 1956.
- جريدة (الصديق)؛ التي أصدرها "عمر بن قدور" مع "محمد بن بكير" في 12 أوت 1920 وكانت (الصديق) جريدة أسبوعية إلا أنها لم تعمر طويلا، وكان من كتابها "محمد العابد العقبي" و"المولود الزريبي" الذي تولى تحريرها بد من "عمر من قدور" ابتداء من العدد السابع واستمرت حتى سنة 1922.
- سنة 1920 ظهرت جريدة (الإقدام)؛ التي كانت تعبر عن حركة الأمير "خالد" السياسية الوطنية، باللغتين العربية والفرنسية، وكان الأمير هو رئيس تحرير قسمها العربي، وصاحب المقالات والافتتاحيات و(الإقدام) كانت جريدة أسبوعية علمية سياسية اقتصادية، ظلت تصدر إلى 1923 حين حكمت السلطات بنفي الأمير "خالد" من الجزائر، كانت (الإقدام) أول جريدة عربية حادة اللهجة مع الفرنسيين معبرة عن مطالب المسلمين الجزائريين. أما خصوم الأمير "خالد" من أنصار الدكتور "بلقاسم بن التهامي" دعاة التجنيس والادماج، وبإيعاز من الإدارة الاستعمارية أنشأ الأستاذ "صويلح" سنة 1921 جريدة باسم (النصيح) مزدوجة اللغة أسبوعية بالعاصمة، غير أنها كانت ضعيفة المحتوى والاخراج والانتظام، لكنها اختفت قبل نهاية العام. كما أنشأ "ابن التهامي" نفسه في 25 ماي 1923 بالعاصمة جريدة باسم (التقدم) مزدوجة اللغتين وتولى هو تحريرها، وكانت تعبر عن الاتجاه الاندماجي، ثم أصبحت لسان حال حركة يمينية كانت تابعة للحزب الفاشيستي الفرنسي، وكان "ابن التهامي" نفسه قد أصبح عضوًا في هذا الحزب. استمرت هذه الجريدة مدة عشرة سنوات أو تزيد، غير أن نسختها العربية منها توقفت عن الصدور في سنة 1926.
- وفي 2 جانفي 1923 ظهرت صحيفة (لسان الدين) في العاصمة ثم انتقلت إدارتها إلى مستغاتم، وهي تابعة للطريقة العليويّة، وكان محررها الأول هو "حافظ مصطفى"، ثم تولى تحريرها "الحاج عدة بن يوسف" صهر الشيخ "أحمد بن عليوة". واستمرت في الصدور حتى سنة 1939.
أما بخصوص الجرائد الاصلاحية؛ فكانت المبادرة الأولى للشيخ "عبد الحميد بن باديس" مع جريدة:
- (المنتقد) في الثاني من شهر جويلية 1925 بمدينة قسنطينة، والتي دامت أربعة أشهر. وبعد صدور (المنتقد) بأسابيع قليلة برزت للوجود إصلاحية أخرى تحمل شعارًا جريئًا وهو ((الجزائر للجزائريين)) وهو اسم الجريدة (الجزائر) ومكتوبا في وسط هلال، وكان الهلال معنى وطني معروف في تلك الفترة، وكان صاحبها "محمد السعيد الزاهري" وعطلت بعد صدور عدد أو اثنين.
- أصدر الشيخ "ابن باديس" جريدة (الشهاب) في 12 نوفمبر 1925 بعد تعطيل جريدة (المنتقد) واستمرت الشهاب إلى غاية 1939.
- نوفمبر 1925 أصدر "أحمد بن العابد العقبي" بمدينة بسكرة (صدى الصحراء) وذلك بمساهمة كل الشيخ "الطيب العقبي" و"محمد الأمين العمودي" والشاعر "محمد العيد آل خليفة" توقفت على الصدور يوم 29 فيفري 1926، ثم عادت من جديد لظهور في شهر سبتمبر 1934 لكن مخالفة لخطها الإصلاحي الأول ومعادية لجمعية العلماء المسلمين، ويبدو أن عددها العشرين الذي صدر في يوم 12 أكتوبر 1934 هو الأخير.
- أنشأ الشيخ "الطيب العقبي" جريدة (الإصلاح) ببسكرة في شهر سبتمبر 1926، وهي الجريدة التي استمرت إلى غاية 1926، وهي التي ستعود سنة 1940.
- وفي سنة 1933 أصدرت جمعية العلماء المسلمين الجزائرية سنة 1931 صحفها الخاصة وكانت أسبوعية، وهي (الشريعة) سنة 1933 بقسنطينة ولم تعمر سوى واحد وأربعين يوما، (الصراط السوي) بقسنطينة من 1933 إلى 1934، (السنة) سنة 1933 ودامت أربعة أشهر، وأخيرا (البصائر) من 1935 إلى 1939، وهي من أكبر الصحف العربية شهرة وانتشارا ومن أعظمها أهمية لما تركته من أثر عميق في مجرى الحياة الوطنية وجميع نواحيها.
ومن الجرائد التي كانت موالية لحركة الإصلاح والاتجاه الوطني نذكر جريدة (البرق) التي أنشأ "عبد المجيد الرحموني" بقسنطينة في مارس 1927 وكان شعارها ((خدمة الوطن والمصلحة العامة))، وكذلك جريدة (المرصاد) في ديسمبر 1931 لصاحبها "عبابسة الأخضري" وكان صاحب الامتياز هو "محمد جوكلاي" وهو فرنسي اعتنق الإسلام، وكانت هذه الجريدة موالية لجمعية العلماء ومؤيدة لكتلة النواب المنتخبين الجزائريين. وبعد توقفها سنة 1934 خلفتها جريدة (الثبات) التي نولاها أيضا "محمد عبابسة الأخضري". ومن الجرائد المساندة للاتجاه الإصلاحي والوطني والتي ظهرت في هذه الفترة جريدة (أبو العجائب) لصاحبها "محمد العابد الجلالي" الذي أنشأها سنة 1935، وجريدة (الليالي) لصاحبها الشيخ "علي بن سعد القماري" سنة 1936، وقبل ذلك ظهرت جريدة (الحارس) لصاحبها "عبد الرحمن الغريب" سنة 1933 وجريدة (المغرب العربي) التي أسسها "حمزة بوكوشة" في وهران سنة 1937، وجريدة (الدفاع La Défense) لصاحبها "محمد الأمين العمودي" وقد أسسها سنة 1935 وكانت باللغة الفرنسية.
أما من صحف الشيخ "أبي اليقظان" أحد أعضاء الجمعية المؤسسين فهي كالآتي: (المغرب) 1930، (النور) 1931، (البستان) 1933، (النبراس) 1933، (الأمة) 1933، (الفرقان) 1938.
ومن الجرائد التي تقف في الصف لمخالف للعلماء جريدة (الوفاق) التي أنشأها "محمد السعيد الزهري" سنة 1938 في وهران، والذي أصبح ينتقد رجال الجمعية مثل "الإبراهيمي"، و"الميلي". وأيضا جريدة (البلاغ) التي صدرت في مستغانم سنة 1926 التي كان يشرف عليها "محي الدين حدوني"، التي كانت تابعة للطريقة العليوية. جريدة (الإخلاص) سنة 1932التي أنشأ العلماء الطرقيين المنشقين على جمعية العلماء، وهي الجريدة التي كان رئيس تحريرها الشيخ "المولود الحافظي"، ومن جرائد هؤلاء العلماء الطرقيين: جريدة (المعيار) و(الجحيم) سنة 1933. ومن الجرائد أيضا المضادة للعلماء (الرشاد) لصاحبها "عبد القادر القاسمي" سنة 1938.
ومن الصحف الغير معروف نذكر: (الحق) التي ظهرت في بسكرة سنة 1926 لصاحبها "علي بن موسى العقبي"، وأيضا جريدة (صوت الشعب) في العاصمة سنة 1934 لصاحبها "علي بن أحمد التبسي" وكذلك هناك: جريدة (صدى لحراكتة) في أم البواقي لصاحبها "حساني رمضان" سنة 1935.
أما السياسية الإندماجية؛ فإلى جانب جريدة (التقدم) السالفة الذكر هناك جريدة (الوفاق L’entente) التي كان مديرها السياسي الدكتور "محمد الصالح بن جلول" ومحررها هو "فرحات عباس" ومن جرائد هذا الاتجاه جريجة (الميدان) التي ظهرت سنة 1938 في قسنطينة بالعربية وكان رئيس تحرير "محمد الحسن المرزوقي" واستمرت حوالي سنتين. وأنشأ "الزناتي" صحيفة (صوت الأهاليLes voix des humbles ) في قسنطينة سنة 1929.
أما التيار الشيوعي، من جرائده (الكفاح الاجتماعي Lutte sociale) التي كان يشرف عليها الفرنسي "فيكتور سبيلمان" ثم أصدر فرع الحزب الشيوعي الفرنسي في الجزائر جريدة باسم (الباريا Baria) وأخرى بالعربية تسمى (الراية الحمراء) خلال العشرينات، وفي الثلاثينات صدرت جريدة (الجزائر الجمهورية Alger Républicain )
أما التيار الاستقلالي ممثلا في (نجم شمال فريقيا) الذي تأسس في باريس سنة 1926 ووريثه (حزب الشعب الجزائري) الذي تأسس أيضا في باريس 1937، فإن الأول أعاد إصدار جريدة (الإقدام) التي كان يصدرها الأمير "خالد" بعنوانين على التوالي: (الإقدام الباريسي) ثم (الإقدام الشمال أفريقي) وكلاهما لم يعيش طويلا، وكانا بالفرنسية، أما أول جريدة هي (الأمة) التي صدرت بالفرنسية في أكتوبر 1930 بفرنسا، وكان "مصالي الحاج" هو مديرها السياسي، وقد استمر إلى غاية 1939 رغم التعثر. أما حزب الشعب الجزائري فقد أنشأ جريدة بالعربية سنة 1937 سماها (الشعب) وقد اشرف عليها "مفدي زكريا" و"محمد قنانش"، وكان صدورها في العاصمة، ولكن تجربتها كانت قصيرة، ثم أنشأ الحزب جريدة أخرى باسم البرلمان الجزائري في 3 جوان 1939. وكانت تصدر بالعاصمة.
المرحلة الثالثة (1940 ـ 1956):
لقد توقفت كل الصحف الجزائرية أثناء الحرب العالمية الثانية ما عدا جريدة الإصلاح التي عادت إلى الظهور وجريدة (الأمة) لصاحبها "لبا سعيد عدون" التي ظهرت سنة 1940 واستمرت مدة عامين، وجرائد: (يالله) سنة 1939، و(الدليل) (1940 ـ 1941)، و(النصر) 1943. وإن كانت هذه الجرائد جزائرية أنشأ جزائريون لخدمة مصالح المسلمين الجزائريين ولو كانت تلك المصالح في نظرهم في الاندماج والتقارب مع الفرنسيين.
في عام 1944 أنشأت حركة أحباب البيان والحرية جريدة (المساواة Egalité) بالفرنسية، وتوقفت بسبب انتفاضة ثامن ماي 1945، ثم أنشأ "فرحات عباس" بعد تأسسه حزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري جريدة (الجمهورية الجزائرية La République algérienne) سنة 1948، التي كانت تعبر عن فكره السياسي الجديد، أي الابتعاد عن المناداة بالاندماج، وبعد سنة أنشأ جريدة أسبوعية باسم (الوطن) وأسندها إلى السيد "عبد الرحمن رحماني" وهي الجريدة التي استمرت حوالي سنة.
أما الحزب الشيوعي الجزائري فقد أنشأ حوالي سنة 1946جريدة (الجزائر الجديدة) التي استمرت حتى سنة 1957، وكانت تصدر باللغة العربية ونصف شهرية، كما كانت له جريدة (الجزائر الجمهورية)، وكانت تصدر أسبوعيا ثم أصبحت يومية إلى غاية أن أوقفتها السلطات الفرنسية سنة 1957، كان من كتابها من المثقفين المسلمين (الأهالي) والمثقفين الفرنسيين. وقد كتب فيها في بداية حياتهم كل من "محمد ديب" و"كاتب ياسين" و"ألبير كامو"، ... ومن كتابها الجزائريين أيضا "الصادق هجرس" و"البشير حاج علي" و"عبدالحميد الزين". كما أصدر الحزب الشيوعي الجزائري جريدة باسم (الحرية La liberté).
بخصوص حركة انتصار الحريات الديمقراطية التي ظهرت في سنة 1946 فقد أصدر جريدة باللغة الفرنسية باسم (الجزائر الحرة Algérie libre) لكن السلطات الفرنسية صادرتها وهي ما تزال تحت الطبع في عددها الأول، فانتقلت إلى باريس فصدر منها بعض الأعداد لكنها عطلت من جديد، ثم عادت للصدور من جديد بالجزائر مرة أخرى فصدر منها ثلاثة أعداد وعطلت من جديد، كما أصدرت حركة الانتصار جريدة بالعربية باسم (صوت الجزائر) في شهر نوفمبر 1953 بالعاصمة، كان رئيس تحريرها "مصطفى فروحي" النائب المجلس الجزائري، وأحد المركزيين البارزين في الحزب، لكن الجريدة توقفت بعد اندلاع الثورة التحريرية في شهر نوفمبر 1954. وأيضا صدرت للحركة جريدة باسم (صوت الشعب) في 21 أوت 1954 تمثل جناح المصاليين، وكان رئيس تحريرها "مولاي مرباح"، وكانت أسبوعية سياسية تنادي بالطفاح التحريري في جميع الميادين شعارها ((كفاح، نظام، تضحية)) توقفت في 30 أكتوبر 1954.
كما صدرت صحيفتان قريبتان من حزب الشعب الجزائري (حركة الانتصار) هذان الصحيفتان هما: صحيفة (المنار) التي ظهرت سنة 1951 لصاحبها "محمود بوزوزو"، والتي توقفت سنة 1954 بسبب أزمة مالية. أما الصحيفة الثنية فهي (المغرب العربي) لصاحبها "محمد السعيد الزهري" الذي أصدرها سنة 1948، وكانت جريدة أسبوعية ومساندة لحركة الانتصار، ثم اختفت فترة، وعادت إلى الظهور في 17 مارس 1956، ودامت حوالي شهرين، ثم توقفت بعد اغتيال صاحبها في ظروف غامضة.
وأصدر اللجنة الثورية للوحدة التي تأسست في 23 مارس 1954 نشرية باسم (الوطنيLe patriote)، وقيل أن "محمد بوضياف" كان يشرف عليها، وذُكر أن "محمد العيشاوي" مدير مكتب حركة الانتصار في العاصمة هو الذي كان يطبعها.
أما جرائد الثورة الجزائرية فكانت أول جريدة هي جريدة (المقاومة الجزائرية) التي ظهرت في أواخر 1955 في باريس باللغة الفرنسية وطبعت أولا في فرنسا وفي أوائل 1956 طبعت في المغرب. وفي منصف هذه السنة الأخيرة ظهرت طبعة اللغة العربية في تونس، وكانت تدخل للجزائر بطريقة سرية. وبعد انعقاد مؤتمر الصومام تغيير اسم جريدة (المقاومة) إلى اسم (المجاهد) وجعل المؤتمر جبهة التحرير الوطني هي المشرف عليها تحت قيادة لجنة التنسيق والتنفيذ. وصدرت في البداية في العاصمة، ثم بعد خروج لجنة التنسيق إلى الخارج سنة 1957 بعد اضراب فبراير أصبحت تطبع في تطوان بالمغرب. ثم في نوفمبر من نفس السنة قررت لجنة التنسيق والتنفيذ نقل جريدة (المجاهد) من تطوان إلى تونس واستمر حتى الاستقلال 1962. وخلال هذه المرحلة صدرت المجاهد بطبعتين تونسية ومغربية (تطوان ثم الرباط)، وكانت تصدر نصف شهرية، لكنها غير منتظمة، وكانت تصدر في طبعتين فرنسية وعربية، وإذا كان الخط العام واحدا في الطبعتين فإن المحتوى لم يكن دائما طبق الأصل لاختلاف الجمهور في الحالتين، وكان المسؤول على الطبعتين هو "رضا مالك"، بينما كان "محمد الميلي" و"منور مروش" مسؤولين على النسخة العربية، و"فرانز فانون" مسؤولا على النسخة الفرنسية.
وفي هذه الفترة (1940 ـ 1962) أصدرت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين جريدة (البصائر) في سلسلتها الثانية سنة 1947 واستمر (البصائر) في الصدور إلى غاية شهر أفريل 1956، وفي سنة 1952 جريدة باللغة الفرنسية أسمتها (الشاب المسلم) فكانت صورة لما تنشره (البصائر) في المواضيع والاتجاه، وكتب فيها أمثال: "مالك بن نبي" و"عمار أوزقان" و"الشريف ساحلي"، وكانت تصدر نصف شهرية. كما أصدر بعض الجمعية سنة 1949 جريدة شعبية باسم (الشعلة) وكان يشرف عليها الأديب "أحمد رضا حوحو" والشيخ " الصادق حماني" وكانت تكتب بأسلوب ساخر وأحيانا بالدارجة وبنبرة حادة