شارك على لينكد ان
شارك على واتساب
شارك على تلغرام
الطباعة

مكانة الجزائر الدولية و علاقاتها الخارجية

أولا مكانة الجزائر الدولية 

برزت الجزائر بصورة فريدة من نوعها في تاريخ البحر الأبيض المتوسط، و قد أعطى أحد نبلاء فرنسا و هو في طريقه سنة 1619 إلى استنبول في مهمة رسمية انطباعا حيا عن تلك الجاذبية التي كانت المدينة الجزائر في عز قوتها ، فيقول في مدينة الجزائر ، ذلك السوط المسلط على العالم المسيحي ؟ إنما رعب أوروبا، و لجام ايطاليا و إسبانيا و صاحبة الأمر في الجزر ... و إن عجز الأوربيين من النيل من الجزائر بالقنبلة البحرية قد ساعد المدينة على الاحتفاظ بذلك الحمل العجيب الثقيل عليهم المرهق لهم .. أما بالنسبة للحكام الأوروبيين، فإن رؤساء دولة الجزائر ظلوا دائما السادة الأمجاد العظام ... وعاصمتهم المحروسة جدا ودار الجهاد دائما ضد الكفار.

وخلال العصر الحديث تمتعت الحكومة الجزائرية بكل صلاحياتها كدولة ذات سيادة يظهر ذلك من خلال:

1 - ضرب النقود باسمها واتخاذ الأختام الخاصة بها.

2- انفراد الحكومة الجزائرية بحق عقد المعاهدات والاتفاقيات الدولية على اختلاف أنواعها حتى مع الدول المعادية للسلطنة العثمانية بالإضافة إلى البعثات الدبلوماسية.

3 - تمتعها بكامل استقلالها مع أقوى الدول الأوروبية وحتى الولايات المتحدة الأمريكية.

يرى الأستاذ سعد الله انه خلال الفترة الممتدة من 1516 - 1830 " ظهرت إلى الوجود دولة جزائرية تقوم على الوحدة الجغرافية و السياسية و الاقتصادية للبلاد ،  بالإضافة إلى الوحدة الفكرية و الروحية التي قامت منذ الفتح الإسلامي، كما كانت هذه الدولة مؤيدة  من طرف أغلب سكان الجزائر و معززة بجيش پري و أسطول بحري و ذات علم و برلمان و نقد و عاصمة ، و في نفس الوقت كانت الدولة الجزائرية تقاليدها العرفية و الدبلوماسية حسب القانون الدولي المعمول به آنذاك"، و ظهر نوع من الشعور الوطني لدى المواطنين جعلهم يندفعون لتدعيم هذه الدولة الفتية و حماية هذا الوطن العزيز من المسيحيين المتعصبين". 

كما بلغ أسطولها البحري قوة عظيمة بحيث استطاع خلال القرن الثامن عشر إحداث نظام للملاحة في المتوسط يضمن أمن الدولة الجزائرية و بصورة أعم بالنسبة للتجارة الدولية في البحر المتوسط، و هو ما جعل الدول الأوروبية تعمل على إنهاء هذا النظام تحت غطاء القضاء ما كان يسمى «بالقرصنة» التي كانت تمارسها جموع المغامرين الأوروبيين بموافقة دولهم مؤازها لهم، في حين أن العمل الذي كانت تقوم به الجزائر كان أسلوبا دفاعيا لمواجهة المد الاستعماري الذي انطلق منذ القرن الخامس عشر و الذي دخلت الجزائر بمحض إرادتها من اجله ضمن الخلافة العثمانية.

و أمام قوة الدولة الجزائرية كانت الدول الأوروبية تدفع مقابل السلم أو مقابل الحماية أو التبادل التجاري ضرائب باهضة للدولة الجزائرية ، مملكة الصقليين ،مملكة سردينيا ،البرتغال،مملكة طوسكانة ،اسبانيا،النمسا ،انجلترا ،هولندا،هانوفر و بريم الألمانيتان ،السويد و الدانمارك ،فرنسا.

ثانيا الدبلوماسية الجزائرية

قامت الدبلوماسية الجزائرية خلال هذا العصر على مبدأين أساسيين: 

المبدأ الأول : أن كل دولة تعتبر محارية حتى توقع معاهدة صداقة و سلام مع الجزائر.

المبدأ الثاني : أن كل معاهدة لا تعترف بتفوق الجزائر البحري في المتوسط لا يمكن قبولها من طرف الجزائر

ولم يكن الهدف من بناء قوة بحرية في المتوسط الغزو او القرصنة كما تتضمنها كتابات المؤرخين الغربيين، و إنما هو صيانة الأرض الجزائرية عندما اشتدت رغبة المسيحيين في اكتساحها على أيدي المحاربين الاسبان بعدما سقوط غرناطة 1492، و ذلك استمرار لما كان يسمى بالفتح الجديد أو الرکونکستا .

يمكن أن نميز بين نوعين من العلاقات الخارجية للجزائر:

* بعد تكاملي و تعاوني في إطار الخلافة العثمانية .

* بعد عدائي اتجاه الدول الأوربية نظرا للدور الذي كانت تلعبه الجزائر

:ثالثا : العلاقات الخارجية للجزائر

أن مصدر قوة الجزائر في العصر الحديث يعود إلى الوعي الكامل بالخطر الأوروبي المحدق بالدولة، وبالتالي السعي إلى إعداد نفسها لمواجهتها سياسيا وعسكريا واقتصاديا وفعالية موقعها الاستراتيجي أدى بها إلى الاهتمام ببناء قوة عسكرية بحرية وذلك بغرض مواجهة الخصوم. 

ويمكن أن تبين الصورة السياسة الخارجية الجزائر من خلال دراسة العلاقة مع أبرز الدول العالمية في ذلك الوقت :

1- العلاقات مع الدولة العثمانية :

* التعاون المتبادل ودور الخلافة العثمانية في تقديم المساعدات للجزائر في بداية تكوينها .

* تنسيق الجهود لمواجهة الخطر الصليبي .

* دعم الأسطول الجزائري للعثماني في الكثير من المواقف كمعركة ليبانت في 09 أكتوبر 1571

* كانت تبعية الجزائر للخلافة العثمانية اسميا فقط .

2 – العلاقات مع المشرق العربي :

* مساهمة الأسطول الجزائري في صد العدوان الصليبي على المشرق الإسلامي كحملة نابليون على مصر 1798.

* تخصيص جزء من أموال الأوقاف للحرمين الشريفين .

* علاقات تجارية  حيوية متبادلة 

* التواصل الحضاري والثقافي  مع كل الأقطار الإسلامية و مشياخات الخليج.

3 – العلاقات مع المغرب الإسلامي :

نظرا للتقارب الجغرافي ووحدة الدين و اللغة، و المصير المشترك ،عملت الجزائر من خلال أسطولها البحري على تحرير المنطقة (من طرابلس إلى غاية السواحل المغربية ) من الهيمنة الأوربية  ويظهر هدا من خلال دوره في هزيمة البرتغاليين في معركة وادي المخازن ( الملوك ) 04 أوت 1578 ورد الاعتداءات المسيحية على سواحل المغرب اجمالا.

العلاقات مع الدول الأوربية 

العلاقات الجزائرية الاسبانية 

منذ سقوط الأندلس العام 1492 بدأ الاسبان التوسع في الضفة الجنوبية للبحر المتوسط و استطاعوا منذ اوائل القرن الخامس عشر افتكاك سبتة من البرتغاليين و احتلال مليلة عام 1497 ووصلوا حتى طرابلس الغرب ، كما احتلوا مرسى الكبير عام 1505 ووهران عام 1509 و بجاية عام 1510 و فرضوا شروطا على مدن دلس و تنس و مستغانم و الجزائر و اعترفت لهم امارة بني زیان بهذا الاحتلال، ولم يستطع الشعب مواجتهم إلا بالتعاون مع العثمانيين. 

ومنذ أن برز القطر الجزائري كقوة تثير الرهبة و محافظة على أمنه و استقلاله ، اشتدت أطماع الاسبان في أواخر القرن الخامس عشر و السادس عشر الاستغلال ثرواته المعدنية و الزراعية و الحيوانية ، و الكسر شوكته و القضاء على أسطوله القوي و قوته البحرية التي كان يحسب لها في ذلك العهد الزاهر ألف حساب في البحر الأبيض المتوسط. 17

وقد استطاع خير الدين صد هجوم على الجزائر سنة 1541 و قتل في هذا الهجوم أكثر من 3000 جندي اسباني و تحطمت عشرات السفن ، كما أسهمت الرياح في تحطيم الأسطول الاسباني على السواحل الجزائرية ، و كان هذا النصر الكبير أثره على تغير معالم القوة في البحر المتوسط فقد أصبح الأسطول الجزائري خصما عنيدا للقوة الأوروبية .

و لقد شنت اسبانيا على الجزائر 10 غارات كانت الأولى في 31 جويلية 1775 بقيادة «دون پیدرو کستیخو» و الجنرال " أورلي "و چندت لها اسبانيا ما يقارب 25 ألف رجل و أربعمائة وحدة بحرية 

انتهت هذه الحملة يفشل القوات الاسبانية دخول الجزائر مما اضطرها إلى التفاوض مع الداي «محمد عثمان باشا» الذي رفض التفاوض مع الاسبان رغم محاولة السلطان العثماني ، 

حاول الأسبان احتلال الجزائر ثانية يوم 1 أوت 1783 بقيادة « دون انطتيو پارٹیلو» و بالتعاون مع البرتغال الذي شرع في قصف مدينة الجزائر لكن لم يفلحوا للمرة الثانية في احتلال مدينة الجزائر. 

حاول الأسبان للمرة الثالثة احتلال مدينة الجزائر يوم 11 جويلية 1784 بعدة قدرها 130 سفينة كبيرة و تحالف مع فرسان مالطة و نایولي و بمباركة من البابا ، لكن لم يفلحوا في ذلك فقرروا التوقف نهائيا و انتهاج الاسلوب الدبلوماسي في تعاملها مع الجزائر. 

ورغم ذلك لم ترق العلاقات الجزائرية الاسبانية إلى درجة التفاهم رغم تحقيق السلم بينهما دفعت من خلاله أسبانيا للجزائر ما يقارب أربع ملايين دولار في الفترة من عام 1785- 1790 تخللتها  معاهدة مبرمة بين محمد عثمان باشا داني الجزائر و دون کارلوس الثالث ملك اسبانيا يوم 14 جوان 1786 أهم ما جاء فيها :

1- أن تدفع اسبانيا للجزائر 60 ألف دولار كل

2- أن تزود كل قنصل جدید هدايا لا تقل قيمتها عن 42 الف دولار.

3 - أن تتخلى اسبانيا عن كل ادعاء لها في ثلاث مراكب كانت تطالب بها.

4- أن تدفع 30 ألف دولار لوزراء الداي وكبار رجال الدولة.

وعموما كان على الجزائر أن تفرض شروطها على الاسبان حتى لا تعود مرة أخرى ويحاولون الاستيلاء على البلد أو محاربيها، فالعلاقات إذا بين الجزائر واسبانيا كانت سيئة منذ البدء ،و قد أخذت الحروب الاسبانية في إفريقيا صبغة الصليبية الحقيقية نظرا للدور المتميز الذي قام بأدائه رجال الكنيسة و الكهنوت ، قالكنيسة في اسبانيا قد اهتمت بجميع ما لديها من الحماس و الجرأة هذه المعركة ضد الإفريقيين ، بل إنها كانت في أغلب الأحيان تعتبر المعركة بأسرها معركة خاصة بها .

العلاقات الجزائرية الأمريكية 

امتازت العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية بنوع من الفتور وذلك بسبب مواقف الجزائر من بعض القضايا الاقتصادية، وكانت العداوة بين البلدين قائمة خاصة بعد إمضاء معاهدة سلام مع اسبانيا العام 1786.

على أن العلاقات الجزائرية الأمريكية مرت بأربعة مراحل : 

المرحلة الأولى : 1775- 1785

امتازت هذه الفترة يتجاذب بين الدولتين و عدم الاستقرار في المواقف ، فقد كانت أمريكا تحاول مرارا ربط علاقاتها بالجزائر عبر وسطاء أوروبيين و خاصة فرنسا و هولاندا و بريطانيا إلا أن محاولاتها باءت بالفشل فكان إعلان الحرب على أمريكا سنة 1785 إثر قبض الجزائر لسفينتين أمريكيتين و أسر رعايا أمريكيين كانوا على متنهما.

لقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الفترة تعادي الجزائر و تحاول تكوين حلف أوروبي معادي للجزائر هدفه الظاهر إيقاف القوة الجزائرية في البحر المتوسط وشرق الأطلسي و هدفه الباطن السيطرة على البحار ، لكن هذه السياسة باءت بالفشل خاصة بعد إبرام الجزائر معاهدة صلح مع اسبانيا سنة

1785

المرحلة الثانية : 1785 - 1795 

لقد كانت الفترة الممتدة بين 17851795 فترة لا استقرار في العلاقات بين الدولتين ، فقد تباينت المواقف الأمريكية داخل الولايات المتحدة ، فهناك موقفا ينادي بضرورة السلام مع الجزائر لحماية مصالحها في المتوسط، و موقفا ينادي بالعداء و ضرورة محاربة الجزائر ، لكن الموقف الأول كان الغالب و ساهم في توقيع معاهدة سلام و صداقة بين البلدين يوم 5 سبتمبر 1795 وقعها من الجانب الأمريكي جورج واشنطن و من الجانب الجزائري حسن باشا ، و تتكون المعاهدة من 22 يندا أهمها حسن الجوار و حماية السفن الحربية و التجارية الأمريكية في المتوسط و غرب المحيط الأطلسي، كما تنص المعاهدة على تبادل الأسرى و عدم التعرض للرعايا الأمريكيين في كل الأقاليم التابعة للدولة الجزائرية .

المرحلة الثالثة : 1795 - 1815 :

امتازت هذه المرحلة بتوتر كبير في العلاقات بين الدولتين و يعود ذلك إلى تنفيذ معاهدة 1795 و الخاصة بالضريبية و التي كان الاتفاق حول دفعها عتادا حربيا ، لكن الطرف الأمريكي أراد غير ذلك مما أدى إلى إعلان الحرب بين الدولتين حيث وقفت أغلب الدول الأوربية و هي السويد و اسبانيا و انجلترا إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية فكانت حرب 1807.

وكان من نتائج هذه الحرب تدهور العلاقات بين الدولتين بين السلم الهش و التقارب الحذر طابعها الأساسي المصلحة لا الود ولا الإخاء كما جاء في اتفاقية 1795. و بقيت هذه الوضعية حتى سنة 1815 وهو تاريخ إمضاء المعاهدة الجزائرية الأمريكية الثانية . 

المرحلة الرابعة : 1815 - 1830 

امتازت هذه المرحلة بفتور في العلاقة بين الدولتين ولم تدم طويلا ، و من خصائصها تزايد القوة الأوروبية و تقهقر القوة الجزائرية مع عدم مسايرتها النمو العالمي في تلك المرحلة .

العلاقات الجزائرية البريطانية 

لقد كانت العلاقات بين بريطانيا والجزائر أكثر تعقيدا وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى كون بريطانيا قوة بحرية كبيرة في المحيط، ودولة استعمارية تحتل أرجاء العالم، ومن هذا المنطلق كان الصراع بين الأسطولين الجزائري والانجليزي على أشده للوصول إلى الغلبة.لقد كانت السياسية البريطانية تعتمد على مبدأين:

1 - تأمين مصالحها الاقتصادية مع الدول المطلة على البحر و خاصة منها الدول القوية.

2- منافسة فرنسا على سواحل المغرب الإسلامي.

و منه كانت العلاقات الجزائرية الانجليزية وطيدة حيث أكد «دو غرامون» أن : « الانجليز في بداية القرن السادس عشر كانوا يتبادلون تجارة كبيرة مع الجزائر و كانت تلك التجارة متطورة بقدر ما كانت الدول الكاثوليكية عاجزة عن منافستها في هذا المجال.. فكانت الإمدادات العسكرية و البحرية التي كانوا يبيعوها للجزائر مقابل الحبوب و الزيوت و الأصواف

إلا أن التطورات التي حدثت في أوروبا و منها عودة السلم إلى القارة بين الدول التي كانت متناحرة و تطور جو التنافس و القرصنة البحرية أدى بالانجليز إلى دخول معترك التنافس مع الجزائر إذ نجدها رحم كونها أقوى الدول الأوروبية قد شنت هي كذلك العديد من الحملات العسكرية على الجزائر منها حملة 1669 على الجزائر و تخریب مدينة بجاية عام 1671 ،الاعتداءات على مراكب الجزائر في عرض البحر . انتهت بعقد معاهدة يوم 6 أفريل 1682 بين الداي بابا حسن و الملك شارل الثاني حيث تخلت بريطانيا عن 350 وحدة بحرية تجارية و ذلك إثر هزيمة الأسطول الانجليزي. 

و أهم حملة قامت بها بريطانيا كانت يوم 27 أوت 1816 بقيادة اللورد اکسماوث  أين تحالف الانجليز و الهولنديين ضد الجزائر انتهت بعقد معاهدة أهم ما جاء فيها : 

- أن يعامل الأسرى في المستقبل كأسرى وليس كعبيد ويتم  تبادلهم دون فدية

-تحريم استرقاق المسيحيين الأوروبيين تماما في المستقبل.

- إطلاق سراح جميع العبيد المتواجدين في الجزائر بغض النظر عن جنسياتهم.

الحادث المهم الثاني مع الانجليز وقع سنة 1824 حيث قام الأسطول الانجليزي بقصف مدينة الجزائر

يوم 11 جويلية 1824 حيث حاولت بريطانيا فرض شروطها على الجزائر و قد ألغاها الداي حسين من طرف واحد عام 1825 وقام بطرد القنصل البريطاني من الجزائر .

العلاقات الجزائرية الفرنسية 

كانت فرنسا منذ القرن السادس عشر تتمتع في الجزائر بامتيازات تجارية خاصة. فخلال القرنين السادس عشر و بداية القرن السابع عشر دخلت فرنسا و الدولة العثمانية في علاقات تحالف عسكري هدف العثمانيين منه الوقوف في وجه الاسبان و تحطيم القوة البحرية الاسبانية و منع أي تكتل أوروبي ضد الدولة العثمانية تكون فرنسا طرفا فيه .

ونتيجة لهذا التحالف العثماني الفرنسي و الذي دعم باتفاقيات تجارية أعطت الدولة العثمانية للفرنسيين حرية الملاحة في المياه الإقليمية التي تسيطر عليها ، فكانت فرنسا أولى الدول الأوروبية التي حصلت على امتيازات تجارية في الجزائر مما مهد لقيام علاقات دبلوماسية حيث تأسست أول قنصلية فرنسية في الجزائر عام 1580م .

كان هدف فرنسا على إقامة علاقات دبلوماسية مع الجزائر ينبع من رغبتها في استغلال خيراتها الاقتصادية و احتكار استثمار المرجان الذي كان الساحل الجزائري مصدرا هاما له ، و منافسة الاسبان و إحلال محلهم في شمال إفريقيا و بالتالي السيطرة على المناطق الغنية بالثروات الطبيعية ، و استطاعث بفضل هذه العلاقات إنشاء أول شركة « لانش «عام 1561 في عهد الداي حسن بن خير الدين .

في عهد لويس الرابع عشر والذي كان يطمح إلى تأسيس إمبراطورية استعمارية فرنسية فوجه العديد

من الحملات العسكرية ضد الموانئ الجزائرية بين أعوام 1683 - 1688 باءت كلها بالفشل نظرا لوجود أسطول جزائري قوي.

وفي عهد الثورة الفرنسية 1789 تطورت العلاقات حيث اعترفت الجزائر بالجمهورية الفرنسية الجديدة في وقت كانت فيه فرنسا الثورة تحت الحصار الأوروبي ، حيث تكتلت أوروبا للقضاء على الجمهورية عرفت باسم « التكتلات السبعة ، كما أقرضت الجزائر حكومة الثورة في فرنسا مليونا من الفرنكات بدون فائدة سنة 1793 على أن تستعمل فرنسا هذا المبلغ في شراء الحبوب من الجزائر .

في عهد نابليون الأول عادت العلاقات بين البلدين على أحسن ما هي عليه ، و عادت فرنسا إلى امتیازاتها سنة 1801 لكن قنصل نابليون ديبوا ثاتفيل عكر صفو العلاقات و عادت الأزمة إلى ما كانت عليه من قبل، و تفاقمت سنة 1805 و خاصة بعد ما أمضى معاهدة سلام مع روسيا سنة 1807 عرفت معاهدة تلست .

و بعد مؤتمر فيينا عينت فرنسا قنصلا جديدا و هو "بيير دوفال" و عادت العلاقات بين البلدين خاصة بعد حملة الانجليز على الجزائر سنة 1816.

لقد تسارعت الأحداث ما بين 1815 و 1830 ففي الوقت الذي كانت فيه فرنسا تخطط الاحتلال الجزائر من خلال رصد نقاط الضعف و القوة على سواحلها ، كانت الجزائر ترحب بالأعداء و تقدم لهم الامتيازات و المساعدات.

خاتمة 

السمة البارزة لعلاقات الجزائر مع الدول الأوربية هي العدائية بالدرجة الأولى ، ويظهر هذا من خلال الكم الهائل من الحروب و المعارك بين الجزائر و الدول الأوربية ، إلى جانب علاقات سلمية من خلال المبادلات التجارية و عقد اتفاقيات و معاهدات.

و الجزائريون آنذاك ، مهما قيل في درجة وعيهم ، و أوضاعهم الاجتماعية ، و نمط حياتهم .. و سواء كانوا عربا رحلا أو من الحضر .. و سواء كانوا متمسكين بالقديم أو متفتحين على الجديد .. و سواء كانوا متمردين على الحكم المحلي أو خاضعين له .. متفرقين أو متحدين فانهم آمنوا بدولة مستقلة تجمع الشمل و تقاوم التدخل و النفوذ و الاستغلال الأجنبي .