شارك على لينكد ان
شارك على واتساب
شارك على تلغرام
الطباعة

النظام والموارد الاقتصادية

مقدمة :

تميزت الحياة الاقتصادية في الجزائر خلال الفترة الحديثة بالنشاط و الحيوية، وهذا بسبب ازدهار القطاعات الاقتصادية وتنوع الإنتاج ووفرته ،ويعود ذلك الى حالة الاستقرار السياسي الذي شهدته البلاد خلال هذه الفترة، و هذا ما اثر ايجابا على عوائد الخزينة الجزائرية ،فقد وصف الكثير من الرحالة الأجانب أسواق الجزائر بالأسواق الممتلئة بأجود السلع وحركة التبادلات التجارية كثيفة و نشيطة، تأتيها السفن من كل حدب و صوب، فكانت بحق قبلة للنشاط الاقتصادي و التجاري في المتوسط، و كانت موانئها تقدم خدمات متعددة كالإطعام و الصيانة للبحارة و المتعاملين من كل الارجاء. لقد كان الجانب الاقتصادي بمثابة العصب الحيوي لدوره في توجيه العلاقات الخارجية مع أروبالعالmuni فئالالloieاخاخр pourخاçons pour derrièreخال pourخniversaire.

أولا النشاط الزراعي :

غلب النشاط الزراعي على طابع الاقتصاد الجزائري ، بسبب ما تمتعت به الجزائر من مساحات و أراضي زراعية شديدة الخصوبة تدر منتوجات كثيرة ومتنوعة من الخضر والفواكه ،هذا بالإضافة إلى المنتوجات الزراعية الصناعية من قطن وتين وزيت، يذكر وليام شالر في مذكراته إن سهول متيجة تعتبر من أجمل الأراضي وأوسعها في العالم وذلك نظرا لمناخها وخصبتها.

هذه الأراضي تنقسم وفقا لنمط ملكيتها إلى :

-أراضي العرش(ملكية جماعية) : 

-أراضي الملك (ملكية خاصة): وهي ملكية يشغلها أصحابها مباشرة ولا يتوجب عليهم اتجاه الدولة leur être.

-أراضي البايلك ( ملكية الدولة): وهي الأراضي التي تعود ملكيتها للدولة مباشرة ويحق للحكام التصرف فيها، وأغلبها تم إلحاقها بسجل البايلك عن طريق المصادرة والشراء أو حيازتها في حالة الشغور.

- أراضي الحبوس ( ملكية وقفية): وهي الأراضي التي حبست على الأعمال الخيرية والمؤسسات الدينية، فهي محصنة ولا تخضع لنظام الضريبة، وقد انتشرت الأوقاف أواخر العصر الحديث بكثرة قرب المدن الكبرى .

- أراضي الموات: وهي الأراضي التي °كت من دون استغلال أو غير صالحة للفلاحة رغم إمكانية امتلاكهالالانope إانية ششإح.

الإنتاج الزراعي : 

1- زراعــة الحبوب : يأتي القمح على رأس المحاصيل الزراعية في الجزائر خلال الفترة الحديثة، وذلك لأنه يمثل المادة الأساسية لمعيشة السكان ولا نكاد نجد منطقة في السهول والجبال تخلو من زراعة الحبوب، فكانت السهول الممتدة من تلمسان غربا إلى عنابة شرقا مرورا بسهول وهران ومعسكر والشلف مليانة ومتيجة وسطيف وقسنطينة تنتشر فيها زراعة القمح والشعير.

وقد ذكرت المصادر أن القمح الجزائري كان ممتازا وينافس محاصيل الدول الأجنبية في الأسواق العالمية ، يذكر شالر:«وهذا القمع مشهور في الأسواق الايطالية ويفضله التجار على جميع أنواع القمح الآخر بسبب جودته لصنع الماقرونة وغير ذلك من أنواع العجائن»

بالإضافة الى زراعة القمح والشعير فقد انتشرت زراعة الأرز في مليانة على ضفاف وادي مينة قرب مليانة  وفي الشلف ومعسكر ومستغانم، بلغ ما كان ينتج في أواخر القرن الثامن عشرة ستة آلاف صاع، هذا إضافة إلى القطن الذي كان يزرع كذلك في سهول مينا والشلف ومستغانم.

2- زراعة الأشجار: كانت زراعة الأشجار المثمرة منتشرة في المناطق الريفية مثل بلاد القبائل والأوراس ومليانة والأطلس البليدي ومرتفعات تلمسان ،ومن الأنواع التي كانت تغرس:التين، الزيتون، الكروم، التفاح، الأجاص، الجوز، الكرز، الرمان، المشمش، الخوخ الليمون وغيرها .  كما اختصت القليعة بزراعة التوت الأبيض والأسود الذي يستعمل لتغذية دودة الحرير،  وفي الصحراء كانت توجد هناك غابات النخيل التي يزرع في ضلالها مختلف أنواع الحبوب. 

3- زراعات أخرى: كانت هناك مساحات تخصص لزرالol  كما عرفت الزراعة الجزائرية أنواع أخرى مخصصة للزراعات الصناعية والتجارية مثل القطن والتبغ الذي كان يزرع بنواحي عنابة وبعض الواحات الصحراوية مثل واحة واد سوف والتي يتميز تبغها الممزوج بالحشائش الطبيعية بطيب نكهته وإقبال المدخنين عليه، حتى أصبح القنطار منه يباع بما لا يقل عن 20 بوجو كما عرف تبغ أولاد شبلى بمتيجة الوسطى بنوعيته الممتازة حتى عاد من أرقى أنواع التبغ في العالم، ومن جهة أخرى كان الجزائريون يقومون بزراعة الكتان في جهات متعددة وهو من النوع الممتاز حتى أن الديوان كان يرسل منه الهدايا إلى القسطنطينية. 

4- تربيةالمواشي: كان النشاط الرعوي هو القوام الأساسي لمعظم السكان من غير الحضر، إذ كانت الجزائر تتوفر على أعداد ضخمة من الحيوانات كالأغنام والأبقار، الخيل، البغال والحمير.وقد قدرت الإحصاءات الأولى للجيش الفرنسي عدد الحيوانات في السنوات الاولى من الاحتلال كما يلي: 6.850 .205 رأس غنم ، 1.031.783 رأس بقر ، 3,384.90 رأس ماعز ، 213.069 رأس جمل وناقة و 178.864 حمارا و 131.035 حصانا و 109.069 بغلا. 

و يختلف عدد هذه الحيوانات من منطقة إلى أخرى، فالأغنام والجمال مثلا منتشرة بكثرة في الهضاب العليا وعلى مشارف الصحراء، أما الأبقار فتنتشر تربيتها في المناطق التلية وتختص أغلب القبائل في تربية الخيول والبغال والماعز، فمثلا نجد أن سكان السهول اهتموا كثيرا بتربية الخيول على حسب قول حمدان بن عثمان خوجة :« هؤلاء السكان يحبون الخيل حبا جنونيا ولا يفكرون إلا في مضاعفة أعدادها ،وهم يفرقون بين أنواعها ويحفظونها بعناية ... ولكن أحسن الأنواع هي الجياد، فإنها للسباق وللحرب ولا تباع إلا نادرا .» وفرت هذه الحيوانات كميات كبيرة من الصوف والوبر التي كانت تستعمل في صنع الخيام ونسج البرانس والأردية أو تصدر إلى الخارج.

ثانيا :الصناعة والتنظيم الحرفي

1- الصناعة:

     كانت الجزائر تعرف نفس الصناعات اليدوية الموجودة في أوروبا وكانت تسد في أغلبيتها حاجات الإنسان فلم تكن الصناعة متطورة بالمفهوم الحالي، ولكن كانت متقنة الصنع ،وارتكزت على المهن التقليدية والصناعات اليدوية مثل صناعة النسيج، النجارة، الحدادة الصباغة، الجلود، الأواني الخزفية، الأدوات الفخارية، الأحذية، الأثاث، مواد البناء الدباغة، السروج، الصابون، الحلي، الأحجار الكريمة، الزجاج، مواد بناء السفن، الخزف الملح، البنادق، البارود والمدافع وغيرها، هذا إضافة إلى الصناعات التحويلية كتذويب المعادن بالأفران والصناعات الغذائية كعصر الزيتون وتحضير عصير الفواكه والمعجون وتحويل الورود إلى عطور ومطاحن الدقيق التي تسير بالهواء والماء .

وكان سبب ازدهار الصناعات بالجزائر في تلك الفترة هو اتقان أهلها و هجرة الأندلسيين الذين استقروا بالمدن الساحلية، ولعبوا دورا ايجابيا في تحريك العجلة الاقتصادية. 

كانت جل النشاطات الاقتصادية الهامة متمركزة بالمدن الكبرى مثل الجزائر ووهران وتلمسان وقسنطينة وعنابة إلخ...ففي مدينة قسنطينة وجد الفرنسيون 33 مصنع لدباغة الجلود و176 معملا للأحذية و75 لصناعة السروج، وفي تلمسان وجدوا 500  معملا لصناعة النسيج، هذا إضافة إلى مصانع الخشب والجلد والحديد . 

أ- صناعة السفن: اهتم معظم الحكام في الجزائر بصناعة السفن منذ العهود الأولى للعصر الحديث وقد كانت دار صناعة السفن تتلقى كميات كبيرة من الخشب وجميع المعدات اللازمة لبناء السفن وتجهيزها وتسليحها، كما أن أحواض السفن كانت كاملة التجهيز لإصلاح السفن بجميع أنواعها وإحجامها وفي ظل مواصلة الجهاد البحري القائم ضد المسيحيين عرفت الترسانة نشاطا متواصلا رغم الظروف الصعبة التي مرة بها الجزائر فإنها لم تتوقف عملية صناعتها حتى في أسوأ أيام التقهقر. 

ب- صناعة الأسلحة: كانت هذه الصناعة الحيوية تتمثل أساسا في دار النحاس التي يعود إنشاؤها إلى زمن مبكر من تاريخ الإيالة وتشمل صنع البنادق، سبك المدافع، وتحضير البارود.

ج- صناعة مواد البناء: كانت ضواحي العاصمة تضم عددا معتبرا من الأفران المخصصة لصناعة الجير والجبس والأجر والقرميد، وكان الطلب على هذه المواد كثيرا.

د-صناعات أخرى: توجد منشآت عديدة ذات طابع صناعي وهي طواحين الماء والهواء والتي انتشرت في الغالب بالمناطق القريبة من المدن، ويوجد ما يقرب 47 طاحونة على امتداد إقليم دار السلطان منها 19 بفحوص الجزائرو7 بفحوص البليدة، وواحد بفحص شرشال وكانت هذه الطواحين تلبي احتياجات السكان كما يوجد معمل لتكرير السكر بالحامة. 

2- التنظيم الحرفي : تنظم أصحاب الحرف بالمدن الجزائرية على شكل جماعات خاصة( نقابات ) بالحواضر التي نالت شهرة واسعة في مجال النشاط الحرفي، فمثلا نجد حرفي تلمسان وقسنطينة قد انتظموا في جماعات خاصة بهم، والتي يمكن تصنيفها من حيث وظيفتها إلى:

  • جماعات متخصصة منتجة .
  • جماعات متخصصة خدماتية .
  • جماعات متخصصة في المتاجرة والتسويق .

على الرغم من صعوبة التمييز بين هذه الجماعات، إلا أنه تم فرز ما يقرب السبعين جماعة إنتاجية ، من بينها نذكر ما يلي:

  • النجارون: ومهمتهم صناعة الصناديق، الأبواب والنوافذ الخشبية.
  • الحدادون: ويتولون صناعة المحارث والمناجل والألجمة والقوا ديم.
  • الصفارون: وهم الذين يصنعون الأواني النحاسية ويقومون بنقشها .
  • الجلابون: ويختصون بتربية المواشي.
  • الحواكون :ويتولون صناعة الملابس الصوفية والقطنية .
  • الفخارون :ويقومون  بصناعة الأدوات الفخارية ...

ومن بين الخصائص التي تميز بها النظام الحرفي تقسيم العمل إذ كانت الصناعة الواحدة تتفرع إلى عدة جماعات منظمة وكمثال على ذلك صناعة الجلد التي تفرعت إلى عشر جماعات وهي :الدباغون، الرقاقون، الشارلية، البرادعة، البابوجية، البلانجية، الشماقجية، الحلاطجية، التماقون، والخرازون . كما تفرعت صناعة الأسلحة النارية إلى ثلاث جماعات هي القنداقجية، التكجية (المكاحلة) والجقماقجية .

لكن بالرغم من كل هذا إلا أن الصناعة في كل الجزائر لم تشهد تطورا بل ظلت في حالتها الاولى، و هذا بسبب حالة الصدام و العداء مع أوروبا عموما،ثم الاعتماد على غنائم البحر كمورد رئيسي للخزينة. 

ثالثا.التجارة والعملة:

1- التجارة:

إن التجارة في الجزائر، كما هو الشأن في جميع البلدان، نوعان داخلية وخارجية، وتتم الداخلية في الأسواق المحلية أو الجهوية وفي الحوانيت والمعارض السنوية، أما الخارجية فتتم مع أوروبا عن طريق الموانئ ومع إفريقيا عن طريق القوافل......

أ- التجارة الداخلية: ضمت مدينة الجزائر خلال الربع الأخير من القرن السادس عشر حوالي 2000 حانوت موزعة على نحو ستين سوقا. بين صغير وكبير، فضلا عن التجمعات التجارية الجوارية الأصغر حجما، المتواجدة خارج الفضاء المخصص للأسواق، والتي يعرف بعضها بالسوقية وبعضها الأخر بالحوانيت وكان الهدف منها تلبية حاجات السكان دون عناء كثير.

كما كانت منشآت أخرى ذات طابع اقتصادي وتجاري كالفنادق التي كانت تأخذ شكل بنايات كبيرة تشتمل على فناء أو عدة أفنية ومخازن للبضاعة وعدد من الغرف وكان ينزل بها التجار والمسافرون وقد بلغ عدد الفنادق زهاء45 فندقا داخل المدينة وخارجها. كما نشهد استخدام مساحات عامة مكشوفة للأغراض التجارية اشتهرت باسم الرحبة لعل أهمها رحبة الزرع، رحبة الشعير، ورحبة الدواب .

كانت العلاقات التجارية بين الجزائر والمناطق الأخرى للإيالة قائمة عبر شبكة من الطرق الرئيسية والثانوية، إذ عرفت الأولى بالطرق السلطانية والتي كانت تربط بين الجزائر وعواصم البايلك، قسنطينة والمدية ومازونة وقد كانت هذه الطرق تؤمن حركة المبادلات التجارية، وفي الوقت نفسه تنقل موظفي الإدارة والحملات الموجهة لجمع الضرائب.

أما الطرق الثانوية فقد كانت تربط بين الجزائر وأهم مدن وقرى دار السلطان وقد عرفت عناية خاصة من طرف الحكام الذين انشؤوا عليها العديد من الجسور والعيون مما سهل كثيرا تنقل الأفراد، ونقل البضائع من وإلى العاصمة .

وكانت الطرق الأكثر ارتيــادا هي :طريق البليدة، طريق القليعة، وطريق برج سباو  دلس، شرشال، والطريق بين شرشال ومليانة وطريق الجبل الرابطة بين برج الحراش والمدية. 

خضعت النشاطات التجارية لرقابة صارمة من طرف البايلك ففي المدينة أسندت مهام  تنظيم ومراقبة الأسواق إلى المحتسب أو أمين الحسبة المسؤول على مراقبة النشاط التجاري والحرفي عن طريق التأكد من المكاييل والموازين وجودة البضائع والسهر على ثبات الأسعار ومعاقبة المخالفين بالجلد.

ب- التجارةالخارجية:امتدت التجارة إلى خارج الحدود ونشأت علاقات تجارية وثيقة مع بلاد المغرب والمشرق العربيين ومع بلاد السودان وبلدان أوروبا .

أ.التجارة مع بلدان المغرب العربي: عرفت التجارة الجزائرية نشاطا واسعا مع بلدان المغرب بشكل عام، غير أن هذه المبادلات كانت تتم بين واحات الجزائر وواحات تونس بحكم القرب الجغرافي وسيادة الأمن وحركة القوافل اليومية التي كانت تجوب الطرق من قسنطينة إلى واحات واد سوف وتوقرت باتجاه المدن التونسية ، وكانت المواد المصدرة تتمثل في التمور والصوف والجلود المفتوحة والمدبوغة وريش النعام والبتر بينما كانوا يجلبون خاصة الأقمشة المطرزة، وقد قدرت هذه التجارة شهريا بحوالي 500 ألف فرنك وبلغت التجارة التونسية الجزائرية سنويا 06 ملايين فرنك

أما علاقة المبادلات التجارية مع المغرب الأقصى فإنها كانت ضعيفة نسبيا فمعظمها كان يتم بين واد ميزاب والأبيض سيدي الشيخ وتلمسان ووهران من الجانب الجزائري وفاس ومكناس وتيطوان من الجانب المغربي حيث تحمل القوافل الحرير المنسوج والفضة والخردوات وأدوات الزينة ويجلبون منها المواد الجلدية والخيل والجلود.

ب.التجارة الداخلية مع بلاد السودان : كانت للجزائر علاقات تجارية مع بلاد السودان حيث تتولى القبائل التجارة، وأنشئت عدة محطات تجارية عبر الصحراء، فكانت السلع تنتقل من شمال البلاد إلى متليلي ومنها تنتقل إلى قبائل الشعابنة إلى أسواق المنيعة ثم يحملها الثوارق والخنافسة إلى تمبوكتو. وكانت تشمتل المصنوعات الأوروبية  كالزيت وغيره وتستورد التبر وريش النعام وجلود البقر الوحشي والعاج والبخور وغيرها وكان إقليم توات هو المركز التجاري لجميع دول المغرب، ويجتمع جميع القادمين من طرابلس وتونس والجزائر والمغرب والمتجهين إلى بلاد السودان وهناك شبكة كبيرة من الطرق التي تسير عبرها القوافل تربط بين مراكز التجارة .

ج. التجارة مع أوروبا :

كانت الموانئ الجزائرية تصدر المنتوجات المحلية الصناعية والفلاحية للدول الأوروبية  رغم حالة العداء المستمر بين ايالة الجزائر وأغلب الدول الأوروبية، ومن الصادرات الجزائرية نذكر القمع الذي يأتي في المرتبة الأولى لشهرته في الأسواق الأوروبية بسبب جودته في صنع مختلف أنواع العجائن .

و تذكر بعض المصادر أن بكري وبوشناق قد أرسلا إلى فرنسا من سنة 1793 إلى سنة 1794 كمية من الحبوب يقدر ثمنها بحوالي 15 مليون فرنك، وإذا علمنا أن سعر القنطار من القمح كان يتراوح ما بين 20 و30 فرنك عرفنا أن اليهود كانوا يصدرون سنويا إلى فرنسا في هذه الفترة كمية تتراوح ما بين 100 و130 ألف قنطار من القمح هذا إضافة إلى الكميات الكبيرة التي كانت تصدر باسم الوكالة الإفريقية.

هذا إضافة إلى الشموع التي كانت تصدر أيضا إلى فرنسا حيث تذكر المصادر أن مدينة القل هي أكبر منتج لهذه المادة وتبيع وحدها حوالي 400 قنطار سنويا للفرنسيين وحدهم، ومهما يكن فإن الوثائق تثبت بأن المؤسسات الفرنسية ظلت تستورد من الشرق الجزائري سنويا حوالي 880 قنطار من الشموع وأن هذه التجارة لم تتوقف إلا عندما أعلن الحصار على الساحل الجزائري.

ولا ننسى كذلك الصوف الذي كان يشكل مصدر ربح كبير، إذا كانت موانئ الشرق الجزائري تصدر إلى مرسيليا 28 ألف قنطار سنويا وكان هذا مع نهاية القرن الثامن عشر ولكن الفرنسيين قد شرعوا في مستهل القرن التاسع عشر في الاعتناء بتربية الماشية فأصبحت مرسيليا لا تستورد سنة 1817 سوى نصف الكمية.

و من بين الصادرات الجزائرية أيضا الخضر والفواكه والزيت وريش النعام والعسل والعنب المجفف والتين والتمور....الخ.

و لكن ما يجدر بنا الإشارة إليه هو أنه رغم هذا التنوع الكبير لموارد التجارة الخارجية (حبوب شموع، أصواف، زيوت...) إلا أن الأرباح الضخمة التي تدرها كانت تذهب في معظمها إلى التجار اليهود بصفتهم وسطاء تجاريين وإلى كبار الموظفين والضباط الأتراك .

2- العملـة:

كانت العملة المحلية تضرب بدار النقود التي تعرف عادة بدار السكة الواقعة بالقرب من قصر الداي غير بعيدة عن جامع كتشاوة، قبل أن يختار لها الداي علي خوجة سنة 1817 م مقراً جديدا بالقصبة ملحقا بالخزينة العمومية وذلك بعد أن أتم نقل ودائع الخزينة إلى حصن القصبة .

تمتاز عملة الجزائر في هذه الفترة عن غيرها من الفترات بأنها كانت ذات شكل مستدير مع أن نقود أقطار المغرب العربي كان يغلب عليها الشكل المربع لا سيما في عهد الدولة الموحدية.

لقد كان البايلك يتابع عن كثب عملية السك ويحدد كمية وجود المعادن المستعملة، كما كان يراقب وزن مختلف القطع النقدية المسكوكة من الذهب والبرنز والنحاس وهناك أنواع مختلفة من العملة حسب المادة المكونة لها وحسب درجتها نذكر منها :

النقود الذهبية: السكة أو السلطاني ونصف السلطاني أو نصف السكة أو ربع السلطاني أو ربع السكة.

النقود الفضية:ريال بوجو أو بدقة قورده أو قرش الجزائر أو قرش صغير، ربع بوجو، ثمن بوجو، زوج بوجو أو دورو الجزائر، الموزونة، زوج موزونة، بدقة شيك أو ريال درهم، نصف بدقة شيك، الصائمة.

النقود النحاسية: الخروبة، غرامس دراهم صغار، زوج غرامس صغار، الأيسر شيك.

ومهما يكن من أمر فإن النشاط الاقتصادي الذي كان سائدا قد شكل مصادر هامة للخزينة الجزائرية من خلال فرض المستحقات من الضرائب والعشور والغرامات والهدايا والمكوس.

3- النظام الضرائبي

إن عدم الاستقرار المالي الناجم من تراجع الغنائم البحرية في  القرن  18 ولا سيما في  العقود  الثلاثة  الأولى  من  القرن  19 .احدث صعوبة في   التعامل  مع كافة المتطلبات الضرورية للدولة  ، ولذلك سعت  الحكومة  إلى البحث عن مصادر  بديلة  وإيجاد  مداخيل  أخرى  من  التجارة  والفلاحة  وغيرها . فكانت الضرائب أهمها  على  الإطلاق .

لقد أوجد حكام الجزائر نظاما ضريبيا متميزا  بالجمع  بين الضرائب  الشرعية وضرائب أخرى  استحدثوها، واعتبرت  جباية  هذه الضرائب من الأعمال الكبرى للبايلك ومن المهام الأساسية للإدارة والموظفين المحليين، وأصبحت  الضرائب  تمثل المصدر  الرئيسي  والهام  لخزينة  الدولة .

1- أنواع الضرائب

الضرائب الشرعية: و تتمثل في ضرائب أراضي الملك ، الزكاة، العشور، الخراج ،

الضرائب  لزمة اليباشي أو البينباشي، المعونة الخطية

الضرائب المستحدثة:ضيفة متاع دار السلطان ،.......

ضرائب إضافية: حقوق التولية ، ضريبة الفراح،.......

ضرائب استثنائية: خيل الرعية أو الفرس، الكبش ،المصادرات،........

2- طرق جمع وجباية الضرائب:

اعتمد على الحاميات العسكرية أو ما  كان يدعى بالنوبات  في جمع   الضرائب  في  المدن، وهذه  النوبات  كانت  مشكلة  من  الانكشاريين تدعم  كل سنة  ببعض الجنود، وكان على رأس كل نوبة أغا  يساعده نائب وهو  " كايا " و" أودياش " و" بولكباشي " و" وكيل حرج " 

اما في الأرياف فقد ترك النظام الجبائي للبايات والقياد والمسؤولين الحرية في تثبيت الضرائب والرسوم على مناطقهم 

3- دنوش البايلك وموارده : الدنوش وهي المساهمات التي  يقدمها  حكام  البايلكات الثلاثة  إلى  الخزينة  المركزية  وهي  نتائج  الضرائب  وحملات  النهب  المنظم، وكانت هذه الدنوش تقدم من طرف خليفة الباي في فصلي الربيع والخريف وتعرف بالدنوش الصغرى، وأما  التي  يقدمها الباي شخصيا  كل  ثلاثة  سنوات  فتعرف بالدنوش الكبرى، وهي أكبر أهمية  حيث  يقدم  فيها  مردود البايلك عينيا ونقديا إلى مركز السلطة .

4- عوائد النشاط البحري:

لعبت البحرية الجزائرية دورا هاما في تزويد خزينة الدولة بموارد مالية، إذ كانت تؤثر بشكل أو بآخر على الاقتصاد الجزائري خلال فترة الدايات، التي عرفت نوعا من الازدهار في بدايته بفضل ما حققه من ربح وما غنمته من المعارك البحرية، إضافة إلى افتداء الأسرى والإتاوات التي كانت تدفعها الدول الأوروبية إذعانا وخضوعا لسيادة البحرية الجزائرية .

كانت للجزائر علاقات اقتصادية مع مختلف البلدان والمتمثلة في حركة ا

المبادلات التجارية النشطة عبر موانئها الهامة والتي على رأسها ميناء مدينة الجزائر وموانئ الشرق . رغم أن النشاط البحري والحركة الاقتصادية قد ساهما في إثراء الخزينة بموارد مالية معتبرة، إلا أنهما قد شهدا نوعا من التدهور خاصة في القرن 18.

- غنائم النشاط البحري:

شكلت عائدات "الجهاد البحري" أو القرصنة كما يسميها الأوروبيون المصدر الرئيسي لتمويل الخزينة الجزائرية خاصة في عصر ازدهار البحرية الجزائرية سواء في شكل غنائم مباشرة من أموال وسلع أو عن طريق الإتاوات والأسرى، حيث كانت الدولة تحصل على العتاد الحربي ونسبة من الغنائم وفدية الأسرى.

كانت غنائم النشاط البحري تمثل أحد عوائد الخزينة الجزائرية والتي لم تقتصر على السفن التي يتم اغتنامها، بل كانت تخص المواد التي تحملها هذه السفن من مواد غذائية كالقمح والملح والسكر والقهوة وغيرها من المؤن، ومواد أخرى مختلفة من سلع وبضائع كالأخشاب والأشرعة والحبال والصواري التي تساهم في دعم ورشات بناء السفن وتجهيزها إضافة إلى المواد التي كانت الدولة الجزائرية تتلقاها على شكل هدايا وإتاوات وبهذه الطريقة كانت تحصل على العتاد الحربي.

كما شكلت موردا ساهم في الإقتصاد، إذ يذكر الشريف الزهار في مذكراته بقوله: «سنة 1794 خرجت مراكب الجهاد إلى البحر الكبير (المحيط الأطلسي) وغنمت مراكب عديدة محملة بالسكر والقمح وغيرها حتى صار لا يباع ولا يشترى» . وفي سنة 1796 غنم البحارة الجزائريون ثلاثة مراكب يونانية محملة بالفحم.

2.عوائد العلاقات الخارجية :

- الامتيازات والمبادلات التجارية الأجنبية: مثل الشركة الملكية الفرنسية ،و غيرها

-الامتيازات التجارية الأجنبية :مثل ما كان للإنجليز من امتيازات في الغرب الجزائري

-المبادلات التجارية الخارجية :مع بريطانيا و فرنسا و اسبانيا و غيرها 

-الإتاوات والهدايا: دفع معظم الدول الأوروبية إلى إقامة علاقات دبلوماسية معها وإلى كسب مودتها، فقد تعددت الدول التي كانت تدفعها مقابل السماح لها بالتجارة مع الجزائر أو الحماية في المتوسط، ورغم أنها توصف بالهدايا إلا أنها كانت إلزامية وكان عدم دفعها من قبل بعض القناصل يتسبب في سوء العلاقات مع الأيالة أو حتى إعلان الحرب فقد كانت عدة دول أوروبية كفرنسا وانجلترا، البندقية، السويد، الدنمارك والولايات المتحدة الأمريكية تدفع مثل هذه الإتاوات والهدايا

01- سردينيا: أرغمت على دفع 216.000 فرنكا إثر معاهدة 1746م .

02-البندقية: دفعت سنة 1747م إتاوة بقيمة 2200 سكة ذهبية سنويا وفي سنة 1763م ارتفعت الإتاوات المفروضة عليها 50 ألف ريال.

03- فرنسا: كانت تدفع قبل سنة 1790م ما قيمته 37 ألف جنيه فرنسي، وبعدها تعهدت بدفع 108.000 فرنكا، وفي سنة 1816 ألزمت بدفع ما قيمته 200.000 فرنكا. 

04- الولايات المتحدة الأمريكية: دفعت سنة 1795م إثر معاهدة الصلح بين الجزائر وأمريكا ما قيمته 642.500 دولار كفدية لمائة أسير أحياء وكهدايا للحكومة الجزائرية والتزمت الولايات المتحدة الأمريكية بدفع جزية سنوية مقدارها 12.000 سكوين جزائري (أي 21.600 دولار) تدفع في شكل تجهيزات بحرية بالإضافة إلى مبالغ الفدية المنصوص عليها.

05- النمسا: قدرت قيمة الإتاوات التي تدفعها قبل 1807م بـ 200.000 فرنك كما أنها عملت في سنة 1776م على إرسال قرفاطة تحمل 04 مدافع برونزية و48 رطل رصاص وبعد سنة 1816م أصبحت تدفع باستمرار للداي 600 جنيها استرليني كلما تم تجديد القنصل.

06- إسبانيا: بعد توقيعها على هدنة سنة 1791م التزمت بدفع 1800 فرنك وكانت تساهم بما قيمته 48.000 فرنكا سنة 1807م وتعهدت بوصول هدايا من بلاد مدريد إلى الجزائر، ومع كل تجديد قنصلي تصرف أكثر من 05 ملايين بياشير قوي (piestre forte) بالإضافة إلى الهبات المجانية منذ التصديق على الاتفاقية سنة 1772م.

07-الدنمارك: كانت بحاجة ماسة إلى السلم مع الجزائر فكل من السفن التجارية والحربية الدنماركية كانت تحمل كل سنة إتاوة بموجب المعاهدات1749م، 1748م، 1847م والتي اشترط فيها إرسال العتاد الحربي من مدافع وقذائف وبارود، ودفعت سنة 1822 إتاوات بـ 180.000 فرنك كل سنتين.

08- البرتغال: كانت ملزمة بدفع 20.000 فرنك كل سنتين من سنة 1822م .

09- مملكة نابولي: دفعت سنة 1816 م إتاوة بـ 24.000 دورو فضة .

10- النرويج: دفعت سنة 1822م إتاوة بـ 12.000 فرنكا كل سنتين.


11- السويد: نالت السويد امتيازات تجارية بحرية إثر معاهدة 1729م وذلك مقابل دفع 10.000 ريالاً كل عشر سنوات وتدفع للجزائر ما قيمته 15.000 ريالاً عند تنصيب قنصل جديد لها، ودفعت سنة 1822م إتاوات بقيمة 120.000 فرنكا لكل سنتين. 


12- توسكانيا: بعد اتفاقية سنة 1748م أرسل إمبراطور النمسا فرونسوا الثاني الدوق الأكبر لتوسكانيا علبة ألماس وساعة ذهبية، كما سمح للجزائريين وسفنهم بالاحتماء بموانئ توسكانيا في حالة عاصفة أو ملاحقة من طرف الأعداء.

13- هولندا: تعتبر أكثر الدول الجالبة للهدايا والراغبة في نيل رضى الجزائر والتعاون معها ونجد ذلك في اتفاقية 1615م وفي سنة 1746م وصلت 03 سفن هولندية محملة بمختلف المواد والصواري الضخمة وقطع الخشب لبناء السفن والبارود وقطع قماش الأشرعة. 

14- تونس:تدفع للدولة الجزائرية إتاوات لتبعيتها المفروضة عليها، وكانت إتاوتها تتكون من الزيت والصابون السائل والهدايا خاصة الشاشيات التي كانت تقدم لكبار الشخصيات  وتقدر قيمة هذه المواد بحولي 150 ألف جنيه.

قدر وليام سبنسر قيمة ما تدفعه كل من فرنسا وانجلترا وإسبانيا وهولندا في سنة 1816 م بـ 58.000 قطعة نقدية (حوالي 696.000 دولار) وأعطت السويد والدانمارك مدفوعات بمقدار 254.000 دولار وذلك مقابل مجموعة قدرت بـ: 950.000 دولار.