انضمام الجزائر الى الدولة العثمانية
شكل الحوض الغربي للمتوسط منطقة اصطدام بين القوة الإسلامية و الصليبية، و زادت أهمية المنطقة و تحدياتها بعد بروز مطامع " البنيون " للإسبان لكي يقيموا عليه معقلا يضمن حرية تجارتهم ومواصلاتهم البحرية إلا أن هذا المعقل ضيق حرية الجزائريين التجارية في البحر وبقي الحال كذلك ، وقد وقعت مستغانم مع الإسبان معاهدة نصت بصفة خاصة على أن أهل مستغانم و مزغران يلتزمون بدفع الضرائب للإسبان وأن يطلقوا سراح العبيد المسيحيين الذين هم بحوزتهم ،فرديناند الخامس ،فاستغل الجزائريون ذلك الظرف للتخلص من الضريبة التي كانوا يدفعونها للإسبان ، واستنجدوا بالإخوة باربروسة خيرالدين بربروسة ،وحملة برية قادها بنفسه بمساعدة متطوعين من مختلف المناطق، وعندما وصل الجزائر لم يتوقف بها ، بل واصل طريقه نحو شرشال وواجه حاكمها "حسن قارا" وقتله خوف من ان يغدر به ، ثم دخل مدينة الجزائر حيث استقبله سكانها بحفاوة ، ولما كان عروج يستعد لمحاربة الإسبان أحس بأن "سليم التومي" لم يكن مطمئنا لوجوده لأنه ينافسه في الحكم وأخذ يتجسس عليه ، وأدرك نوايا سليم التومي ، فقتله .
وهكذا بدأت الأمور تستتب و تستقر في الجزائر ، إلا
أن وجود العثمانيين في الجزائر أقلق بعض جيرانها مثل حاكم تنس " حميد العيد
" الذي جهز حملة ضد عروج ، إلا أن هدا الأخير أدرك دسائسه فاستدعى خير الدين
من دلس وعهد إليه حكم المدينة في غيابه ، وبادر بالهجوم على خصمه في عقر داره ففر
حميد العيد إلى الجبال ، ودخل عروج تنس في جوان 1517م ، وفيها وصلته وفود من مدينة
تلمسان تستغيث به ضد سلطانها " أبو حمو الثالث " الذي تحالف مع الإسبان
ضد سلطانهم الشرعي أبو زيان ومن ثم توجه نحو مدينة تلمسان ، ولما سمع أبو حمو
الثالث بقدومه فر إلى مدينة وهران واستنجد بالإسبان المتواجدين في وهران ، فجهزوا
حملة ضده وقد تصدى عروج لهم ، إلا أن عدم وصول المدد جعل عروج يعزم على مغادرة
تلمسان ، إلا أن الإسبان قطعوا عليه الطريق وقتلوه قرب " وادي المالح "
سنة 1518 .
أمام هذه الأحداث و المستجدات فقد تأثر خير الدين
بربروسة بداية باستشهاد أخيه الذي أثر على معنوياته سلبا ، إضافة إلى قلة العدد و
العدة ، وظهور طلائع التمرد في بعض المناطق المتحالفة معه بعد وفاة أخيه كتنس و
شرشال وعودة بعض العناصر المعزولة عن الحكم إلى الحكم بتحالف مع الإسبان ، فقرر
ترك مدينة الجزائر إلا أن سكانها طالبوه بالبقاء ،و اصدر علماء الجزائر فتوى تحمل
خير الدين المسؤولية على أي قطرة دم جزائرية تسفك من الاسبان.
إرتباط الجزائر بالدولة العثمانية
إن الحاح سكان مدينة
الجزائر علي خير الدين بالبقاء أثرت في نفسيته، لذلك قرر البقاء بها ، إلا أن حالة
الضعف التي كان بها جعلته يفكر في قوة يحتمي بها و التي تمثلت في الدولة العثمانية
، إذ كان من الطبيعي جدا لمدينة إسلامية مهددة من قبل المسيحيين أن تضع نفسها تحت
حماية الخلافة الإسلامية ، وقبِلَ أهالي مدينة الجزائر باقتراح خير الدين المتمثل
في إلحاق الجزائر بالخلافة العثمانية ، فكتبوا كتابا للسلطان العثماني يخبرونه
بصرف طاعتهم إليه ،كما كتب هو الآخر كتابا للسلطان العثماني يتضمن نفس العرض ،
وأرسل وفد يرأسه " الحاج
حسين "
إلى حضرة السلطان
العثماني " سليم
الأول "
ووجه صحبتهم هدية عظيمة .
فقبل السلطان العثماني
الاقتراح الذي وجهه خير الدين إليه وبذلك دخلت الجزائر تحت لواء الخلافة العثمانية
عام 1518م .