الجزائر أثناء الاحتلال الوندالي
لم يكن احتلال الوندال لبلاد شمال إفريقيا أمرا مفاجئا، بل جاء نتيجة لظروف
شهدتها المنطقة، منها ما تعلق برفض الامارات المستقلة لهذا الاحتلال،
والدليل على ذلك الحملات المتكررة لبعضها مثل إمارة جبال الأوراس، وجرجرة،
والونشريس، وقد رفعت هذه الامارات لواء الحركة الاستقلالية في وجه
الاستعمار الروماني مما جعل من المنطقة تخرج عن السيطرة الرومانية. ومنها
ما تعلق بالوضع الداخلي للامبراطورية الرومانية نفسها وما أصابها من ضعف،
ونظرا لما كانت تنتجه هذه المستعمرات من المنتوجات الغذائية فقد كانت روما
مهتمة بهذه المستعمرات ولا تريد لها الخروج عن طوعها. إلا ان ذلك الضعف
الذي أصاب روما أدى إلى انشقاق كبير بينها وبين مستعمرات شمال إفريقيا.
وبعد الخلاف الذي نشب بين القائدين بونيفاس وإيتيوس وما نجم عنه من خطورة
وضع القائد المتمرد بونيفاس ، لم يجد هذا الأخير سبيلا لإنقاذ نفسه إلا
الاستنجاد بالوندال الذين قبل ملكهم جنسريق هذه الدعوة ولم يترك الفرصة
تفوته وجهز حملة عبر بها مضيق جبل طارق سنة 429م. كان تعداد الحملة
الوندالية التي عبرت مضيق جبل طارق إلى بلاد المغرب القديم ثمانين الف من
الرجال والنساء والأطفال، منهم 15 ألف جندي، وقد وجدت أثار تقدمهم نحو
الشرق في موقع التفافا (أولاد ميمون) قرب تلمسان، حيث انقسموا إلى قسمين:
سلك القسم الأول طريق الداخل باتجاه وادي الشلف، وأخذ القسم الثاني طريق
الساحل. وأثناء زحفهم داخل البلاد تبع ذلك أعمال فظيعة؛ من عبث بالأشجار،
والمزروعات، وحرق الكنائس ، وامعان في تعذيب القساوسة، ورجال الكنيسة،
وتقتيل الشيوخ والأطفال، وهو ما يدل على نية الوندال الغازية وقد كانت
أسوار مدينة تيبازة المحطمة شاهدة على عبور الوندال بها. وتواصل تقدم
الوندال إلى غاية موريتانيا السطايفية عبر وادي الصومام إلى أن وصلوا إلى
نوميديا في ربيع 430م دون أن يصادفوا أمامهم أي مقاومة تذكر ما عدا
المقاومة التي وجدوها عند أسوار قسنطينة، وكذلك كان الحال عند أسوار مدينة
هيبون التي التجأ إليها القائد الروماني بونيفاسيوس بعد أن قررت بلاكيديا
العفو عنه، فطلب من الوندال الرحيل لكن هذا الطلب قوبل بالرفض الأمر الذي
جعله يعتصم بهيبون. استمر الحصار مدة ثلاثة أشهر ولم تفتح هيبون أبوابها
إلا بعد وفاة القديس أغسطين في 28 أوت 430م، ومن ذلك التاريخ أصبحت هيبون
مركز قيادة لقائد الجيش الوندالي جنسريق، واعترفت روما بمملكته في إفريقيا
سنة 435م، والتي كانت حدودها تمتد داخل نوميديا الوسطى والشمالية إضافة إلى
جزء من موريتانيا السطايفية غربا، وجزء من البروقنصلية شرقا. غير أن
جنسريق لم يكتف بتلك الحدود بل استولى على قرطاج عام 439م، وفي سنة 442م تم
اتفاق بين الوندال والرومان على أن يترك جنسريق الأجزاء الغربية من مملكته
في مقابل أن يصبح السيد الأوحد لكل الولايات الشرقية إلى غاية ولاية
طرابلس. بعد وفاة الإمبراطور الروماني فالنتيان عام 455م، انتهز جنسريق ذلك
وضم إلى مملكته أراضي الإمبراطورية الواقعة على الشريط الساحلي
للموريطانيين وبالتالي بلغت حدود المملكة الوندالية على أراضي المغرب
القديم حوالي مائة ألف كم2. وبالاحتلال الوندالي لبلاد المغرب القديم الذي
استمر حوالي قرن من الزمن، تكون الإمبراطورية الرومانية قد فقدت ممتلكاتها
في افريقيا، ولم يخلف الوندال سوى أثار قليلة أهمها عمرانية منها الدينية و
المدنية تركزت بصفة خاصة في الولايات الغربية. الممالك المورية في القرنين
الخامس والسادس الميلاديين: لم يكتب للاحتلال الوندالي لشمال افريقيا أن
يعمر طويلا، ذلك أنه لم يتعد قرنا من الزمن، فبعد سنوات من حكم الملك
الوندالي غونداموند أي بعد سنتي 493 و496 م، ظهرت امارات وممالك مورية تضم
كونفيديراليات قبلية، حمل رؤساؤها لقب ملك أو امبراطور أثناء فترة الحكم
الوندالي لشمال افريقيا. فقد أورد المؤرخ البيزنطي بروكوب أن جبال الاوراس
خرجت عن حكم الوندال وأصبحت تحت حكم المور في نهاية حكم هنريك أي عام
483-484م، وكان صاحب تلك المملكة يدعى ماستياس. امتدت حدود تلك المملكة إلى
غاية منطقة الحضنة إضافة إلى مملكة الاوراس، كما أشارت المصادر إلى وجود
ممالك أخرى نوجزها في ما يلي: - مملكة التافا (أولاد ميمون) قرب تلمسان،
كان رئيسها يدعى ماسونا وكان يلقب نفسه بملك الشعوب المورية والرومان،
ومملكة الونشريس، ومملكة الحضنة ومملكة النمامشة.بالاضافة إلى بعض المماليك
الموزعة على المغرب الأقصى، وتونس، وليبيا. لم يكن احتلال الوندال لبلاد
شمال إفريقيا أمرا مفاجئا، بل جاء نتيجة لظروف شهدتها المنطقة، منها ما
تعلق برفض الامارات المستقلة لهذا الاحتلال، والدليل على ذلك الحملات
المتكررة لبعضها مثل إمارة جبال الأوراس، وجرجرة، والونشريس، وقد رفعت هذه
الامارات لواء الحركة الاستقلالية في وجه الاستعمار الروماني مما جعل من
المنطقة تخرج عن السيطرة الرومانية. ومنها ما تعلق بالوضع الداخلي
للامبراطورية الرومانية نفسها وما أصابها من ضعف، ونظرا لما كانت تنتجه هذه
المستعمرات من المنتوجات الغذائية فقد كانت روما مهتمة بهذه المستعمرات
ولا تريد لها الخروج عن طوعها. إلا ان ذلك الضعف الذي أصاب روما أدى إلى
انشقاق كبير بينها وبين مستعمرات شمال إفريقيا. وبعد الخلاف الذي نشب بين
القائدين بونيفاس وإيتيوس وما نجم عنه من خطورة وضع القائد المتمرد بونيفاس
، لم يجد هذا الأخير سبيلا لإنقاذ نفسه إلا الاستنجاد بالوندال الذين قبل
ملكهم جنسريق هذه الدعوة ولم يترك الفرصة تفوته وجهز حملة عبر بها مضيق جبل
طارق سنة 429م. كان تعداد الحملة الوندالية التي عبرت مضيق جبل طارق إلى
بلاد المغرب القديم ثمانين الف من الرجال والنساء والأطفال، منهم 15 ألف
جندي، وقد وجدت أثار تقدمهم نحو الشرق في موقع التفافا (أولاد ميمون) قرب
تلمسان، حيث انقسموا إلى قسمين: سلك القسم الأول طريق الداخل باتجاه وادي
الشلف، وأخذ القسم الثاني طريق الساحل. وأثناء زحفهم داخل البلاد تبع ذلك
أعمال فظيعة؛ من عبث بالأشجار، والمزروعات، وحرق الكنائس ، وامعان في تعذيب
القساوسة، ورجال الكنيسة، وتقتيل الشيوخ والأطفال، وهو ما يدل على نية
الوندال الغازية وقد كانت أسوار مدينة تيبازة المحطمة شاهدة على عبور
الوندال بها. وتواصل تقدم الوندال إلى غاية موريتانيا السطايفية عبر وادي
الصومام إلى أن وصلوا إلى نوميديا في ربيع 430م دون أن يصادفوا أمامهم أي
مقاومة تذكر ما عدا المقاومة التي وجدوها عند أسوار قسنطينة، وكذلك كان
الحال عند أسوار مدينة هيبون التي التجأ إليها القائد الروماني بونيفاسيوس
بعد أن قررت بلاكيديا العفو عنه، فطلب من الوندال الرحيل لكن هذا الطلب
قوبل بالرفض الأمر الذي جعله يعتصم بهيبون. استمر الحصار مدة ثلاثة أشهر
ولم تفتح هيبون أبوابها إلا بعد وفاة القديس أغسطين في 28 أوت 430م، ومن
ذلك التاريخ أصبحت هيبون مركز قيادة لقائد الجيش الوندالي جنسريق، واعترفت
روما بمملكته في إفريقيا سنة 435م، والتي كانت حدودها تمتد داخل نوميديا
الوسطى والشمالية إضافة إلى جزء من موريتانيا السطايفية غربا، وجزء من
البروقنصلية شرقا. غير أن جنسريق لم يكتف بتلك الحدود بل استولى على قرطاج
عام 439م، وفي سنة 442م تم اتفاق بين الوندال والرومان على أن يترك جنسريق
الأجزاء الغربية من مملكته في مقابل أن يصبح السيد الأوحد لكل الولايات
الشرقية إلى غاية ولاية طرابلس. بعد وفاة الإمبراطور الروماني فالنتيان عام
455م، انتهز جنسريق ذلك وضم إلى مملكته أراضي الإمبراطورية الواقعة على
الشريط الساحلي للموريطانيين وبالتالي بلغت حدود المملكة الوندالية على
أراضي المغرب القديم حوالي مائة ألف كم2. وبالاحتلال الوندالي لبلاد المغرب
القديم الذي استمر حوالي قرن من الزمن، تكون الإمبراطورية الرومانية قد
فقدت ممتلكاتها في افريقيا، ولم يخلف الوندال سوى أثار قليلة أهمها عمرانية
منها الدينية و المدنية تركزت بصفة خاصة في الولايات الغربية. الممالك
المورية في القرنين الخامس والسادس الميلاديين: لم يكتب للاحتلال الوندالي
لشمال افريقيا أن يعمر طويلا، ذلك أنه لم يتعد قرنا من الزمن، فبعد سنوات
من حكم الملك الوندالي غونداموند أي بعد سنتي 493 و496 م، ظهرت امارات
وممالك مورية تضم كونفيديراليات قبلية، حمل رؤساؤها لقب ملك أو امبراطور
أثناء فترة الحكم الوندالي لشمال افريقيا. فقد أورد المؤرخ البيزنطي بروكوب
أن جبال الاوراس خرجت عن حكم الوندال وأصبحت تحت حكم المور في نهاية حكم
هنريك أي عام 483-484م، وكان صاحب تلك المملكة يدعى ماستياس. امتدت حدود
تلك المملكة إلى غاية منطقة الحضنة إضافة إلى مملكة الاوراس، كما أشارت
المصادر إلى وجود ممالك أخرى نوجزها في ما يلي: - مملكة التافا (أولاد
ميمون) قرب تلمسان، كان رئيسها يدعى ماسونا وكان يلقب نفسه بملك الشعوب
المورية والرومان، ومملكة الونشريس، ومملكة الحضنة ومملكة
النمامشة.بالاضافة إلى بعض المماليك الموزعة على المغرب الأقصى، وتونس،
وليبيا.