شارك على لينكد ان
شارك على واتساب
شارك على تلغرام
الطباعة

موقع تيغنيف

وقد قدر عمرها حينذاك بحوالي 700 ألف سنة. وتتميز هذه الفكوك بضخامة بنائها وهي قريبة الشبه بفكوك الانسان الواقف مثل إنسان الصين، ومع ذلك لها من الصفات ما يجعلها تختلف نوعا ما عن هذه الأخيرة مما جعلها تبرز كنوع جديد من الحفريات البشرية، واعتبرت على أنها بقايا عظام اقدم إنسان في شمال أفريقيا ، وقد عثر إلى جانب هذه الفكوك على بقايا حيوانات منقرضة وأدوات حجرية عديدة مصنوعة من الكوارتزيت غير متقنة الصنع، كما عثر إلى جانبها على أدوات من الحجر الجيري ومن صخر الصوان تضم العديد من السواطير والفؤوس اليدوية وهي جميعا تمثل أقدم أنواع الصناعة الإنسانية ( الصناعة الأبيفيلية الأشولية).

وتيغنيف هي إحدى بلديات ولاية معسكر في الغرب الجزائري، تبعد عن مقر الولاية بحوالي 20 كلم وهي محاطة بجبال بني شقران والمناور والبرج بها بركتين طبيعيتين كبيرتين هما العين الكبيرة والعين الصغيرة وهما من أجمل معالم المدينة وقد عرفتا استقطاب الزوار منذ عهد الرستميين والموحدينكما ثبت تجريبيا ان مياه عين رقادة المتواجد مقرها ببلدية تيغنيف هي علاج ناجع لمرضى الكلى ، وترتفع عن مستوى سطح البحر بنحو 500 متر . وأما لغة فإن مصطلح تيغنيفن او تيغنيف يعني باللغة الأمازيغية البركتين،  وقد عرفت البلدة باسم باليكاو  الذي أطلقه عليها الاحتلال الفرنسي نسبة إلى بلدة صينية عرفت بنفس الاسم تحصن  بها الفرنسيون والإنجليز تحت قيادة الجنرال كوزان مونتويان ضد جيش مانشو يوم 21 سبتمبر 1860 بعد خلافات صينية مع التحالف البريطاني الفرنسي. 

وللإشارة، فإن الموقع الاثري لتيغنيف يتربع على مساحة تقارب 35 هكتار مصنف ضمن التراث الثقافي الوطني، ورغم تأريخ المختصين الفرنسيين للعظام والأدوات المكتشفة بحوالي 700 ألف سنة إلا أن باحثين جزائريين يشككون في هذا التاريخ ويرجحون أن تتجاوز البقايا الأثرية لهذا الموقع عتبة واحد مليون سنة.

           وقد أضحت دائرة تغنيف في السنوات الأخيرة قبلة للباحثين ولعلماء  الآثار محليين وأجانب لمواصلة التنقيب في الموقع،  وتدخل هذه العملية في إطار الجهد الذي يبذله المختصون والهادف الى اعادة النظر في دراسات ماقبل التاريخ بمنهجية حديثة وعلمية متعددة التخصصات ، ويندرج هذا النشاط في برنامج المركز الوطني في بحوث ما قبل التاريخ وعلم الانسان والتاريخ ، وقد توصلت البعثات المتخصصة المتوالية على الموقع إلى اكتشاف هياكل عظمية بشرية وأخرى تعود لحيوانات منقرضة، ولعل أبرز هذه الفرق فرقة من الباحثين ترأسها الأستاذ سحنوني محمد وضمت 24 باحثا في مختلف  التخصصات من بينهم أربعة باحثين أجانب من جنسية إسبانية، اقتصرت مهمتهم على اخذ عينات من الموقع قصد تأريخها من جديد باستعمال التقنيات الحديثة المتبعة في هذا المجال، وقد أمضت هذه الفرقة بالموقع زهاء ثلاثة أسابيع من اعمال الحفر والتنقيب و التحري عما يختزنه الموقع الاثري من مستحثات خلفها انسان تغنيف الذي عاش في المنطقة في العصر الحجري القديم الأسفل.

    والجدير بالذكر إلى أن هذه المهمة تعتبر الثانية لذات الفريق بعد الاولى التي كانت في شهر مارس من سنة 2013م والتي مكنت الباحثين من العثور على عدد من المستحثات الحيوانية والأدوات الحجرية بدت قليلة الثراء مما استوجب دعمها بعملية ثانية توجت هي الأخرى بالعثور في القسم الشمالي من الموقع على مئات من البقايا العظمية والمصنوعات الحجرية المستعملة من طرف الإنسان القديم وهياكل للحيوانات كالفيل، وفرس النهر، ووحيد القرن، والحصان الوحشي، ومجموعة عظام لحيوانات آكلات اللحوم، والبقريات، والزرافة، والغزلان، وحيوانات مائية انقرضت ولم يعد لها وجود في عصرنا  الحاضر، وقد توصل المنقبون الى اكتشاف يعد الأول من نوعه في هذا الموقع تمثل في العثور على المستحثات الحيوانية جنبا إلى جنب مع الأدوات الحجرية وهو اكتشاف يوحي حسب المختصين إلى وجود علاقة بين الانسان الذي سكن المنطقة وأدواته وبقايا غذائه . 

      واستنادا إلى هذه المستجدات فقد شكك رئيس الفريق العلمي في التاريخ المتداول عن الموقع المقدر سابقا بحوالي 700 الف سنة ولم يستبعد فرضية إعادة تاريخ موقع انسان تغنيف الى حوالي 900 الف سنة او مليون سنة. 

      وقد جاء إعلان مدير المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ الأستاذ سليمان حاشي يوم الخميس 25/ 09/ 2014 م بموقع تيغنيف (معسكر) عن عثور باحثين تابعين للمركز و هيئات علمية على بقايا حيوانات وأدوات بموقع رجل تيغنيف القديم ليؤكد ما توصل اليه الفريق العلمي برئاسة الاستاذ سحنوني محمد من نتائج وأن هذه البقايا الأثرية يمكن أن تعود لقرابة واحد مليون سنة.