شارك على لينكد ان
شارك على واتساب
شارك على تلغرام
الطباعة

الحضارة الوهرانية (الإبيرومغربية)

.يعود الفضل في اكتشاف هذه الصناعة الميكروليتية ذات الظهر المصفح الى بول بلاري (P.Pallary) سنة 1919م بموقع المويلح قرب مدينة مغنية بالغرب الجزائري، وتعود تسميتها بالإبيرومغربية إلى اعتقاد هذا الباحث بوجود علاقات بشرية بين الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط وتحديدا المنطقة الجغرافية لوهران وشبه الجزيرة الإبيرية في هذه الفترة،  مما رجح قدوم هذه الصناعة من شبه الجزيرة الإبيرية، غير أنه اتضح فيما بعد أن هذه الحضارة هي محلية الصنع ولا علاقة لها إطلاقا بشبه جزيرة إبيريا، كما أن دراسات الباحث الفرنسي فوفري وتحرياته التي قام بها في عدة مواقع بالجزائر جعلته يفضل تسميتها بالحضارة الوهرانية نسبة إلى الإقليم الجغرافي الدي اكتشفت فيه، إلا أن هناك من الباحثين من يرى في استعمال هذا المصطلح نوع من التقزيم لهذه الحضارة، وتقييد لمجالها الجغرافي الذي اتضح في ما بعد أنه امتد على طول الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط من خليج قابس بتونس الى شواطئ المحيط الأطلسي. ورغم عدم دقة التسمية الأولى المتمثلة في مصطلح الإبيرومغربية إلا أن تداولها بين الباحثين في البدايات الأولى لاكتشافها جعلها تنتشر بسرعة وتطغى على الوهرانية، فدرج الباحثون على استعمالها مما أدى إلى ترسخها أكثر في الأوساط العلمية. 1100 ±400 سنة قبل الميلاد إلى حوالي 5000 سنة قبل الميلاد.

وتتميز الصناعة الابيرومغربية بكثرة الشفرات الصغيرة المهذبة الحافة بواسطة التنقيحات القوية، وبدون شك فهي عبارة عن تقنية عامة طبقت في الادوات ذات الاستعمالات المختلفة، كما يغلب على هذه  الأدوات الميكروليتية الطابع الهندسي، وغلبة النصال الصغيرة إلى جانب بعض الأدوات الكبيرة التي غالبا ما ترافقها، كما يسجل حضور صناعة النواة الحجرية الصغيرة ذات النماذج المختلفة والتي طبقت عليها نفس التقنية الصناعية. وتتمثل الأدوات الابيرومغربية في المكاشط القصيرة والسميكة في نفس الوقت والتي كثيرا ما يتم صناعتها من النوى الحجرية الصغيرة، أما الأزاميل فهي بسيطة ونادرة. وتعد صناعة العظام أكثر تنوعا في الحضارة الإبيرومغربية من الأدوات الحجرية فقد صنع  هؤلاء الأقوام من البشر الذين ينسبون الى نوع إنسان مشتى العربي - الذي عثر على العديد من بقايا هياكله العظمية في مقابر جماعية في موقعي كلومناطة وأفالو بورمل - من العظام السكاكين، والمحكات، والدبابيس، والخطافات، والرماح. ويعد السكين الشيء الأكثر تميزا في هذه الادوات فهو متطاول الشكل ومسطح، له حافة مستقيمة، وقاعدة مستديرة. هذا بالإضافة إلى الإبر العظمية البسيطة، وعدد كبير من أدوات الزينة تمثلت في القواقع التي تزينها في الغالب مواد معدنية ملونة. وتقسم الأدوات العظمية من حيث أوجه نهاياتها إلى ثلاث مجموعات رئيسية هي:

-أدوات ثاقبة ذات نهاية حادة .

- أدوات مثلمة ذات نهاية ملساء أو دائرية .

-أدوات قاطعة ذات حد مائل.

 وعن صناع هذه الحضارة يرى بعض الباحثين أنهم أحفاد المغاربة ما قبل الانسان العاقل، في حين يرى البعض الآخر أنهم  جاءوا إلى هذه المنطقة من بلاد الشرق الأوسط. وهم أقوام يغلب عليهم طابع الاستقرار أكثر من الترحال، احترفوا القنص وجمع القواقع الحلزونية.