شارك على لينكد ان
شارك على واتساب
شارك على تلغرام
الطباعة

الحضارة الموستيرية

وإذا كان مكان نشأة هذه الحضارة غير واضح عند الباحثين فإن فلير يرى أنها نشأت في أواسط آسيا حيث ظهرت أدوات يمكن أن نسميها ما قبل الموستيرية حملها أصحابها النياندرتاليون معهم في هجراتهم إلى أوربا من جهة وإلى افريقيا عن طريق منطقة السهوب الاسيوية من جهة ثانية.  ويعود ظهور الحضارة الموستيرية في أوربا إلى حوالي 200 ألف سنة قبل الميلاد في بعض المناطق، واستمرت إلى غاية 40 ألف سنة، فهي بذلك تغطي كامل العصر الحجري القديم  الأوسط، في حين يرجع الباحثون انتشارها في شمال إفريقيا إلى ما بين 80.000 و 50.000 سنة قبل وقتنا الحاضر. ويمكن حصر أدواتها المصنعة من الشظايا الصوانية الدقيقة المشذبة والمدببة الأطراف، في مختلف الإستخدامات اليومية كالسكاكين، والمحكات، والمكاشط ذات الحافة، والأدوات المسننة، وانتشرت هذه الصناعة في كامل أفريقيا الشمالية والصحراء. 

   وأما من الناحية الأنثربولوجية فقد  حدث تطور كبير في هذه الفترة،  حيث ظهر أنسان نياندرتال الذي يعتبره المختصون أقدم أجداد الإنسان الحالي. لقد وسع هذا الكائن البشري دائرة انتشاره لتشمل مناطق واسعة من العالم حيث بلغ مناطق شمال أوربا وشرق آسيا ومناطق مجاورة للمناطق الاستوائية في أفريقيا لم يدخلها أحد قبله، حقق فيها تقدما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي معتمدا على تراث سابقيه ومضيفا إليه الانجاز تلو الآخر الى أن أصبح أكثر تطورا.

 أما حضاريا فإن هذه الفترة في شمال إفريقيا بدت للباحثين غير واضحة المعالم حيث لم يتوصلوا إلى  التعرف عليها بشكل جيد وأن أهم ما يميزها خصوصا أدواتها البسيطة التي تتضمن الشظايا، والتي تشبه في مظهرها العام الموستيرية الأوروبية. وقد ساد الاعتقاد لدى العديد من الباحثين بعدم وجود مثل هذه الحضارة في بلاد المغرب لكونها لا تختلف كثيرا عن الحضارة العاترية، وعلى الرغم من قلة مواقعها في الصحراء التي من بينها موقع قرب "إنيكير"، وموقع آخر في "تين تمات" في الهقار، أما في الطاسيلي فقد وجدت في "تين هناكتن" و"تيوريرين"، كما وجدت في الصحراء الشمالية قرب غرداية وفي متليلي. فإن ما تضمنه موقع واحة بريزينة في شمال الأطلس الصحراوي من مستويين حضاريين متميزين تفصل بينهما طبقة من الرمال الخشنة والحصباء. تكشف محتويات المستوى السفلي عن صناعة شظية خشنة ذات تقنية "لافلوازية" وحجارة مشذبة، بينما تضمن المستوى العلوي بقابا صناعة عاترية، وإن دل هذا على شيء فإنما  يدل على التتابع الحضاري في الجزائر وغناه. والجدير بالذكر ان الفضل في التمييز بين الحضارتين يرجع الى الباحث ب أستورج .

 

أدوات حجرية موستيرية