شارك على لينكد ان
شارك على واتساب
شارك على تلغرام
الطباعة

تطور الجيش الوطني الشعبي بعد 1962

الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير:

 رصيد تاريخي حافل:

 لقد كانت مجازر 8 ماي 1945، التي أودت بحياة 45 ألف جزائري، نقطة التحول الجذري في أساليب النضال الوطني لدى الحركة الوطنية ولدى الرأي العام الذي أصبح يطالب بالعمل المسلح لطرد المحتل واستعادة السيادة.

كما كان لمنطق القمع الوحشي الذي جابهت به فرنسا المظاهرات السلمية للجزائريين أثرا سلبيا عليها وعلى سياستها الداخلية، فبدلا من تحقيق هدفها المتمثل في إرهاب الرأي العام الجزائري، فإن ذلك زاد من تآزر مختلف فئات المجتمع، مما أدى إلى تحول نفسي وسياسي عميق تُرْجِمَ في انتشار ديناميكية ثورية جعلت من العمل المسلح قناعة غير قابلة للتفاوض.

في هذا الجو المشحون، توسّعت الهوّة بين الشعب الجزائري وسلطة الاحتلال، وعمّ الوعي السياسي بين مختلف شرائح المجتمع المقهورة، وقد تمخّض عن هذا الوعي "طاقة ثورية جديدة كانت لها القدرة على بلورة التحولات من منظور استراتيجي وتكتيكي وليس من باب الصدفة...".

هذه الطاقة الثورية الجديدة، جسدها التيار الثوري في حزب الشعب الداعي للعمل المسلح من منطلق كون الظروف مواتية لإعلان الثورة بعد إنشاء منظمة عسكرية تضطلع بتكوين الإطارات العسكرية وتوفير الأسلحة والذخيرة، وبالفعل، استطاع هذا التيار فرض أولوية إنشاء المنظمة الخاصة المكلفة بالتحضير للعمل المسلح في مؤتمر فيفري 1947.

 وبالرغم من اكتشافها في سنة 1950، فقد استطاعت المنظمة وفي ظرف وجيز أن تهيء الأرضية للعمل المسلح من خلال التشكيلات العسكرية التي أنشأتها ومن خلال الوصول بفكرة العمل الثوري إلى نقطة اللارجوع.

ميلاد جيــــــش التحريـــــر الوطــــــني:

تمكّنت سلطات الاحتلال من تفكيك المنظمة الخاصة، حيث ألقي بالكثير من أفرادها في السجون، ولجأ الكثيرون منهم إلى التخفي ومتابعة العمل السري، مع الإشارة إلى أن هياكل المنظمة بالأوراس لم تطلها عملية التفكيك، ورغم المضايقات والقمع الممارس من طرف الإحتلال على المناضلين، فإن ذلك لم يمنعهم من النشاط ومواصلة مشروع الكفاح المسلح الذي أُجهض في بدايته، وفي هذا المنظور ظهرت اللجنة الثورية للوحدة والعمل التي حاولت لم شمل المناضلين وتوحيد صفوفهم ومواقفهم، ثم توسعت هذه اللجنة إلى لجنة 22 التاريخية التي قررت انطلاق الثورة في يوم الفاتح من نوفمبر 1954، تحت لواء جبهة التحرير الوطني وذراعها العسكري الذي أطلق عليه اسم جيش التحرير الوطني.

مشاركة الجيش الوطني الشعبي في الحروب العربية الإسرائيلية

 


 

تحوير جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي:

بعد 19 مارس 1962، تاريخ وقف إطلاق النار، واصل جيش التحرير الوطني مهمته في مواجهة خطر المنظمة العسكرية السرية OAS الإجرامية، والتكفل بالوضع المأساوي الذي كانت تعيشه البلاد على مختلف الأصعدة: اجتماعيا واقتصاديا وإداريا وصحيا، بالإضافة إلى المهمة التقليدية المتمثلة في الدفاع عن السيادة الوطنية ووحدة البلاد.

في مؤتمر طرابلس أواخر ماي 1962، كانت فكرة تحوير جيش التحرير الوطني مدرجة ضمن أشغال المؤتمر، وقد تضمّن ملحق برنامج طرابلس توجيهات المجلس الوطني للثورة الجزائرية المتعلقة بتحديد كيفيات وظروف تحوير جيش التحرير الوطني إلى "جيش وطني، جيش شعبي حقيقي للجزائر المستقلة"، مع التأكيد على أن مهمة الدفاع والأمن الوطنيين يضطلع بها الجيش والشعب.

ابتداءً من شهر أوت 1962، اعْتُمِدَتْ تسمية الجيش الوطني الشعبي بصفة رسمية، وشُرِعَ في عملية التحوير وفقا لتوجيهات مؤتمر طرابلس والمتمثلة فيما يلي:

  • الجيش وطني وشعبي؛

  • مهمته هي الدفاع عن الإستقلال الوطني وسلامة التراب الوطني؛

  • يشارك في عمليات البناء والتشييد، من خلال الإضطلاع بمهام اقتصادية واجتماعية؛

  • الدفاع الوطني يتكفل به الشعب والجيش معًا؛

  • جيش التحرير الوطني يُشَكِل النواة الأولى التي يبنى عليها الجيش الوطني الشعبي.

إضافة إلى التوجيهات التي أقرها المجلس الوطني للثورة الجزائرية، وقعت أحداث كان لها تأثير فعّال في عملية الإسراع في تطوير وتوسيع مهام الجيش الوطني الشعبي خلال السنوات الأولى للإستقلال، على غرار حرب الرمال سنة 1963، والمشاركة في الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1967، والدّور الطلائعي للجزائر في العالم الثالث، لاسيما على المستويين الإفريقي والعربي.

مشاركة الجيش الوطني الشعبي في الحروب العربية الإسرائيلية

 

الطابع الجمهوري للجيش الوطني الشعبي:

يعتبر الدستور القانون الأسمى للدولة، وهو يشكّل المرجعية القانونية التي يستند عليها الجيش الوطني الشعبي ويلتزم بها نصاً وروحاً في تأدية مهامه، وقد بَرهن بذلك أنه جيش جمهوري ثابت العهد والوفاء لمبادئه، ودائم الإخلاص لهذا الوطن وشعبه.

لقد حدّد دستور 08 سبتمبر 1963، أوّل دساتير الجمهورية الجزائرية، مهام الجيش الوطني الشعبي، حيث نصّت المادة 08 منه: "الجيش الوطني جيش شعبي، وهو في خدمة الشعب وتحت تصرف الحكومة بحكم وفائه لتقاليد الكفاح من أجل التحرير الوطني. وهو يتولى الدفاع عن أراضي الجمهورية ويسهم في مناحي النشاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد في نطاق الحزب". 

وقد كرّس دستور 19 نوفمبر 1976 نفس المهام المخوّلة للجيش الوطني الشعبي في دستور 1963، حيث جاء في نصّ المادة 82 منه: "تتمثّل المهمّة الدّائمة للجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التّحرير الوطني ودِرع الثورة، في المحافظة على استقلال الوطن وسيادته، والقيام بتأمين الدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد وسلامتها، وحماية مجالها الجوي ومساحتها الترابية ومياهها الإقليمية وجرفها القارّي ومنطقتها الاقتصادية الخاصة بها. يساهم الجيش الوطني الشعبي، باعتباره أداة الثورة، في تنمية البلاد وتشييد الاشتراكية".

خلال تلك المرحلة، كان الجيش الوطني الشعبي وفيّاً لمهامه الدستورية وطابعه الجمهوري، حيث سجّل حضوره في شتّى المجالات الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.

 

I:\المراسلات\000\11 déc. 2013\زيارة مفتش الإيصال و الإعلام و التوجيه ودو\اليوم الأول 15 03 2021\DSC_0299.JPG

 مشاركة الجيش الوطني الشعبي في مسيرة البناء والتشييد

 

في أواخر الثمانينات من القرن العشرين، شرعت الجزائر في إصلاحات سياسية شاملة، جاءت كنتيجة حتميّة للتحوّلات المتسارعة التي عرفها العالم بعد نهاية نظام الثنائية القطبية، فواكبت تلك التحولات العالمية، بتبني في 23 فيفري 1989، ثالث دساتير الجمهورية الجزائرية، الذي كرّس النهج الديمقراطي وأعاد النظر في العلاقة بين مؤسسات الدولة، وحدّد مهام الجيش الوطني الشعبي في الوظائف التقليدية المتمثلة في الدفاع عن الوحدة الوطنية وسلامة التراب الوطني، حيث نصت المادة 24 منه: " تنتظم الطاقة الدفاعية للأمة، ودعمها، وتطويرها، حول الجيش الوطني الشعبي. تتمثل المهمة الدائمة للجيش الوطني الشعبي في المحافظة على الاستقلال الوطني، والدفاع عن السيادة الوطنية، كما يضطلع بالدفاع عن وحدة البلاد، وسلامتها الترابية، وحماية مجالها البري والجوي، ومختلف مناطق أملاكها البحرية". وحرصا منه على الحفاظ على انسجامه ووحدة صفوفه، التزم الجيش الوطني الشعبي بالحياد والانسحاب من الممارسة السياسية والحزبية، وزكّى الإصلاحات الرامية إلى تجسيد المسار الديمقراطي.

 شهدت الجزائر بداية التسعينات أعمال عنف دموية وتخريب من طرف جماعات إرهابية، وهو ما شكّل تهديدا صريحا على أمن البلاد واستقرارها ووحدتها وسيادتها الوطنية، مما استدعى تدخل الجيش الوطني الشعبي طبقا للمهام التي خوّلها له دستور 1989 والتي أكدها دستور 28 نوفمبر 1996 في المادة 25 منه.

لقد اضطلع الجيش الوطني الشعبي خلال مسيرته بما أوكل له من مهام، وتحمل مسؤولياته وفقا للدستور، وهو ما جعله محل إشادة وتقدير. وتثمينا لهذه الجهود الجبارة، خصص له حيز هام ضمن ديباجة التعديل الدستوري لسنة 2016 تضمنت ما يلي: "إنّ ‬الجيش الوطني ‬الشعبي ‬سليل جيش التحرير الوطني ‬يتولى مهامه الدستورية بروح الالتزام المثالي ‬والاستعداد البطولي ‬على التضحية كلما تطلب الواجب الوطني ‬منه ذلك. ويعتز الشعب الجزائري ‬بجيشه الوطني ‬الشعبي ‬ويدين له بالعرفان على ما بذله في ‬سبيل الحفاظ على البلاد من كل خطر أجنبي ‬وعلى مساهمته الجوهرية في ‬حماية المواطنين والمؤسسات والممتلكات من آفة الإرهاب، ‬وهو ما ساهم في ‬تعزيز اللحمة الوطنية وفي ‬ترسيخ روح التضامن بين الجيش وشعبه. تسهر الدولة على احترافية الجيش الوطني ‬الشعبي ‬وعلى عصرنته بالصورة التي ‬تجعله ‬يمتلك القدرات المطلوبة للحفاظ على الإستقلال الوطني، ‬والدفاع عن السيادة الوطنية، ‬ووحدة البلاد وحرمتها الترابية، ‬وحماية مجالها البري ‬والجوي ‬والبحري‬".‬‬‬‬‬

احترم الجيش الوطني الشعبي إرادة الشعب الجزائري المعبّر عنها من خلال المطالب التي نادي بها في حراكه المبارك الأصيل الذي انطلق في 22 فيفري 2019، وأفضى إلى تنظيم انتخابات رئاسية اختار فيها الشعب رئيسه بكل نزاهة.

 بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر 2019، تم إجراء تعديل دستوري استفتى عليه الشعب في الفاتح من نوفمبر 2020، والذي تضمّن في المادة 30 منه المهمة الدائمة للجيش الوطني الشعبي في المحافظة على الاستقلال الوطني، والدفاع عن السيادة الوطنية ووحدة البلاد، وسلامتها الترابية، وحماية مجالها البري والجوي والبحري، وكذا الدفاع عن مصالحها الحيوية والإستراتيجية. كما تضمن أيضا مهام جديدة أوكلت للجيش الوطني الشعبي، طبقا لأحكام المادتين 31 و91 منه، وهي إمكانية مشاركة وحدات منه في عمليات حفظ السلم خارج الوطن، في إطار احترام مبادئ وأهداف الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، وذلك بعد موافقة البرلمان بأغلبية ثلثي (2/3) أعضاء كل غرفة من غرفتي البرلمان.

إن الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، بطابعه الجمهوري، دائم الاستعداد للدفاع عن حدود الوطن وحماية وحدته الترابية، وفقا لمهامه الدستورية، مستمدا قوته من إرادة الشعب.

 

 

الجيش الوطني الشعبي مهام متعددة والتزام دائم:

رسم بيان أول نوفمبر 1954 أولى ملامح الدولة الجزائرية المستقلة، وحدد برنامج طرابلس 1962 الخطوط العريضة لمشروع الدولة عقب استرجاع السيادة الوطنية، وبيّن الخيارات الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وأن يواصل الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني مسيرة الدفاع عن الدولة بعد الاستقلال ويحافظ على السيادة الوطنية ومكتسبات الثورة ويساهم في تعبئة الجماهير لبناء الوطن.

ومع تحويره فجر الاستقلال، كان الجيش الوطني الشعبي أمام رهانات هامة، أولها عملية إعادة هيكلته وتنظيمه على غرار الجيوش الحديثة، حيث أُنشئت النواحي العسكرية وتم استحداث بعض المديريات والمكاتب ضمن وزارة الدفاع الوطني، لتكوّن الهيكل الأساسي للجيش الوطني الشعبي الذي تعزز بإنشاء هياكل التكوين والتدريب وإرسال المتربصين إلى الخارج للتكوين في كبريات المدارس والمعاهد بالدول الشقيقة والصديقة، وفي مختلف تخصصات الأسلحة، مشكلين بذلك الطلائع الأولى التي ستؤطر الجيش الوطني الشعبي وتعمل على تطويره تنظيما وتسليحا.

وكان الرهان الثاني يتمثل في الاضطلاع بمهامه التي خوّلها له دستور 1963 في المادة 8 منه. وبموجب ذلك أدى دورا هاما في إعادة بعث الدولة الوطنية والمساهمة في مسار التشييد والبناء الوطني، واستكمال الاستقلال بإزالة مخلفات مرحلة طويلة من الاحتلال والحرمان والهيمنة والاستغلال، وما رافقه من تكسير للبنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كونه القوة الوحيدة المنظمة في تلك الفترة ويمتلك في صفوفه إطارات نخبوية.

وبالفعل فقد تكفّل الجيش الوطني الشعبي أثناء السنوات الأولى من الاستقلال بتنظيم التموين والمساعدات الاستعجالية الموجهة للمواطنين، وتولى بالخصوص العمليات التي من شأنها تسهيل عودة اللاجئين الجزائريين إلى وطنهم، كما سد شغور المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية بعد مغادرة الإطارات الأجنبية لمناصبهم، وقام ببناء مرافق الخدمات وتقريبها من المواطنين لفك العزلة عنهم. 

فضلا عن هذا كله، ساهم الجيش الوطني الشعبي في تجسيد المشاريع الكبرى وتحقيق الأهداف الرئيسية للدولة التي عملت على تعبئة كل الموارد البشرية المتوفرة وإشراكها في عمليتي الدفاع والبناء الوطنيين وتحقيق التنمية المنشودة. 

 

I:\المراسلات\000\11 déc. 2013\زيارة مفتش الإيصال و الإعلام و التوجيه ودو\اليوم الأول 15 03 2021\DSC_0299.JPG

 

الجيش الوطني الشعبي في مسيرة البناء والتشييد

كما كان الجيش الوطني الشعبي عبر مسيرته سبّاقا في إغاثة المواطنين أثناء الكوارث الطبيعية التي عرفتها الجزائر، كمشاركته في عمليات الإنقاذ خلال زلزال الشلف سنة 1980، وفيضانات باب الواد سنة 2001، وزلزال بومرداس سنة 2003، وفيضانات غرداية سنة 2008، بالإضافة إلى فك العزلة عن المواطنين وإغاثتهم في المناطق النائية والجبلية التي تغمرها الثلوج، وإطفاء الحرائق التي تشهدها الغابات على غرار الحرائق التي شهدتها الجزائر صائفة 2021، فضلا عن تسخير كل الإمكانيات المادية والبشرية لضمان الرعاية الصحية للمواطنين في مناطق الظل والمناطق المعزولة والنائية وكذا خلال الأمراض والأوبئة كجائحة كورونا (كوفيد-19).

 

I:\المراسلات\000\11 déc. 2013\زيارة مفتش الإيصال و الإعلام و التوجيه ودو\اليوم الأول 15 03 2021\DSC_0299.JPG

تقديم المساعدة الطبية للمواطنين أثناء الكوارث الطبيعية

 

I:\المراسلات\000\11 déc. 2013\زيارة مفتش الإيصال و الإعلام و التوجيه ودو\اليوم الأول 15 03 2021\DSC_0299.JPG

المساهمة الفعالة في فك العزلة عن المواطنين 

 

 

الجيش وواجب حفظ الذاكرة:

 إن ما تزخر به الجزائر من تراث ثقافي وإرث تاريخي يجعلها محطة يقف عندها كل باحث يصبو لمعرفة حياة الأمم وحضاراتها، فصفحات التاريخ لا تخلو من ذكر أمجاد الجزائر وملاحمها التي صنعها رجالها البواسل ونساؤها الثائرات على مر العصور، ولا زلنا إلى اليوم نعتزّ ونتفاخر بها بين الأمم، ونستمد منها قوتنا وتلاحمنا في أوقات المحن والشدائد.

 لقد حافظت الدولة الجزائرية على هذا الإرث التاريخي وجعلته من ضمن أولوياتها، بل وقامت بدسترته كجزء من الذاكرة الوطنية وجب الحفاظ عليها وترسيخ قيمها لدى الأجيال المتعاقبة. ومن هذا المنطلق، دأبت مؤسسات الدولة، على الاهتمام بالتاريخ الوطني وبتراثه المادي واللامادي الذي يعكس أصالة هذا البلد وهويته وانتماءه الحضاري. 

 وفي هذا السياق، وعلى غرار مختلف مؤسسات الدولة وهياكلها المتخصصة، وجّه الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني جهوده لترقية كتابة التاريخ العسكري وصون الذاكرة الوطنية، فساهم بشكل كبير في تكريس هذا المسعى، من خلال تسمية الهياكل والمباني العسكرية بأسماء شهداء ومجاهدي الثورة التحريرية المباركة، واستحداث هياكل جديدة متخصصة ضمن مكوناته، المتمثلة في المركز الوطني للدراسات والبحث في التاريخ العسكري الجزائري سنة 2016، والمتحف المركزي للجيش الذي دشن في أول نوفمبر 1984، تزامنا مع إحياء الذكرى الثلاثون لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة، هذا الصرح التاريخي الذي تم تشييده بحي "المدنية" بالجزائر العاصمة مقابلا لمقام الشهيد، في موقع له دلالة رمزية وتاريخية.

 

 

I:\المراسلات\000\11 déc. 2013\زيارة مفتش الإيصال و الإعلام و التوجيه ودو\اليوم الأول 15 03 2021\DSC_0299.JPG

 

ومنذ ذلك الحين، أصبح المتحف المركزي للجيش معلما تاريخيا بامتياز في حفظ الذاكرة الوطنية وترسيخ قيمها لدى الأجيال، والتعريف بالتاريخ العسكري الجزائري عبر الحقب التاريخية، من خلال جمع وجرد وحفظ كل ما يتعلق بالتاريخ العسكري الجزائري، من وثائق وكتابات تاريخية ورسومات وجداريات وصور وتصاميم مصغرة وخرائط جيوتاريخية ونقوش ومنحوتات وألبسة وأسلحة، كما يقوم بعرض الأفلام والأشرطة التاريخية، وينظم الملتقيات والندوات والمحاضرات التاريخية، ويجسد الملاحم الوطنية من معارك وكمائن من خلال اللوحات الزيتية والمجسمات واللوحات البيانية، وإبراز الشخصيات العسكرية التي عرفتها الجزائر عبر العصور من خلال التماثيل والتماثيل النصفية.

 

 

I:\المراسلات\000\11 déc. 2013\زيارة مفتش الإيصال و الإعلام و التوجيه ودو\اليوم الأول 15 03 2021\DSC_0299.JPG

 

I:\المراسلات\000\11 déc. 2013\زيارة مفتش الإيصال و الإعلام و التوجيه ودو\اليوم الأول 15 03 2021\DSC_0299.JPG

 

إن ما تحقق اليوم في مجال حفظ الذاكرة الوطنية إنجاز يستحق التثمين بالنظر للمجهودات الجبارة التي بذلت بسواعد المخلصين من أبناء هذا الوطن، وهو أقل ما يمكن تقديمه نظير التضحيات التي قدمها أسلافنا الأمجاد ممن صنعوا التاريخ بملاحمهم البطولية ومآثرهم الخالدة التي ستبقى مصدر عزنا وقوة تلاحمنا وعنوان حاضرنا ومستقبلنا.

 

 

I:\المراسلات\000\11 déc. 2013\زيارة مفتش الإيصال و الإعلام و التوجيه ودو\اليوم الأول 15 03 2021\DSC_0299.JPG

 تنظيم نشاطات لحفظ الذاكرة الوطنية

 

التعاون العسكري الدولي:

تعود الجذور التاريخية للتعاون العسكري إلى فترة الثورة التحريرية المجيدة التي استطاعت أن تكسب التعاطف والتأييد المادي والمعنوي من قبل العديد من الدول الشقيقة والصديقة، وقد تجسد هذا التعاون في مجال التكوين في دورة المشاة ورجال الصاعقة وفي مجال الطيران منذ عام 1957 إلى غاية عام 1961، حيث تخرجت عدة دفعات من الطيارين وتقنيي الطيران والدفاع الجوي، وطيران القتال والقاذفات وأطقم الحوامات. وفي مجال البحرية تم تدريب "رجال الضفادع البشرية" و"أطقم السفن"، علاوة على تكوين مختصين في سلاح الإشارة وسلاح المدفعية.

 

بعد الاستقلال، انضمت الجزائر إلى منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية، وبقيت وفيّة لقيم العدالة والحريّة وملتزمة بنهجها المناهض للاستعمار من خلال تقديم الدعم المادي والمعنوي للقضايا العادلة في العالم، وفي هذا السياق صادقت الجزائر على العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية الرامية إلى تحقيق التعاون ضمن المجموعة الدولية وإحلال السلم والأمن والاستقرار في العالم وتصفية الاستعمار.

 

كان الوفاء والالتزام بهذه المبادئ النبيلة ولا يزال محل احترام دولي تحظى به الجزائر التي أولت أهمية خاصة للسياسة العسكرية الدولية ضمن سياستها الخارجية، وفي إطار المبادئ والمثل العليا التي كرسها نضال الشعب الجزائري، تُجسّد وزارة الدفاع الوطني هذه السياسية من خلال محوري التعاون العسكري الثنائي والتعاون المتعدد الأطراف.

I:\المراسلات\000\11 déc. 2013\زيارة مفتش الإيصال و الإعلام و التوجيه ودو\اليوم الأول 15 03 2021\DSC_0299.JPG

 

على المستوى الثنائي: يرتبط الجيش الوطني الشعبي بعلاقات تعاون مع العديد من جيوش الدول الشقيقة والصديقة للبحث المستمر عن سبل التعاون في شتى المجالات العسكرية وتبادل الخبرات مما يعود على الطرفين بالفائدة، وتجسد هذا المسعى من خلال تبادل الوفود العسكرية وإنشاء لجان مختلطة دائمة للتعاون العسكري المتعدد الأشكال.

 

على المستوى المتعدد الأطراف: يرتكز فيه التعاون العسكري الجزائري بالدرجة الأولى على الحفاظ على الأمن والاستقرار في الفضاء المغاربي ودول الساحل، من خلال التنسيق وتمكين دول المنطقة من الاستفادة من الخبرة المكتسبة في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، باعتبارها تجربة رائدة ثمنتها واعترفت بها الكثير من الدول، وقد أنشئ لهذا الغرض لجنة الأركان العملياتية المشتركة (CEMOC) التي تضم إضافة إلى الجزائر كلا من موريتانيا، ومالي والنيجر.

 

 

وعلى المستوى القاري تساهم الجزائر في إقامة أداة مشتركة تتمثل في "القوة الإفريقية الجاهزة" الموجهة إلى تزويد مجموعة الدول الإفريقية بوسيلة عسكرية لمنع وقوع الأزمات والنزاعات وتعزيز مسارات السلام التي شرع فيها.

وفضلا عن هذا وفي إطار بيئتها الجيوستراتيجية المباشرة تضطلع الجزائر بدور هام ضمن مبادرة 5+5 دفاع التي تضم خمس دول في الضفة الشمالية وخمس دول في الضفة الجنوبية للحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط، والتي تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في هذا الفضاء الجغرافي المشترك.

لقد عرف مؤخرا التزام الجزائر الراسخ بالتعاون من أجل الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، تكييفا في العقيدة بفضل مراجعة دستور البلاد، بمبادرة من السيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، وتم اعتماده باستفتاء شعبي بتاريخ أول نوفمبر 2020، وهو ما يمكن الجيش الوطني الشعبي مستقبلا، في إطار احترام مبادئ وأهداف الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، من المشاركة في حفظ السلام، ويتم ذلك بقرار من السيد رئيس الجمهورية وبعد مصادقة أغلبية ثلثي كل غرفة من غرفتي البرلمان.

 

إن هذا التكييف على مستوى القانون الأساسي للبلاد يجدد الصلة بما اكتسبته الجزائر من تجربة غنية من خلال مشاركتها مرات عديدة، وبطلب من الأمم المتحدة و/أو الإتحاد الإفريقي وتحت إشرافهما، في مهمات حفظ السلام، وهذا عبر تقديمها تشكيلات من الضباط الملاحظين في الميدان، لاسيما في الكونغو، وخلال النزاع بين موريتانيا والسنغال، وإثيوبيا وإريتريا، وفي دارفور وأنغولا وبورندي، والشيء ذاته في كل من كمبوديا وهايتي. وغني عن البيان أن الصياغة الجديدة المتعلقة

 بالمهام الدستورية للجيش الوطني الشعبي لا تؤثر البتة على المبادئ الأساسية والثابتة التي تحكم السياسة والنشاط الدوليين للجزائر.

I:\المراسلات\000\11 déc. 2013\زيارة مفتش الإيصال و الإعلام و التوجيه ودو\اليوم الأول 15 03 2021\DSC_0299.JPG

 

 الخدمة الوطنية واجب وشرف:

 شكل الجيش الوطني الشعبي الإطار الأمثل لتجنيد الطاقات الشابة عن طريق تأسيس الخدمة الوطنية سنة 1968، التي عرّفها ميثاقها بكونها "مؤسسة رئيسة في المسيرة الثورية، ومُقوِّم أساسي للتضامن والوحدة الوطنية حول أهداف مشتركة ترمي إلى بناء مجتمع أكثر عدالة وازدهارا".

وباعتماده على شباب الخدمة الوطنية تعززت صفوف الجيش الوطني الشعبي بطاقات شبانية كانت النفس الثاني في إعطاء دفع جديد لمسار التنمية الوطنية وتدعيم الجبهة الدفاعية، حيث تمكن الجيش الوطني الشعبي من إنجاز المشاريع الكبرى التي لايزال يفتخر بها إلى اليوم في مجال البناء والمواصلات بتهيئة المناطق الريفية وبناء القرى الفلاحية، والمدارس والجامعات، وكذا المطارات والمستشفيات والمستوصفات، وإنشاء السِّكك الحديديّة وطرق المواصلات البريّة على غرار طريق الوحدة الإفريقية، ومد خطوط الكهرباء والهاتف.

وفي المجال الزراعي ساهم في استصلاح الأراضي الزراعية، وإنجاز السدود المائية، وإقامة السد الأخضر. وفي المجال التربوي عن طريق التكوين والتعليم ومحو الأمية. وفي المجال الإجتماعي عن طريق التنشئة الإجتماعية وتعزيز المواطنة، وغيرها من الإنجازات الكبرى التي حققها الجيش في سبيل التنمية والتشييد الوطني للنهوض بالدولة، والتي أكدها فيما بعد دستور 1976، الذي اعتبر "الخدمة الوطنية واجب وشرف"، وبأنها "تأسست تلبية لمتطلبات الدفاع الوطني وتأمين الترقية الإجتماعية والثقافية لأكبر عدد ممكن، وللمساهمة في تنمية البلاد"، والميثاق الوطني لسنة 1976 الذي يعتبرها "مدرسة للتكوين وقاعدة للدفاع الوطني الشعبي".

 

 

I:\المراسلات\000\11 déc. 2013\زيارة مفتش الإيصال و الإعلام و التوجيه ودو\اليوم الأول 15 03 2021\DSC_0299.JPG

المساهمة الفعالة لشباب الخدمة الوطنية في مشروع السد الأخضر

فضلا عن ذلك ساهم شباب الخدمة الوطنية بدور فعّال في مكافحة الإرهاب وشكّلوا خلال تلك الفترة جسر تواصل بين الجيش والمجتمع.

إن الخدمة الوطنية هي تجسيد صادق للرابطة جيش – أمة، كونها مدرسة لإعداد وتأهيل شباب المجتمع ليكونوا احتياطا بشريا للتعبئة عند الضرورة.

 

استقبال المواطنين في هياكل الخدمة الوطنية 

 

الجيـــــش الوطني الشعبي في الحروب العربية الإسرائيلية على الجبهة المصرية) 1967-1973 :

 رغم أنها السنوات الأولى من الاستقلال، فإن الجيش الوطني الشعبي ساهم بفعالية في الدفاع عن القضية العربية، حيث شارك في الحروب العربية الإسرائيلية على الجبهة المصرية، من جوان 1967 إلى غاية أوت 1970، بقوام معركة يتشكل من أربعة ألوية مشاة محمولة، وبسرب من طائرات ميغ-17سنة 1967. ثم شارك في حرب أكتوبر 1973 بلواء مدرّع وسرب من طائرات سوخوي-7، وسرب من طائرات ميغ-21 وسربين من طائرات ميغ-17.

 إن تلك الحروب كانت تعني الجزائر بنفس القدر الذي تعني مصر وبقية الدول العربية، ولذلك استطاعت أن تتجاوز ظروفها الصعبة آنذاك ودخلت حرب الاستنزاف إلى جانب الجيش المصري بداية من 6 جوان 1967 تاريخ وصول فيالق المشاة للواء الرابع إلى مطار القاهرة، لتصل بعدها وحدات المدفعيّة والمدرّعات عبر البحر، ثم الطيران. وقد كان الوضع العسكري السّائد في الميدان آنذاك يتميّز بالفوضى، إضافة إلى انشغال القيادة المصرية بمحاولة تجميع وحدات الجيش المصري وإعادة تنظيمها على الجبهة، وقد ساهم اللّواء الرابع في توفير الظروف الملائمة لتمكين القيادة المصرية من تنفيذ تلك المهام، بالإضافة إلى احتلاله خطا دفاعيا في منطقة القناة، كما كُلّف بحماية نقطتين استراتيجيتين وهما مصنع التكرير بالسويس وبور توفيق. وقد اشتبك لمرات عديدة مع وحدات من الجيش الصهيوني، ونفّذ العديد من العمليات القتالية الصعبة على الجبهة.

 

 

مشاركة وحدات من الجيش الوطني الشعبي في حرب 1967

 

في جانفي 1968 استُخلف اللواء الرابع باللواء الأول مشاة محمولة، حيث احتل نفس الخط الدفاعي للواء السابق وقد أدت وحداته مهامها بنجاح لاسيما الدفاع المضاد للطيران. 

 استُخلف اللّواء الأول باللّواء الثاني للمشاة المحمولة في نوفمبر 1968، ليُستَخلف بدوره باللّواء السادس مشاة محمولة والذي بقي على الجبهة إلى غاية 1970، وعلى غرار الألوية السابقة فقد تكفّل بمهام دفاعية وبحماية بعض المناطق الحسّاسة.

 في أكتوبر 1973، في معركة استعادة الكرامة والشّرف، أُسندت للّواء الثامن المدرّع مهمّة الدّفاع عن منطقة القناة ومنع العدوّ من عبورها واختراق الدّفاعات الصّديقة.

 وخلال تلك الحروب تحمّلت الجزائر جزء هاماً من أعبائها القتالية من خلال الألوية المقحمة، وجُزءً معتبرا من أعبائها المادية. وجسّدت بذلك مبدأ التّضامن العربي ومبدأ الدفاع عن القضايا العادلة في العالم.

 وقد سقط في ميدان الشرف أزيد من مائة وخمسين (150) شهيدا.

 

 مشاركة وحدات من الجيش الوطني الشعبي في حرب 1973

الجيش الوطني الشعبي في مكافحة الإرهاب:

تعود جذور العنف المسلّح في الجزائر إلى فترة الثمانينات، حيث اقترفت جماعات متطرفة العديد من الاغتيالات وأعمال التخريب شكّلت تهديدا خطيرا على النظام العام والأمن، طالت مؤسسات الدولة على غرار الهجوم الذي استهدف في 22 أوت 1985 وحدة المؤسسة الوطنية للأشغال العمومية بالجزائر العاصمة، والاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة بعد الهجوم على مدرسة الشرطة بالبليدة بتاريخ 27 أوت 1985، إلى جانب عمليات أخرى كالاستيلاء على متفجرات من محجرة كاب جنات بولاية بومرداس واغتيال 4 دركيين بالأربعاء بولاية البليدة في 21 أكتوبر 1985.

وفي بداية التسعينات شهدت الجزائر أزمة غير مسبوقة، تمثلت في ظهور آفة الإرهاب، كنتيجة لتراكم جملة من الأفكار المتشددة أفرزت أيديولوجية متطرفة تعتمد العنف الدموي كوسيلة للتغيير والاستيلاء على السلطة، حيث كانت الجزائر أولى الدول المستهدفة التي عانت من ويلات الإرهاب الهمجي.

مثّل الاعتداء المسلح ضد المركز الحدودي بقمار في 28 نوفمبر 1991، أولى العمليات الإرهابية، وتلتها اعتداءات عشوائية، ونشر الدعاية وبث الرعب بين المواطنين، رافقتها اغتيالات استهدفت قوات الأمن وأفراد الجيش والعديد من المثقفين والكتاب والصحفيين والأساتذة والأجانب واقتراف المجازر الجماعية في حق المواطنين العزّل في القرى والمداشر على غرار مجازر الرمكة وبن طلحة والرايس، وتدمير وتخريب البنى التحتية للدولة كتفجيرات مطار هواري بومدين ومقر أمن ولاية الجزائر، والأسواق والأماكن العمومية. 

في ظل التصعيد الخطير للأعمال الإرهابية، اتخذت السلطات العمومية مجموعة من التدابير التشريعية لمواجهة هذه الظاهرة، من بينها المرسوم التنفيذي رقم 92-03 المؤرخ في 30 سبتمبر 1992 المتعلق بمكافحة التخريب والإرهاب، والذي بموجبه تدخل الجيش الوطني الشعبي للحفاظ على أركان الدولة.

في هذا السياق، اعتمد الجيش استراتيجية شاملة ارتكزت على مجموعة من المحاور من أهمها إنشاء وحدات خفيفة مكيّفة، والتنسيق مع قوات الأمن وتعبئة كل القوى في المجتمع من مجموعات الوطنيّين والدفاع الذاتي والحرس البلدي، وهو ما مكّنه الحد من الجرائم الإرهابية وتحييد الكثير من رؤوس الفتنة والعصابات الدموية.

وبالموازاة مع العمل الميداني، ساهم الجيش الوطني الشعبي بفاعلية في تكريس المبادرة التي اتخذتها الدولة في تشجيع الإرهابيين على التوبة والعودة إلى أحضان المجتمع، في إطار قانون الرحمة سنة 1995، فقانون الوئام المدني سنة 1999، ثم ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي أقرّه الشعب الجزائري في استفتاء 29 ديسمبر 2005.

لم يكن المجتمع الدولي في التسعينات من القرن الماضي ينظر إلى ما يحدث في الجزائر من تقتيل وتفجير من قبل الإرهابيين الهمجيّين على أنه عمل إرهابي، بل كان يتعامل مع هذه الظاهرة بنوع من الريبة والتحفظ، رغم نداءات الجزائر المتكررة في المحافل الدولية بأن هذا الخطر الداهم مبني على أيديولوجية متطرفة لا تعترف بالحدود الجغرافية وأن تبعاته ستطال كل الدول إذا لم تتضافر جهود الجميع للقضاء على هذه الآفة التي لا يمكن لبلد بمفرده مكافحتها.

وظلّت الجزائر تكافح الإرهاب بمفردها، إلى غاية أحداث 11 سبتمبر 2001، التي أكدت صدق النظرة الاستشرافية للجزائر عن مدى خطورة هذه الظاهرة التي أصبحت محل اهتمام دولي، واستطاعت بذلك الجزائر أن تنتزع الاعتراف بشرعية مواقفها الصائبة في مكافحة الإرهاب، وغدت خبرتها ومشورتها مطلوبة دوليا، كما تبنّى المجتمع الدولي مذكرة اقتراح الجزائر بتجريم دفع الفدية والتفاوض مع الإرهابيين، خلال مؤتمر المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب على مستوى الخبراء، المنعقد بالجزائر يومي 18 و19 أفريل 2012. لقد استطاع الجيش الوطني الشعبي من خلال استراتيجيته المعتمدة في مكافحة الإرهاب من إعادة استتباب الأمن والاستقرار للبلاد، والقضاء على جيوب الإرهاب بالداخل وتجفيف منابع تمويله، والتضييق عليه بالخارج بالتعاون مع الشركاء الأجانب، ولا يزال الجيش الوطني الشعبي يواصل مكافحة التهديدات الإرهابية العابرة للحدود المتحالفة مع شبكات التهريب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية التي تسعى لضرب أمن واستقرار الدول.

 

خبرة كبيرة مكتسبة في مكافحة الإرهاب واحترافية عالية

العصرنة والاحترافية

 منذ فجر الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية وبالموازاة مع المشاركة في البناء الوطني، بادرت القيادة إلى تكوين جيش حديث، وفيّ لقيم ومبادئ جيش التحرير الوطني، قادر على الدفاع عن الوطن وحماية وحدته الترابية، خاصة بعد أن تكشّفت الأطماع التوسعية لبعض دول الجوار. 

بعد تحوير جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي ابتداءً من 4 أوت 1962، شرعت قيادته في بناء جيش كلاسيكي من حيث التنظيم والتسليح والتدريب والتجهيز، فباشر الجيش مسيرة العصرنة والاحترافية اللذين فرضهما السياق الجيوستراتيجي والتطور التكنولوجي في مجال الأسلحة والمعدات، معتمدا على إستراتيجية شاملة وخطط متكاملة ومرحلية.

عرفت ستينيات وسبعينيات القرن الماضي تحولات كثيرة، انصبّ معظمها على الجانب التنظيمي لمكونات وهياكل وزارة الدفاع الوطني، وتشكيل الوحدات القتالية الأولى من كتائب وفيالق وألوية، وتكوين وتدريب الأفراد، مع اقتناء آليات مُمَكْنَنة وعربات مصفّحة وأخرى مجنزرة ومعدات عسكرية ودبابات ومدافع مقطورة وأخرى ذاتية الحركة، وهاونات وبعض الراجمات ومجموعة من الطائرات القتالية والقطع البحرية.

منذ منتصف الثمانينيات حتى نهاية القرن العشرين ونظرا للخبرات المكتسبة والاحتكاك بالجيوش الأجنبية والمشاركة في الحروب العربية الإسرائيلية وانسحاب الجيش من الحياة السياسية، بدأت تتجسد معالم الاحترافية، حيث استُحدثت قيادة أركان الجيش الوطني الشعبي وكذا معظم قيادات القوات ومديريات الإسناد، وتم تحوير وتنظيم هياكل ومكونات وزارة الدفاع الوطني بما يتلاءم مع المستجدات الوطنية والتطورات التي عرفتها الجيوش في العالم.

تحسبا للتحديات الإقليمية الجديدة كتنامي التحرشات الحدودية وظهور آفة الإرهاب والجريمة المنظمة، أعيد تنظيم التشكيلات القتالية والوحدات الكبرى للجيش، فنشأت الفرق والأفواج ووحدات حُرّاس الحدود والوحدات والمفارز المكيّفة حسب المهام المسندة وطبيعة ميدان العمليات، وتزوّدت التشكيلات القتالية والقوات بمنظومات أسلحة عصرية ووسائل اتصال متطورة، وتم إرساء تنظيم يضمن التعاون والتنسيق الفعال والفوري بين مختلف التشكيلات الأمنية والتدخل السريع عند كل طارئ.

خلال العقدين الأخيرين من القرن الواحد والعشرين، ركّزت القيادة جهودها على تسليح مختلف التشكيلات والوحدات البرية بالدبابات العصرية والآليات الحديثة للمشاة، وأحدثْ وسائل مدفعية الميدان والمدفعية المضادة للطيران، ومنظومات الأسلحة الفتاكة ذات الدقة العالية، والمعدات الحربية المزودة بالتكنولوجيات والتقنيات الجديدة، لتنفيذ برامج ومخططات التحضير القتالي للقوات والوحدات، بإشراك جميع القوات وكل مكونات الجيش الوطني الشعبي، كل في مجال اختصاصه، في المناورات المشتركة والتمارين التكتيكية بالذخيرة الحية التي تنفذ سنويا عبر كل النواحي العسكرية، بهدف بلوغ الاحترافية العالية لقوام المعركة وتحقيق الجاهزية العمليّاتية للوحدات والتشكيلات القتالية في مختلف الظروف الزمانية والمكانية، واختبار إمكانيات القوات والوحدات، وقدرات القادة في إدارة المعارك، وكذا مؤهلات الأفراد ومدى تحكّمهم في منظومات الأسلحة العصرية والتكنولوجيات الحديثة والوسائل والتّقنيات والتجهيزات الجديدة، وتحقيق التعاون بين مختلف التّشكيلات برية وبحرية وجوية.

 

 

كما قطعت القوّات البحرية أشواطا كبيرة في ميدان تحديث وعصرنة وحداتها من خلال بناء وتصليح البواخر والبوارج الحربية وسفن الدوريات والإسناد والتدريب والخدمات، واقتناء واستخدام الحوامات والوسائل الجو-بحرية والزوارق والفرقاطات والغوّاصات ووسائل الدفاع الساحلي، كما استحدثت الوحدات العائمة ووحدات المصلحة الوطنية لحراس السواحل.

أما بالنسبة للقوات الجوية فقد شهدت تطورا كبيرا عُدة وعتادا، حيث استحدثت أسراب الطائرات بمختلف أنواعها وأصنافها، المقاتلة والاعتراضية، وأساطيل النقل التكتيكي، وأنشأت وزارة الدفاع الوطني بالاشتراك مع بعض الشركاء، مؤسسات لتصنيع الطيران التدريبي والمدرسي وطائرات رسم الخرائط، كما تم تصنيع وتطوير نماذج من الطائرات بدون طيار ومروحيات متوسطة متعددة الاستخدامات منها الموجهة للمراقبة ونقل الأفراد والشحن والإنقاذ والإخلاء الصحي.

وفيما يخص قوات الدفاع الجوي عن الإقليم، فقد تدعّمت وحداتها بأحدث منظومات القيادة ووسائل الكشف والتوجيه، وبمنظومات الأسلحة المتطورة ذات الدقّة العالية التي تعتمد على مستشعرات مُدمَجة في أنساق متكاملة، وتزودت بالرادارات ووسائل المراقبة وترسانة متنوعة من الصواريخ أرض – جو متوسطة وبعيدة المدى مدمجة فيما يسمى اليوم بمُركّبات الاستطلاع الضاربة. 

كما أولت القيادة العليا اهتماما بالغا لمعدات وأسلحة الدعم والإسناد، نظرا لدورها البالغ في تحقيق الفعالية لأسلحة الالتحام في ميدان العمليات والمناورات، بدءا بوسائل القيادة والسيطرة والحرب الالكترونية والسيبرانية وتأمين الاتصالات، ثم التأمين الهندسي واللوجستيكي للقوات من وسائل النقل الثقيلة والتزويد بالذخائر والوقود والمؤن والإخلاء والتأمين التقني والصحي للقوات، إضافة إلى المرافقة والتغطية الإعلامية من خلال منظومة الاتصال العمليّاتي لكل مراحل المناورات والتمارين التكتيكية.

ولاشك أن نجاح العصرنة والاحترافية يرتبط ارتباطا وثيقا بالعنصر البشري المؤهل، وبالبحث العلمي العسكري والتطوير التقني والتكنولوجي، إضافة إلى الصناعات العسكرية الوطنية، لذا عمدت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي إلى اعتماد منظومة تكوين علمية وجامعية راقية، تماشيا مع المستجدات العلمية والتكنولوجية في الميدان العسكري، وبرمجت دورات تأهيل وتدريب متخصصة ودقيقة في الداخل والخارج، كما أقرت لنشاط البحث العلمي والتكنولوجي التشريعات التنظيمية والقانونية الكفيلة بإنشاء الهيئات والهياكل والمعاهد والمراكز اللازمة له لفائدة مختلف القوات والدوائر والمديريات، مع توفير الشروط الأساسية والظروف الملائمة حتى يساهم بفعالية في التحكم في التكنولوجيات المدمجة ضمن المنظومات الجديدة للأسلحة، وبناء وعصرنة القدرات الدفاعية وبلوغ الجاهزية والاستعداد الدائم لمكونات الجيش الوطني الشعبي، كما أسست قاعدة متينة ومتنوعة للصناعات العسكرية لتقليص الاعتماد على الخارج، وتحقيق الاستقلالية في ميدان التسليح والمعدات العسكرية والحربية.

 

وتشرف مديرية الصناعات العسكرية اليوم على عدة شركات ومؤسسات في مختلف القطاعات الصناعية، أبرزها الآليات المدرّعة وشاحنات الحمولة والعربات رباعية الدفع، ومختلف المركبات النفعية والرادارات والكاميرات والمنظومات الالكترونية للدفاع، والصناعات النسيجية العسكرية، فضلا عن الأسلحة الفردية والجماعية والمعدّات والذّخائر والقذائف والمواد المتفجّرة.

 

 

 

البحث العلمي والتطوير التكنولوجي

 يساهم البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في بناء وعصرنة القدرات الدفاعية وبلوغ الجاهزية والاستعداد الدائم لمكونات الجيش الوطني الشعبي، لأداء مهامها الدستورية، وذلك عن طريق الرفع من المستوى التقني والعلمي باستمرار، من خلال الابتكارات والاكتشافات والإصدارات المنبثقة عن نشاط البحث والتطوير، والتحكم في التكنولوجيات المدمجة في المنظومات، أو فيما يخص تقييمها واختبارها وتثمينها، ثم تكييف القطع والأجزاء الفرعية أو الكلية مع ظروف الميدان ومتطلبات قوام المعركة.

 بالموازاة مع اقتناء واكتساب منظومات ومعدات عسكرية عصرية، يعمل نشاط البحث والتطوير على ابتكار وتصميم وتصنيع منتوجات جديدة، مع عصرنة وتطوير على الدوام، التشكيلة الواسعة لمنظومات التسليح والتجهيز ووسائل الدعم والإسناد المتعدد الأشكال الحالية والمستقبلية لأداتنا الدفاعية.

لتحقيق ذلك، أنشئت هيئات مكلفة بتسيير وتنفيذ مشاريع البحث والتطوير لفائدة مختلف القوات والدوائر والمديريات، تعمل بالتنسيق مع هيئة مركزية للتوجيه والتخطيط متمثلة في اللجنة القطاعية الدائمة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، يرافقها هيكل مكلف بالتنشيط والتقييم والتنسيق والتثمين واليقظة التكنولوجية، يدعى مكتب البحث والتطوير لدائرة التنظيم والإمداد لأركان الجيش الوطني الشعبي.

 يؤطر مكتب البحث والتطوير مؤسسات عسكرية ذات طابع علمي وتكنولوجي تضم مجموعة من المعاهد والمراكز ووحدات البحث والمخابر، منها ما يركز نشاطه حول منظومات الأسلحة ووسائل الحركة، ومنها ما يهتم بصناعات وتكنولوجيات الدفاع ووسائل الدعم والإسناد.

كما تم سن التشريعات التنظيمية التي تحدد الإطار القانوني للبحث والتطوير لتسيير وتنفيذ مشاريع البحث ونتائجه، والمصادقة على المنتوجات وتثمينها، وتقييم الباحثين العسكريين والشبيهين وترقيتهم في مراتب التدرج العلمي.

من أهم النشاطات التي تقوم بها هيئات البحث والتطوير تصميم وتنفيذ مشاريع البحث والتطوير لتحقيق منتوجات مبتكرة أو تكييف تلك الوسائل والمعدات الموضوعة في الخدمة، وتقديم حلول تكنولوجية وتطبيقات ميدانية تلبي الاحتياجات المعبر عنها من طرف مختلف القوات. 

ومع التطور الكبير الذي عرفته قواتنا المسلحة، فقد أصبحت الأبحاث العلمية والتكنولوجية الدفاعية أكثر تخصصًا ودقة، وتغطي مختلف مجالات النشاط العسكري لدى كافة القوات والحرس الجمهوري وكذا الدرك الوطني، إضافة إلى الدوائر

 والمديريات المركزية.

 

 

 

تحقق نشاطات البحث والتطوير سنويا منتوجات معتبرة ذات نوعية وفعالية كبيرة لمختلف مكونات الجيش الوطني الشعبي، منها على سبيل الذكر ابتكارات لصالح منظومات الأسلحة البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي عن الإقليم، تطبيقات لصالح قوام المعركة، تكييف وتطوير وعصرنة المعدات والوسائل لصالح هياكل الدعم والإسناد، تحديث وسائل الإشارة وأنظمة المعلومات والحرب الإلكترونية، رقمنة ميدان المعركة، توسع وتنوع الصناعات العسكرية، تثمين الدراسات الحربية والتحليل الاستراتيجي وترقية الفن العملياتي.

 

المرأة في الصفوف ... إصرار على التألق

كانت المرأة الجزائرية ولازالت دائما على موعد مع التاريخ ومع أبرز المحطات التي مرّت بها الجزائر، حيث لبّت نداء الوطن ورفعت التحدي جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل في سبيل جزائر مستقلة، مستقرة وشامخة، فكسبت الرهان وجعلت من نفسها "أيقونة" للنضال والكفاح في سبيل نيل الحرية. 

 

 

مشاركة نوعية للمرأة الجزائرية في الثورة التحريرية المجيدة

 ومنذ الثّورات الشعبية إلى غاية ثورة التحرير الكبرى، ساهمت المرأة بقسط كبير وبفعالية في الكفاح ضد المستعمر الفرنسي، حيث برزت هذه المساهمة بصورة أوضح حين ناضلت وقاومت بشجاعة تعسف وقهر المستدمر الغاشم، والتاريخ يحفظ لنا في سجلاته مواقف وبطولات نساء ثائرات شكلن رقما هاما في معادلة الكفاح، أمثال لالة فاطمة نسومر وحسيبة بن بوعلي وجميلة بوحيرد وغيرهن.

 وغداة الاستقلال، أخذت المرأة على عاتقها مسؤولية مشاركة الرجل في معركة البناء والتشييد، فاقتحمت مختلف القطاعات وأدت مهاما حيوية في مجالات التربية والتعليم والإدارة والصحة والاقتصاد والسياسة. وقد كان للجيش الوطني الشعبي قسط معتبر في تبني هذه الاستراتيجية الوطنية، حيث فتح أبوابه لانخراط العنصر النسوي في صفوفه كمستخدمات عسكريات أو مدنيات شبيهات، وأتاح لهن الفرصة من أجل إثبات أنفسهن وإظهار قدراتهن داخل مختلف هياكل الجيش الوطني الشعبي.

 

مكانة مرموقة للمرأة في صفوف الجيش الوطني الشعبي

 

لقد تعززت مكانة العنصر النسوي في مختلف هياكل الجيش الوطني الشعبي، مما مكنها من تقلد رتب سامية وتولي مسؤوليات ومناصب عليا كانت حكرا على الرجل، وهو ما نص عليه المرسوم الرئاسي الصادر في فيفري 2006 والذي يقر بتوسيع مبدأ المساواة بين الأفراد الذكور والإناث في التجنيد والتدريب والترقية، كما في الحقوق والواجبات، وقد اتخذت تدابير عملية لتطبيق التشريع الجديد وتسهيل مشاركة النساء في الجيش، حيث أخذت بعين الاعتبار جوانب خاصة بالمرأة، الأمر الذي سمح بارتفاع نسبة تواجد العنصر النسوي في الجيش الوطني الشعبي سنة بعد أخرى، وإلى تعاظم دورها في مختلف هياكل وتشكيلات الجيش الوطني الشعبي، وهو ما أهلها لشغل المناصب العليا وتقلد الرتب السامية، حيث تمت ولأول مرة سنة 2009، تقليد امرأة رتبة عميد، تبعتها أخريات، من بينهن من تمت ترقيتها إلى رتبة لواء. وقد ساهم هذا التطور في فتح آفاق جديدة أمام العنصر النسوي في المؤسسة العسكرية من منطلق تكافؤ الفرص المبني على الكفاءة والانضباط وتقديس العمل.

 ولم تتوقف مساعي القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي في سبيل ترقية مكانة المرأة في صفوف القوات المسلحة وجعلها شريكا حقيقيا للرجل في هذا المجال الحساس، حيث استمرت الجهود المتعلقة بالإدماج والمساواة بين الجنسين، ففي سنة 2017، أتاحت وزارة الدفاع الوطني لفئة الإناث فرصة الالتحاق بمدارس أشبال الأمة لأول مرة بعد إعادة فتحها سنة 2009، وبموجب ذلك أصبح ممكنا لكل تلميذة متحصلة على شهادة التعليم المتوسط، تحقيق رغبتها في التسجيل بمدارس أشبال الأمة، بعد استيفاء الشروط التي تحددها القوانين المنظمة لهذه الهياكل التكوينية.

 وأكثر من ذلك، أثبتت المرأة العسكرية اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تواجدها وحضورها الفعلي في شتى الميادين وضمن مختلف تشكيلات القوات والأسلحة، على غرار القوات البحرية من خلال تواجدها ضمن أطقم الوحدات العائمة والغواصات، والقوات الجوية وقوات الدفاع الجوي عن الإقليم والدرك الوطني. كما أنها أبانت عن احترافية عالية وتألق في ميادين أخرى لا تقل أهمية عن سابقاتها في مجال الإعلام والاتصال والصحة والرياضات العسكرية. وعلى ذكر هذه الأخيرة، فقد حقق الجيش الوطني الشعبي مكسبا هاما بتواجد العنصر النسوي ضمن مختلف الفرق الوطنية العسكرية لاسيما الفريق الوطني العسكري للقفز المظلي والذي كان تحديا صعبا خاضت غماره المرأة العسكرية بنجاح وتميّز.

 إضافة إلى هذه المكاسب المحققة، يفتح دستور 2020 آفاقا جديدة للمرأة الجزائرية، من أجل أداء أدوار هامة والمساهمة في بناء الجزائر الجديدة، حيث تنص المادة الـ 68 على أنه: " تعمل الدولة على ترقية التناصف بين الرجال والنساء في سوق التشغيل. وتشجع الدولة ترقية المرأة في مناصب المسؤولية في الهيئات والإدارات العمومية وعلى مستوى المؤسسات".

 

 

 

الرياضة العسكرية...سجل حافل بالتتويجات:

برزت ممارسة الرياضة العسكرية في الجيش الجزائري في مراكز التدريب لجيش التحرير الوطني، كوسيلة لتنمية القدرات البدنية للمجاهدين ورفع طاقاتهم الجسدية والذهنية لخوض المعارك ضد المستعمر، كما استعملت الرياضة العسكرية كوسيلة للتعريف بالقضية الجزائرية على غرار فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم الذي تأسس في شهر أفريل 1958، وكان هذا الفريق التاريخي أفضل سفير للتعريف بالثورة الجزائرية عبر العالم، ورفع الراية الوطنية في مختلف عواصم الدول الشقيقة والصديق

بعد استرجاع السيادة الوطنية، مرّت هيكلة الرياضة العسكرية بعدة مراحل، حيث تم إنشاء أول هيئة مركزية على مستوى وزارة الدفاع الوطني مكلفة بتسيير الرياضة العسكرية تحت اسم مديرية الرياضات العسكرية، ثم تحوّلت إلى مصلحة الرياضات العسكرية لأركان الجيش الوطني الشعبي ابتداءً من سنة 1987، ثم ألحقت بدائرة الاستعمال والتحضير لأركان الجيش الوطني الشعبي سنة 1998.

أصبحت الرياضة العسكرية حاضرة بقوة لتشريف الجزائر في المحافل الدولية، حيث استطاعت بفضل العزيمة والإرادة والصّرامة فرض وجودها في مختلف الهيئات العسكرية الرياضية الدولية على غرار اللجنة المديرة للمجلس الدولي للرياضة العسكرية، واللجنة المديرة لمنظمة الرياضة العسكرية لإفريقيا، والمكتب التنفيذي للاتحاد العربي للرياضة العسكرية، ومكتب الارتباط لإفريقيا الشمالية بالمجلس الدولي للرياضة العسكرية.

في هذا الصّدد تضطلع الرياضة العسكرية بتطوير وتحسين التحضير البدني والتقني والبسيكولوجي للمقاتل على مستوى الوحدات وهياكل التكوين للجيش الوطني الشعبي، وترقية الرياضات العسكرية والرياضات القتالية ذات المستوى العالي، وإيلاء اهتمام خاص لرياضة النخبة، مع العمل على إبراز المواهب الرياضية العسكرية الشابة وتطوير الرياضة النسوية.

لتجسيد ذلك اهتمت مصلحة الرياضات العسكرية بإنجاز المرافق الرياضية العصرية وتجهيزها وفقا للمعايير الدولية، وهو ما مكّنها من التّألق في عدة اختصاصات رياضية، حيث حققت إنجازا تاريخيا يعتبر الأول للجزائر، والمتمثل في التتويج مرتين باللقب العالمي العسكري لكرة القدم سنة 2011 بالبرازيل، وسنة 2015 بكوريا الجنوبية.

تعمل مصلحة الرياضات العسكرية على التنظيم السنوي لعديد المنافسات الوطنية العسكرية، وذلك على المستوى القطاعي والجهوي وما بين القوات، وتشمل هذه المنافسات جميع الأنشطة الرياضية الفردية والجماعية، التي تهدف في مجملها إلى تحسين وتدعيم القدرات البدنية والذهنية والسيكولوجية وتكريس روح الفريق والتضامن والانسجام بين الأفراد.

I:\المراسلات\000\زيارة المفتش للمديرية المركزية  للايصال  الاعلام و التوجيه\DSC_0142.JPG

 

I:\المراسلات\000\زيارة المفتش للمديرية المركزية  للايصال  الاعلام و التوجيه\DSC_0142.JPG

  1. تنظيم الجيش الوطني الشعبي:

استمدّ الجيش الوطني الشعبي أسُسه من المبادئ التي نشأ عليها جيش التحرير الوطني، ومن القيم التاريخية والأخلاقية للثورة الجزائرية، وقد عرف تطورا معتبرا منذ استرجاع السيادة الوطنية في 5 جويلية 1962، حيث استلهم في بناء منظومته الدفاعية ومكوناته وهياكله، من الدروس والتجارب العالمية للجيوش الكلاسيكية، وتطوراتها الحديثة التي فرضتها المستجدات الجيوستراتيجية في السياق العالمي، آخذا بعين الاعتبار التقدم العلمي والتكنولوجي في مختلف المجالات العسكرية.

وقد أُسندت مهمة تنظيم وتسيير وإدارة الجيش الوطني الشعبي وتحضيره تكتيكيا وعملياتيا إلى وزارة الدفاع الوطني التي انبثقت عن وزارة التسليح والاتصالات العامة التي أُنشئت ضمن الحكومة المؤقتة إبان الثورة التحريرية، وهي تشارك على غرار الدوائر الوزارية الأخرى، في تفعيل برامج الدولة وتحقيقها، وذلك من خلال أشغال التشاور حول مشاريع النصوص القانونية المقترحة للدراسة وإبداء الرأي على مستوى الأمانة العامة للحكومة، كما تعمل وزارة الدفاع الوطني على إنجاز الأهداف المتعلقة بالميدان العسكري، وعلى تنظيم ومتابعة وتحضير واستعمال الإمكانيات والقدرات الضرورية للدفاع الوطني ووضع حيز التنفيذ الإستراتيجية الوطنية التي تتطلبها حماية الوطن وضمان سيادته.I:\المراسلات\000\زيارة المفتش للمديرية المركزية  للايصال  الاعلام و التوجيه\DSC_0142.JPG

 

 

كما تشرف وزارة الدفاع الوطني على مهام التعاون الدولي ذات الطابع العسكري، وتمثل الجزائر في مختلف اللقاءات المتعلقة بهذا المجال، وهي تضمن مساهمة الجزائر في البرامج والقرارات المتّخذة على النطاق الإقليمي والقاري ومتعدد الأطراف، وتحرص على احترام البلاد لالتزاماتها الدولية في المجال العسكري.

وتسهر الأمانة العامة لوزارة الدفاع الوطني على سير وتنسيق عمل هياكل الإدارة المركزية ومراقبة نشاطاتها، كما تتكفل بضمان علاقات وزارة الدفاع الوطني مع مؤسسات الدولة والهيئات الوطنية والدولية الأخرى، وذلك بالتعاون الوثيق مع قيادة أركان الجيش الوطني الشعبي وتحت سلطة السيد رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني. 

وفي الجانب العمليّاتي، تتولى هيئة أركان الجيش الوطني الشعبي، ضمن وزارة الدفاع الوطني وطبقا للمهام والصلاحيات المخوّلة لها، تنظيم القوات وتمفصلها وإسنادها وتحضير مخططات استعمالها، وإعداد برامج التدريب وإدارة التمارين والمناورات، كما تعمل على تنسيق أعمال التخطيط والبرامج ذات الصلة بتطوير القوات وتحديثها، وتوجّه البحث وتقود استغلال وتقويم الاستعلامات العسكرية واستعلامات الدفاع، وتسهر باستمرار على عصرنة واحترافية الجيش الوطني الشعبي.

تتمفصل هيئة أركان الجيش الوطني الشعبي في قيادات القوات وقيادات النواحي العسكرية.

 

  1. التكوين النوعي... رهان استراتيجي

يعد التكوين وتأهيل العنصر البشري حجر الزاوية لأي مسعى تطويري، لذا فإن اهتمام الجيش الوطني الشعبي بالتكوين ليس وليد اليوم، بل هو نهج أصيل متجذّر، ورثه عن جيش التحرير الوطني الذي برغم قلة ومحدودية إمكاناته، اهتم بالتكوين إبان الثورة التحريرية، حيث تخرجت الدفعات الأولى من الطيارين والمهندسين حتى قبل استرجاع سيادتنا الوطنية.

 

I:\المراسلات\000\زيارة المفتش للمديرية المركزية  للايصال  الاعلام و التوجيه\DSC_0142.JPG

إشراف السيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني على حفل تخرج الدفعات بالأكاديمية العسكرية لشرشال الرئيس الراحل هواري بومدين يعد التكوين في الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني القاعدة الأساسية في مشروع بناء دفاع عصري، وقد عرف هذا المجال منذ الاستقلال إلى يومنا، وعلى مراحل، عدة إصلاحات تتماشى مع قدراتنا الذاتية وخصوصيات عقيدتنا العسكرية، وقد قطع أشواطا معتبرة على أكثر من صعيد، على درب الاحترافية والتحكم المتنامي في التكنولوجيات العسكرية الحديثة.

 

في هذا السياق، تميزت المرحلة الممتدة من سنة 1962 إلى سنة 1975 بإنشاء الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة ومدارس تابعة لمختلف القوات ومراكز التدريب ومدارس أشبال الثورة، كما سمح تأسيس الخدمة الوطنية سنة 1968، بإعطاء ديناميكية جديدة للجيش الوطني الشعبي، من خلال تدعيمه بالكفاءات البشرية بغرض تنفيذ مهام الدفاع والمهام التي تكتسي مصلحة وطنية.

 خلال المرحلة الممتدة من سنة 1976 إلى سنة 1983، أولت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي أهمية بالغة للتكفل بالتكوين بجميع جوانبه، من خلال تحيين برامج التحضير القتالي والتكوين، وكذا إعداد مناهج استغلال البرامج ومباشرة دورات الإتقان ودروس القيادة والأركان ودورات عليا لمختلف الأسلحة، كما عرفت هذه المرحلة إعداد نصوص قانونية تحكم مسار تكوين الضباط وضباط الصف ورجال الصف.

 كما عرفت الفترة الممتدة من سنة 1984 إلى سنة 1991 خصوصا إعادة هيكلة الجيش الوطني الشعبي، في شقها المتعلق بالتكوين، إذ تم حل مديرية التدريب وتعويضها بمكتب التعليم العسكري لأركان الجيش الوطني الشعبي، وكذا إنشاء مدارس عليا للقوات (القوات البحرية والقوات الجوية وقوات الدفاع الجوي عن الإقليم).

 أما خلال المرحلة الممتدة من سنة 1991 إلى سنة 2005، وبالنظر للوضعية الأمنية للبلاد آنذاك، تم تكييف برامج التكوين بالمدارس ومراكز التدريب مع عمليات مكافحة الإرهاب، كما تميزت هذه المرحلة بلامركزية التكوين لفائدة قيادات القوات والدوائر والمديريات المركزية وإنشاء مدارس تطبيقية للأسلحة.

 

المدرسة العليا الحربية

 المدرسة العليا الحربية قمة هرم منظومة التكوين العسكري بالجيش الوطني الشعبي تكرس عزم وإرادة القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي وصواب خياراتها بالسير بالمؤسسة العسكرية نحو العصرنة والتطور والارتقاء بتشكيلاتها إلى مصافّ الجيوش العصرية. 

 منذ إنشائها بتاريخ 29 سبتمبر 2005 تحظى المدرسة بالمتابعة والاهتمام الدائمين من طرف القيادة العليا للجيش، وهي تتضمن مجلس توجيهي يرأسه رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي يحدد برامج نشاط المدرسة، ويفصل في ظروف سيرها العام، ويقيم دوريا النتائج الرئيسية، ومجلس علمي بيداغوجي يرأسه مدير المدرسة يتولى تحديد وتقييم النشاطات العلمية وبرامج التكوين وفي ضبط المناهج البيداغوجية.

 

I:\المراسلات\000\زيارة المفتش للمديرية المركزية  للايصال  الاعلام و التوجيه\DSC_0142.JPG

ترأس السيد الفريق رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي لأشغال المجلس التوجيهي للمدرسة العليا الحربية

 

تتكفل المدرسة العليا الحربية بإعداد وتحضير إطارات ونخب الجيش الوطني الشعبي في مجالات الاستراتيجية العسكرية والفن العملياتي، من خلال تقديم تكوين نوعي يعتمد على أساليب بيداغوجية تفاعلية عصرية بمواصفات عالمية، وذلك في دورتين؛ دورة الدراسات العليا الحربية لمدة سنتين دراسيتين لتحضير الضباط الدارسين من مختلف الأسلحة والقوات للاضطلاع بالمسؤوليات في القيادات والأركانات على المستويين العملياتي والاستراتيجي، ودورة الاستراتيجية العليا لمدة سنة دراسية واحدة، لتحضير الضباط المستمعين للاضطلاع بالمسؤوليات ذات الصلة بالدفاع الوطني.

يعتمد التعليم بالمدرسة على مناهج علمية حديثة ووسائل بيداغوجية عصرية منها مركز القيادة والسيطرة الآلية، مقلد المباريات الحربية، قاعة لتنظيم التعاون.

 

مدرسة القيادة والأركان الشهيد حمودة أحمد المدعو "سي الحواس":

تعتبر مدرسة القيادة والأركان هيكلا تكوينيا متميزا على المستويين التكتيكي والعملياتي، فتحت أبوابها سنة 2015، لتضطلع بمهام ضمان تعليم عسكري عالي في القيادة والأركان للضباط العاملين التابعين للقوات البرية ومختلف هياكل الجيش الوطني الشعبي ولصالح بعض البلدان الشقيقة والصديقة في إطار علاقات التعاون وتبادل الخبرات.

 

تتضمن المدرسة مديرية للتعليم تتولى إدارة كافة نشاطات التعليم للقيادة والأركان، وبرمجة الأنشطة العلمية المكمّلة على غرار المحاضرات، الملتقيات والندوات، معتمدة في ذلك على هياكلها المتمثلة في دائرة التعليم العسكري، دائرة التعليم العام، دائرة التخطيط والبرمجة، دائرة البحث والتوثيق، ومركز التوثيق.

يشمل برنامج التكوين في القيادة والأركان، الذي يمتد لمدة سنة دراسية، أربع مراحل في التعليم العسكري، يتناول مختلف المستويات القيادية. فضلا عن دروس حول حرب العصابات، وتنفيذ المسألة المركّبة، تمارين الأركانات وتمرين القيادة والأركان. إضافة إلى برنامج التعليم العام، كما تحتضن المدرسة دورات خاصة بتكوين المكوّنين لصالح مختلف هياكل الجيش الوطني الشعبي. 

يعتمد التعليم بالمدرسة على مناهج علمية حديثة وأساليب بيداغوجية تفاعلية، بالإستعانة بوسائل بيداغوجية حديثة كمركز التدريب والمحاكاة، المخابر، شاشات العرض، المجسمات، القاعات البيداغوجية المتخصصة كقاعة التعاون، وقاعة الإستطلاع والسيطرة، هذا إلى جانب إجراء حصص ميدانية لتأهيل الضباط المتربصين لشغل مناصب قيادية، لتتوج دورة القيادة والأركان بإعداد ومناقشة مذكرة نهاية التربص.

 

الأكاديمية العسكرية لشرشال الرئيس الراحل هواري بومدين:

 تعتبر الأكاديمية العسكرية لشرشال أم المدارس وقطبا هاما ضمن منظومة التكوين للجيش الوطني الشعبي، وقد عكفت منذ تحويلها شهر يونيو 1963 إلى مدرسة عسكرية جزائرية تحت اسم "المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة"، على رسكلة الإطارات المنحدرين من جيش التحرير الوطني ثم تدريب الطلائع الأولى من أشبال الثورة، وتكوين الإطارات الشابة المجندين بطريقة مباشرة، بالإضافة إلى تكوين دفعات من دول شقيقة وصديقة عربية وإفريقية وإطارات العديد من حركات التحرر في العالم.

 ومنذ سنة 1969، وعلى مدار أربع سنوات، قامت الأكاديمية بتكوين دفعات من ضباط الخدمة الوطنية، لتتكفل ابتداء من سنة 1973، بتكوين الطلبة الضباط العاملين لمختلف هياكل الجيش الوطني الشعبي؛ وبداية من سنة 1974 تم فتح دورة القيادة والأركان وتغيير التسمية إلى "الكلية العسكرية لمختلف الأسلحة"، ليتم بعد ذلك في سنة 1978 فتح دورة إتقان الضباط.

في سنة 1979، تم إعادة تنظيم هذه المؤسسة التكوينية التي أصبحت منذ ذلك التاريخ تعرف باسم "الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة"، أين عرفت تطورا نوعيا في مناهج التكوين، كما فتحت المجال لدورات تكوينية جديدة توفر تعليما عاليا وتكوينا أساسيا لقادة فصائل في التخصصات المتعلقة بأسلحة القتال، وفتحت بها الدورة العليا للسلاح ودورة المحافظين السياسيين.

في سنة 1991، ألحقت الأكاديمية بقيادة القوات البرية، وأسندت لها ثلاث مهام رئيسة تمثلت في: التعليم العالي لضباط القيادة والأركان، وتكوين أساسي للطلبة الحائزين على شهادة البكالوريا، وتكوين خاص للطلبة الحائزين على شهادات جامعية.

منذ سنة 2007، وبهدف توحيد التكوين لجميع ضباط الجيش الوطني الشعبي وفتح مجال التكوين الجامعي، عرفت الأكاديمية نمطا تكوينيا جديدا يتشكل من طورين؛ التكوين العسكري المشترك القاعدي للطلبة الضباط العاملين التابعين لقيادات القوات، والمديريات والمصالح المركزية لوزارة الدفاع الوطني، يدوم سنة دراسية واحدة، ويشمل دروسا نظرية وتطبيقية في العلوم العسكرية والعلوم المساعدة، ويتم على مستوى المدرسة الملحقة الشهيد عبان رمضان، والتكوين الجامعي وفقا لنظام "ل.م.د" في ميدان "علوم وتكنولوجيا"، تحت الوصاية المزدوجة لوزارة الدفاع الوطني ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وذلك بالتوازي مع التكوين العسكري المتواصل للطلبة الضباط العاملين للقوات البرية، ويمتد هذا الطور ثلاث سنوات.

في سنة 2013، وتماشيا مع التطور الذي عرفته منظومة التكوين في الجيش الوطني الشعبي، تم تغيير إسمها إلى " الأكاديمية العسكرية لشرشال "، لتشرع سنة 2015 في اعتماد الطور الثاني من التعليم الجامعي – طور الماستر-، في الميكانيك الطاقوية.

تتوفر الأكاديمية على قاعدة مادية وبيداغوجية هامة، على غرار مخابر علمية حديثة، مكتبة رقمية ثريّة، متحف، مركب رياضي وميدان للفروسية.

يحظى حفل التخرج السنوي بالإشراف الشخصي للسيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني. 

 

مدارس أشبال الأمة:

 يعود تاريخ تأسيس مدارس الأشبال إلى الثورة التحريرية المجيدة، ففي سنة 1961 أنشئت أول مدرسة من طرف هيئة الأركان العامة لجيش التحرير الوطني في الحدود الشرقية وأخرى في الحدود الغربية، بغرض التكفل بأبناء الشهداء والمجاهدين.

 بعد استرجاع السيادة الوطنية كان استمرار هذه المدارس أمرا حتميا من أجل التكفل الأمثل بهذه الفئة، والمساهمة في تنشئة وبناء جيل جديد يمتلك ناصية العلم وقادرا على مواصلة معركة البناء والدفاع عن السيادة الوطنية، فدشنت في سنة 1962 أول مدرسة لأشبال الثورة بمدينة القليعة بالناحية العسكرية الأولى، تبعتها مجموعة أخرى من المدارس موزعة عبـر الوطن لتستقطب جميع شرائح المجتمع.

 

C:\Users\infographe3\Desktop\moudjahidine\ph moudjahidine\أشبال الثورة + أشبال الأمة\img001.jpg

 

لقد شكل خريجوا هذه المدارس نخبة الجيش الوطني الشعبي ونواته الصلبة على مدار أكثر من عقدين من الزمن، حيث استمر اعتمادها إلى غاية سنة 1986 تاريخ حلّها، تخرجت منها كوكبة من الكوادر والإطارات المتشبعة بالمبادئ الوطنية والقيم النبيلة، تبوؤوا مسؤوليات قيادية سامية في هياكل الجيش الوطني الشعبي وأجهزة الدولة.

 وأمام نجاعة التكوين النوعي الذي كانت تكرسه هذه المدارس، قررت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي في سنة 2008 إعادة بعثها من جديد تحت مسمى "مدارس أشبال الأمة"، وهي تمثل اليوم قطب تكوين بامتياز، مشكلة بذلك خزانا لإمداد المؤسسة العسكرية بإطارات شابة تتمتع بالكفاءة العلمية العالية.

 تقدّم مدارس أشبال الأمة تكوينا راقيا، يتضمن المنهج التعليمي الرسمي لوزارة التربية الوطنية للطورين المتوسّط والثانوي، وتكوين تكميلي يتضمن القيم العسكرية على غرار حب الوطن، الانضباط وحسن السلوك، وذلك اعتمادا على أساتذة مؤهلين يتم انتقائهم بكل عناية، وعلى وسائل بيداغوجية حديثة كالمخابر وقاعات الأنترنت وغيرها من المرافق.

 وحرصا على توفير كافة عوامل نجاح الأشبال والشّبلات في مسارهم الدراسي، اعتمدت برامج ثقافية ورياضية متنوعة تساير نظام الدراسة الداخلي، وتمنح لهم كافة مقومات الراحة والتسلية.

بعد الحصول على شهادة البكالوريا يلتحق أشبال وشبلات الأمة بمختلف مؤسسات التكوين التابعة لهياكل الجيش الوطني الشعبي لمواصلة تكوينهم العسكري والجامعي.

 

 

 تكوين نوعي وفعال لإطارات المستقبل 

 

  1. الإعلام والاتصال في الجيش الوطني الشعبي:

ساهم الإعلام خلال ثورة أول نوفمبر 1954 التحريرية في تعبئة الشعب، وإيصال صوت الثورة إلى مختلف شرائح المجتمع، والتعريف بالقضية الجزائرية لدى الرأي العام العالمي، حيث أدرك قادة الثورة أهمية الإعلام ودوره في المعركة، فكان بيان أول نوفمبر 1954 أول وثيقة إعلامية، تم من خلالها إعلان بداية الثورة، وتوضيح طبيعتها وأهدافها للجزائريين والفرنسيين والرأي العام العالمي.

 اعتمدت الثورة في بدايتها على الإتصال المباشر بين الشعب وقادة المناطق، ثم من خلال المرشد السياسي، بالإضافة إلى استخدام الرسائل المكتوبة والمناشير السياسية والنشرات الولائية. 

 بعد مؤتمر الصومام 20 أوت 1956، أُسندت المهمة الإعلامية للمحافظ السياسي، الذي تكفل بتنظيم الشعب وتوعيته ومحاربة الدعاية والحرب النفسية المعادية. 

 بالموازاة مع ذلك، لعب إعلام الثورة التحريرية دورا هاما في تنوير الرأي العام الوطني والدولي حول القضية الجزائرية العادلة، من خلال النشريّات والصحف المكتوبة، وفي طليعتها جريدة "المجاهد"، إضافة إلى السينما والمسرح والفرق الرياضية، وإذاعة " الجزائر الحرة المكافحة من الجزائر" و البرامج الإذاعية بالدول الشقيقة والصديقة التي خصصت فترات ثابتة لإذاعة أخبار الثورة الجزائرية، كإذاعة "صوت العرب" وبرنامج "هنا صوت الجزائر المجاهدة الشقيقة" و"صوت الإستقلال والحرية" وغيرها، ناهيك عن المكاتب الإعلامية بتلك الدول.

بعد استرجاع السيادة الوطنية، عملت الدولة الجزائرية المستقلة على تكريس سياسة إعلامية وطنية تستجيب لطموحات الشعب الجزائري في مرحلة البناء والتشييد، أين قام الجيش بتطوير وتعزيز جهازه الإعلامي وهيكلته، حيث أسندت المهمة الإعلامية إلى المحافظة السياسية وبرزت "مجلة الجيش" في حلة جديدة كوسيلة إعلامية للجيش الوطني الشعبي، وفي سنة 1971، تم استحداث المديرية المركزية للمحافظة السياسية، لتضطلع بالتوجيه السياسي والمعنوي لمستخدمي الجيش الوطني الشعبي، وذلك من خلال إعداد المحاضرات التوجيهية وإنجاز الأشرطة التحسيسية والأفلام التدريبية، والتي ساهمت في الإعداد النفسي والمعنوي والرفع من المستوى القتالي للأفراد، وذلك إلى غاية فيفري 1989، أين دخلت بلادنا عهد التعددية السياسية بعد صدور الدستور الجديد.

 

سنة 1990 تم تحوير المديرية المركزية للمحافظة السياسية إلى مديرية الإيصال والإعلام والتوجيه، وتحديث وتكييف مهامها تماشيا مع الواقع الجديد، لتكلف بالوظيفة الإعلامية في الوسط العسكري، فتبنت سياسة اتصالية فعّالة قائمة على محورين اثنين:

 

  • اتصال داخلي موجّه لمستخدمي الجيش الوطني الشعبي، لتعزيز عوامل الثقة وتوطيد أواصر التلاحم بينهم، وتحصينهم من الدعاية الهدامة والتضليل الإعلامي ومختلف الآفات الاجتماعية، وتنمية معارفهم وثقافتهم باعتماد مختلف الوسائط الإعلامية كالمجلات العسكرية على غرار مجلة "الجندي"، التي تصدر حاليا عن المركز الوطني للمنشورات العسكرية، و المجلات العلمية المحكّمة، كمجلّة "مصداقية" التي تصدر عن المدرسة العليا العسكرية للإعلام والإتصال ومجلة "الدراسات التاريخية العسكرية" التي تصدر عن المركز الوطني للدراسات والبحث في التاريخ العسكري الجزائري، وكذا مجلات قيادات القوات والنواحي العسكرية، فضلا عن الموقع الإلكتروني لخلية الصحافة والإعلام على الشبكة الداخلية، بالإضافة إلى الزيارات الميدانية واللقاءات التحسيسية، والمحاضرات والندوات والملتقيات. 

  •  اتصال خارجي موجه لمستخدمي الجيش الوطني الشعبي وللرأي العام الوطني، يهدف إلى توطيد الرابطة جيش- أمة، وتعزيز ثقافة المواطنة وتمتين الجبهة الداخلية وإشراك المواطن في سياسة الدفاع الوطني، من خلال عديد المنشورات والنشاطات الإعلامية والإتصالية و المنتجات السمعية والبصرية، على غرارالحصة التلفزيونية بعنوان "جيشنا" التي تحولت إلى حصة بعنوان "وعقدنا العزم"، والحصة الإذاعية "السليل"، وكذا مجلة " الجيش" ، والأبواب المفتوحة، والزيارات الموجهة لفائدة وسائل الإعلام، والأيام الإعلامية التي تحتضنها مراكز الإعلام الجهوية والإقليمية، بالإضافة إلى موقع الواب الرّسمي لوزارة الدفاع الوطني وتطبيقية "MDNEWS" على شبكة الأنترنت.

في سنة 2017، تدعّمت منظومة الإعلام والإتصال في الجيش الوطني الشعبي بالمدرسة العليا العسكرية للإعلام والإتصال، والتي تعتبر قطبا تكوينيا متميزا في هذا المجال، كما تم سنة 2022، تغيير تسمية مديرية الإيصال والإعلام والتوجيه إلى مديرية الإعلام والإتصال لأركان الجيش الوطني الشعبي، تماشيا مع متطلبات المرحلة تولي المؤسسة العسكرية أهمية كبرى للإتصال، كونه أداة مساعدة في اتخاذ القرار، وترسيخ قيم التعاون وثقافة الانضباط العسكري والالتزام بتوجيهات القيادة العليا، وهي بذلك تسهر على تطويره وتكييفه وترقيته.

 

 

 

  1. الصناعات العسكرية:

الصناعات العسكرية في الجزائر تمتد بجذورها في عمق التاريخ، حيث عرفت صناعة المدافع في عهد إيالة الجزائر تطورا كبيرا، وقد حاولت المقاومات الشعبية إرساء أسس متينة للصناعة الحربية لاسيما الأمير عبد القادر الذي أنشأ عدة ورشات لصنع الأسلحة والذخائر. حيث شكل هذا الإرث قاعدة لصناعات عسكرية خلال الثورة والتي بقيت مع ذلك ذات طابع حرفي ويدوي. 

غداة الاستقلال، عمدت القيادة العليا للجيش إلى الشروع في إرساء أسس صناعة عسكرية بمفاهيم تتناسب مع متطلبات تحديث الجيش ومواكبة التطورات التكنولوجية المستمرة، حيث تكفلت بذلك مديرية الصناعات العسكرية التي أنشئت سنة 1974، وأوكلت لها مهمة ترقية وتطوير قاعدة صناعية وتكنولوجية للدفاع، وتقديم الدعم المتعدد الأشكال والمتخصص للقوات المسلحة والأسلاك الأمنية المشتركة.

وباعتبارها قطبا صناعيا متقدما تتضمن العديد من البرامج والمشاريع التي تندرج في إعادة دفع القطاع الصناعي الوطني، أصبحت مديرية الصناعات العسكرية عنصرا فاعلا وشريكا متميزا في الجهد الوطني الرامي لاستيعاب وتحويل العلوم والتكنولوجيات المتقدمة والتحكم فيها. بالإضافة إلى إمداد الجيش الوطني الشعبي بتشكيلة واسعة من المنتوجات التي تسمح له بأداء المهام الموكلة له.

 

 

منتجات الصناعات العسكرية

 في هذا السياق، تشكل مؤسسة الألبسة ولوازم النوم إحدى المؤسسات الرئيسية لدعم وتلبية احتياجات الجيش الوطني الشعبي والأسلاك الأمنية المشتركة، من حيث لوازم الحماية، الألبسة، الأحذية، التخييم، شبكات التمويه ولوازم النوم والتأثيث.

يتولى الديوان الوطني للمواد المتفجرة مسؤولية إنتاج، تطوير وتسويق مختلف أصناف المتفجرات الموجهة للاستعمال المدني وكذا لواحق الرمي وخراطيش الصيد، والبارود الدافع المستعمل في الذخيرة العسكرية. 

من جهتها تعتبر مؤسسة الإنجازات الصناعية بسريانة المتعامل الاقتصادي المتخصص في صناعة الذخيرة بمختلف العيارات، القنابل اليدوية والألغام المضادة للمدرعات. إضافة إلى هذه المنتوجات ذات الاستعمال العسكري، تقوم المؤسسة بصناعة العديد من المنتوجات والمعدات ذات الاستعمال المدني، مثل قطع الغيار والأدوات المعدنية بمختلف أنواعها وكذا المعدات الشبه طبية والمولّدات الكهربائية الهجينة.

في حين تتخصص مؤسسة البناءات الميكانيكية بخنشلة في إنتاج الأسلحة الخفيفة وقطع غيارها. وبغرض تطوير منتجاتها أقامت علاقات تعاون مع شركاء أجانب.

وفي إطار الشراكة الأجنبية، قامت مديرية الصناعات العسكرية بولوج ميدان إنتاج وسائل الحركة عبر إنشاء مؤسسة تطوير صناعة السيارات بتيارت ومجمع ترقية الصناعات الميكانيكية بقسنطينة، التي تتكفل بتصميم وتطوير وتسويق السيارات والحافلات والعربات والمحركات، حيث تلبي العربة المدرعة ذات العجلات 6×6 نوع فوكس2 والسيارة الخفيفة المدرعة نمر2 4X4 مختلف المهام العسكرية لقوام المعركة من نقل الأفراد، النقل الهندسي، الاستطلاع والحرب الإلكترونية ومراقبة أمن الحدود.

 

I:\المراسلات\000\زيارة المفتش للمديرية المركزية  للايصال  الاعلام و التوجيه\DSC_0370.JPG

 

في مجال الإلكترونيك والرقمنة تقوم مؤسسة قاعدة المنظومات الإلكترونية بسيدي بلعباس بإنتاج وسائل المراقبة الإلكترونية للحدود من خلال منظومات الكشف الأرضي بواسطة البصريات والرادارات ذات المدى العالي وأجهزة الاتصال.

 كما تقوم مؤسسة إنجاز أنظمة المراقبة بواسطة الفيديو بتوفير وتركيب وصيانة وسائل المراقبة عبر التراب الوطني وتأمين المداخل لاسيما على مستوى مختلف المنشآت الاستراتيجية والحساسة.

 ولتطوير منتجاتها ومواكبة العصرنة، تماشيا مع احتياجات الجيش الوطني الشعبي والسوق الوطنية، ترتكز مديرية الصناعات العسكرية على معهد ووحدات للبحث والتطوير، التي بفضلها تمكنت من توسيع قائمة منتوجاتها لتشمل وسائل ومعدات كانت تقتنى بالعملة الصعبة.

 

 

 

 

  1. النشاط الإجتمــــاعي للجيش:

ليس النشاط الإجتماعي وليد الساعة في الجيش الوطني الشعبي، بل تعود نشأته الأولى إلى ثورة التحرير المجيدة، أين تم إحداث لجان الشؤون الإجتماعية من طرف جبهة التحرير الوطني سنة 1956، وأسندت لها مهام وأدوار تدخل في صميم العمل الإجتماعي؛ تتمثل في الرعاية الصحّية ومنح الإعانات المالية لذوي الشهداء ولعائلات المجاهدين، والتكفل بمساعدة اللاجئين الجزائريين، كما تم إنشاء مشروع نموذجي يسمى ‹‹دشرة المجاهد›› الذي يعتبر مشروعا اجتماعيا وإنسانيا بامتياز، وهذا رغم محدودية الإمكانيات آنذاك.

 

 

 

غداة الإستقلال وبعد إعادة تنظيم وهيكلة النشاط الإجتماعي في الجيش الوطني الشعبي، وبغرض التكفل الأمثل بالمستخدمين وأسَرهم وذوي الحقوق، اضطلعت مديرية المصلحة الإجتماعية لوزارة الدفاع الوطني بوضع استراتيجية اجتماعية شاملة، تُرجمت عبر إنجاز المراكز الطبية الإجتماعية، وصناديق ومكاتب الضمان الإجتماعي والتقاعد، والنوادي والفنادق، ومراكز التسلية والراحة، والإستجمام، والعطل، ومخيمات الشباب، ورياض الأطفال.

 

I:\المراسلات\000\زيارة المفتش للمديرية المركزية  للايصال  الاعلام و التوجيه\DSC_0370.JPG

 

يرتكز العمل الإجتماعي على خمسة محاور أساسية، يتعلق المحور الأول بالتغطية والحماية الإجتماعية للمستخدمين وأسَرهم من خلال التأمين الإجتماعي والتقاعد، فيما يتمثل المحور الثاني في النشاط الإجتماعي الجواري الذي تكرّسه المراكز الطبية الإجتماعية ورياض الأطفال ومراكز المخيمات الصيفية من خلال ما تقدمه من خدمات لمستخدمي وزارة الدفاع الوطني وذوي الحقوق، أما المحور الثالث فيتمثل في الخدمات الإجتماعية ويتجسد في صيغ الدعم والمساعدة والقروض للحصول على السكن العائلي أو لأي غرض اجتماعي آخر.

كما تضع الترقية الإجتماعية وهي موضوع المحور الرابع، تحت تصرف العسكريين وأسرهم مركبات للراحة والإستجمام، تتمثل في مراكز التسلية وقاعات الحفلات والنوادي.

أما المحور الخامس والأخير، فهو يرتبط أساسا بتطوير النشاط الإجتماعي للجيش في مجال السكن من خلال اعتماد عدة صيغ لتملك سكن عائلي ضمن مختلف البرامج الوطنية وصيغ أخرى خاصة بوزارة الدفاع الوطني، مع تسهيل سلسلة الإجراءات المتعلقة بامتلاكها.

وتتكفل مصالح النشاط الإجتماعي أثناء الأزمات والكوارث الطبيعية، بالمستخدمين المتضررين عن طريق منحهم إعانات مالية في شكل غوث استثنائي، وتقديم المساعدة والمرافقة الإجتماعية، والدعم النفسي لعائلات العسكريين المتواجدين في جبهة القتال، وكذا لعائلات الضحايا والشهداء، من أجل التخفيف من معاناتهم، ومرافقتهم إداريا للحصول على حقوقهم الكاملة (المعاش ومنحة العطب والسكن الإجتماعي). 

كما تتكفل مصلحة النشاط الإجتماعي بحماية حقوق المستخدمين المحالين على التقاعد وذوي حقوقهم وفقا للقانون والنصوص التنظيمية المسيرة لسياسة التوجيه الإجتماعي للجيش الوطني الشعبي، وذلك من خلال صندوق التقاعدات العسكرية الذي يعتبر أداة لتسيير نظام المعاشات، كما تقترح كل إجراء ملائم لفائدة أصحاب المعاشات وذوي الحقوق في المجال الإجتماعي.

 

I:\المراسلات\000\زيارة المفتش للمديرية المركزية  للايصال  الاعلام و التوجيه\DSC_0370.JPG

 

 

  1. الدفاع السيبراني ومراقبة أمن الأنظمة:

 إدراكا منها للتحديات التي فرضها الواقع، وقصد الإلمام بكافة التهديدات التي يشكلها الفضاء السيبراني على الأمن وحتى سيادة الدول والحكومات، قامت قيادة الجيش العليا برسم استراتيجية دفاع سيبراني متكامل وفعال، يهدف إلى تأمين وحماية المنظومات والمنشآت الحيوية للمؤسسة العسكرية، فأسست مصلحة الدفاع السيبراني ومراقبة أمن الأنظمة، كهيئة استراتيجية تضطلع بمهمة الوضع والتطبيق الميداني للسياسة الشاملة للدفاع السيبراني داخل الجيش الوطني الشعبي، عن طريق تقييم، تعزيز مستوى أمن جميع أنظمة المعلومات، أنظمة الإتصالات وأنظمة الأسلحة قيد الإستغلال. 

كما تتكفل المصلحة بالوقاية والتحسيس ضد محاولات التضليل، التلاعب واستهداف المستخدمين، وكذلك تحيين وتطبيق الإطار التنظيمي الخاص بمجال الدفاع السيبراني، الذي فرضته ثورة تكنولوجية غير مسبوقة.

في هذا السياق، أولت القيادة أهمية خاصة لتطوير هذا المجال، انطلاقا من قناعتها بأن الدفاع السيبراني أصبح مكونا ضروريا للحرب الحديثة، من خلال دمج هذا البعد الإفتراضي في مسرح العمليات.

وفي إطار اليقظة المعلوماتية والاستعلام السيبراني، علاوة على تنفيذ مهمتها لجمع ومعالجة كل أنواع المعلومات المتعلقة بالدفاع السيبراني من أجل استباق وإفشال كل محاولة هجوم سيبراني يمكنه استهداف الأنظمة المستعملة على مستوى الجيش الوطني الشعبي، تشارك المصلحة أيضا وبالتنسيق مع الهيئات المعنية ذات الصلة، من أجل ضمان يقظة معلوماتية مستمرة وفعالة لرصد حملات التضليل التي تقوم بها أطراف معادية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تحسيس المستخدمين وتوجيههم إلى الإستعمال السليم لتكنولوجيات الإعلام والإتصال بهدف حمايتهم من كل الأخطار التي تمس بحياتهم المهنية والخاصة.

في إطار التعاون المشترك، تمثل المصلحة وزارة الدفاع الوطني لدى الهيئات الوطنية والدولية، من أجل إنشاء آليات تعاون وتبادل متينة ومفيدة للطرفين. وتساهم بفعالية في إعداد ووضع السياسة الوطنية في مجال الأمن السيبراني، خاصة في مجال الحماية والدفاع على المنشآت الرقمية الحيوية للوطن.

 

I:\المراسلات\000\زيارة المفتش للمديرية المركزية  للايصال  الاعلام و التوجيه\DSC_0370.JPG

 

مديرية الإعلام و الإتصال/أركان الجيش الوطني الشعبي/وزارة الدفاع الوطني