محمد المولود بن الموهوب
هو من رواد النهضة الفكرية والثقافية ومن ألمع الشخصيات الجزائرية التي لعبت دورا متميزا خلال الربع الأول من القرن العشرين، وهو من أبرز من مهد لظهور الحركة الإصلاحية في الجزائر بداية من العشرينات، ويعتبر أبو القاسم سعد الله "أن ليس هناك مثقف جزائري آخر قد فهم وأثر على تاريخ بلاده كما فعل ابن الموهوب"، وذلك أن ابن الموهوب كان بمثابة مقدمة لحركة بن باديس الإصلاحية فيما بعد.
كان بن الموهوب من دعاة الأخذ بالحضارة الغربية والتجديد ومحاربة الجمود والتحجر، حيث كان يرى أن التخلف الذي وصلت إليه الأمة جاء نتيجة حتمية لانحصار دائرة العلم، وامتداد دائرة الجهل، فقد استبد البسطاء بالأمر، وتحكموا في سير دواليب الحياة الاجتماعية وصاروا يحكمون بالتعسف والجور باسم الدين، وهو أجهل ما يكونوا بتعاليم شريعته، واعتمد على السنة والقران لإقناع المواطنين على ضرورة الأخذ بالعلم والحكمة، من الثقافات والحضارات الغربية... وعدى مواطنيه إلى ضرورة الانتباه إلى العنصر الأوربي واتخاذه كمثال في التربية والاتحاد، وحث إلى التعليم وخاصة تعلم اللغتين العربية والفرنسية، وفي قصيدة شعرية باسم المنصفة، نشرها في كوكب إفريقيا (1910) انتقد الأفكار المسبقة والمتوارثة في المجتمع القسنطيني.
وان كان ابن الموهوب صريحا في ميدان الإصلاح الديني بمقاومته للبدع والأمراض الاجتماعية، فانه كان حافظا في الميدان السياسي فلم يفصح عن موقفه من قضايا عديدة أخرى، كالموقف من التجنيد الإجباري مثلا.
ونظرا لمكانة بن الموهوب الدينية وثقافته الإسلامية والأوربية وبرنامجه التقدمي في تحرير الجزائر اثر على معاصريه سواء كانوا محافظين وليبراليين جزائريين أو فرنسيين، وبفضل ابن الموهوب تحولت كتلة المحافظين من مجموعة مفككة وبدون فعالية إلى مجموعة نشيطة مؤثرة تتمتع ببرنامج إصلاح معين، وهذا ما ذكرناه سابقا بان بن الموهوب كان بمثابة مقدمة للعمل الإصلاحي الجماعي.