تطور قطاع التجارة (1962- إلى يومنا هذا)
قطاع التجارة رؤية عصرية
واجهت الجزائر غداة الإستقلال رهانات وصعوبات عديدة تمثلت في غياب أسس صلبة لتسيير القطاع الإقتصادي عموما والتجارة على وجه الخصوص، وذلك في ظل وجود عدد قليل من المحلات التجارية والنقص الكبير في المواد الإستهلاكية ، مع إكتفاء المواطن في تلك الحقبة بالقليل منها، قبل أن يسجل المجال التجاري تحوله الأول ضمن الرؤية الجديدة للعاملين على تسيير شؤون الدولة آنذاك من خلال إدراج القطاع في الإستراتيجية الجديدة القائمة على التأسيس لجمهورية ديمقراطية إجتماعية ضمن المبادئ الإسلامية.
تكمن المهمة الأساسية لقطاع التجارة في التنظيم والضبط والرقابة، ففي الفترة الأولى لإستقلال الجزائر وحتى سنوات التسعينات كانت هذه المهمة محتكرة من طرف الدولة، لكن بعد الإنفتاح الإقتصادي لوحظ وجود تفاوت كبير بين سرعة هذا الإنفتاح ومقتضياته بإيجابياته وسلبياته وبين مرافقة مؤسسات وهيئات الدولة لهذا المنطق الإقتصادي الجديد حيث لم تكن محضرة جيدا لهذا الوضع المستجد ، لا سيما فيما يخص وضع الآليات الجديدة للضبط للرقابة والتنظيم بما يتوافق والتوجه الإقتصادي الجديد.
ورغم تعدد توجهات الإقتصاد الجزائري وتنوعها وفق مقتضيات كل مرحلة والتغييرات الجيوسياسية في المنطقة، إلا أن المسيرة تواصلت لتحدث اليوم قفزة نوعية يسجلها قطاع التجارة منذ سنوات من خلال حزمة من الإصلاحات هدفت بالأساس إلى عصرنة القطاع من خلال تدعيمه بهياكل جديدة تخفف الضغط على الهياكل القديمة وتحسن محيط العمل، فكانت البداية بإعداد ترتيبات تشريعية وتنظيمية كفيلة بتأطير النشاط التجاري وإعادة تأسيسه لسد الثغرات والنقائص الحاصلة، وهو ما أدى إلى تكييف التنظيم والتشريع اللذان يخضع لهما ميدان التجارة بهدف حماية المستهلك، وفي هذا الإطار تم إستصدار عدة نصوص تشريعية و مراسيم تنفيذية في مجال المنافسة والممارسات التجارية عموما والتجارة الخارجية.
النصوص التشريعية المتعلقة بتنظيم التجارة
عرف التشريع في مجال تنظيم التجارة منذ الإستقلال إلى اليوم عدة مراحل و محطات نقف عند أبرزها ونذكر منها ما يلي :
- سنة 1975 : صدور"أول قانون يتعلق بالتشريع التجاري" بموجب الأمر رقم 75-59 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 يتضمن القانون التجاري ؛
- سنة 1989 : صدور أول قانون جزائري يتعلق بتحديد الأسعار تحت رقم89 -12 المؤرخ في 05 يوليو 1989 ، والذي كان يهدف إلى تحديد شروط تكوين أسعار السلع والخدمات والقواعد العامة لتسيير الأسواق وميكانيزمات التنظيم الإقتصادي بواسطة الأسعار، حيث كانت تطبق أحكام هذا القانون على السلع والخدمات التي تنتج أو توزع في السوق الوطنية من طرف أشخاص طبيعيين أو معنويين يمارسون أعمال تجارية ، ولا تطبق على النشاطات التي تخضع أسعارها لقواعد متضمنة في تشريع خاص. الذي بدأ يفك القيود على تقنين الأسعار ؛
- سنة 1995 : صدور أول أمر يتعلق بالمنافسة تحت رقم 95-06 المؤرخ في 25 جانفي 1995، الذي كان يهدف إلى تنظيم المنافسة الحرة وترقيتها وإلى تحديد قواعد حمايتها قصد زيادة الفعالية الإقتصادية وتحسين معيشة المستهلكين من جهة ، وإلى تنظيم شفافية الممارسات التجارية ونزاهتها من جهة أخرى.
- سنة 2003 : صدور القانون الجديد للمنافسة، بموجب الأمر 03-03 المؤرخ في 19 جويلية 2003، الذي ألغى أحكام الأمر السالف الذكر، والذي بموجبه تم على الخصوص إقرار تركيبة جديدة لمجلس المنافسة.
- سنة 2004 : صدور قانون 04-02 المؤرخ في 29 جوان 2004 ، الذي يحدد القواعد المطبقة على بالممارسات التجارية الذي تم من خلاله تحديد قواعد ومبادئ شفافية ونزاهة الممارسات التجارية المقامة بين الأعوان الإقتصاديين وبين هؤلاء والمستهلكين ، وكذا حماية المستهلك وإعلامه.
- سنة 2009 : صدور القانون المتعلق بالجودة وقمع الغش رقم 09-03 المؤرخ في 25 فبراير 2009، الذي أسس للقواعد المطبقة في مجال حماية المستهلك وقمع الغش.
كل هذه الترسانة القانونية جاءت مرحلة بعد مرحلة حسب التحولات والتطورات الإقتصادية التي عرفتها البلاد وحسب درجة الإنفتاح إلى إقتصاد السوق الذي يخضع لضوابط العرض والطلب و هي تشهد في المرحلة الراهنة مراجعة شاملة بما يتوافق والرهانات الجديدة الداخلية والخارجية التي تواجهها البلاد.
موازاة مع الجهود المبذولة في الجانب التشريعي والتنظيمي، تسهر مصالح وزارة التجارة على متابعة مهامها المباشرة والتي تتمثل أساسا في :
- ضبط النشاطات التجارية وتنظيمها والسهر على تموين السوق ؛
- مراقبة وتأطير السوق ؛
- توفير الأجواء والظروف الكفيلة بحفظ حقوق التجار والمستهلكين على حد سواء ؛
- تقديم المبادرة فيما يقتضيه الوضع والموقف ؛
- الحرص على ترقية نوعية المنتجات والخدمات عبر المراقبة الدقيقة والصارمة في آن واحد؛
- تأطير التجارة الخارجية وترقية الصادرات خارج المحروقات .
ولضمان حسن أداء هذه المهام المنوطة بها، فعلاوة على مختلف مصالح الإدارة المركزية، تعتمد على مصالحها الخارجية والمتمثلة في تسع (09) مديريات جهوية للتجارة وترقية الصادرات و 58 مديرية ولائية للتجارة وترقية الصادرات و 50 مفتشية للحدود و 154 مفتشية إقليمية مرشحة للإرتفاع إلى 178 مفتشية إقليمية، إلى جانب إعتمادها على هيئات أخرى تعمل تحت وصايتها وهي:
- الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية ؛
- شركة إنجاز وتسيير أسواق الجملة للخضر والفواكه (ماقرو) ؛
- المركز الوطني للسجل التجاري ؛
- الشركة الجزائرية للمعارض والتصدير ؛
- المركز الجزائري لمراقبة النوعية والرزم ؛
- العامة الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة وكذا غرف التجارة والصناعة الولائية (48 غرفة) ؛
- المخبر الوطني للتجارب.