تنويع مصادر التمويل خدمة للتنمية المحلية

تعتبر الجماعات المحلية النواة الرئيسية للتنمية المحلية والشاملة وهذا بحكم قربها من المواطن، وكذا تنوع مجالات البرامج التنموية التي تمسها مخططات البلدية للتنمية والتي يموّل الجزء منها صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية إلى جانب صندوق التنمية لمناطق الجنوب وصندوق الهضاب العليا. وبهدف دعم التنمية المحلية واستعادة التوازنات المالية، تسهر وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية بالتنسيق مع وزارة المالية على إصلاح المالية والجباية المحلية عبر اتخاذ سلسلة من الإجراءات والتدابير وفق لما تقتضيه الحكامة المحلية الرشيدة. كما تعكف الوزارة في إطار ترشيد النفقات العمومية على تثمين ممتلكات الجماعات المحلية المنتجة للمداخيل والعمل على تنويع مصادر التمويل للمشاريع التنموية، وكذا إدراج أنماط تسيير المرافق العمومية جديدة أكثر نجاعة وفعالية وعلى رأسها تفويض المرفق العام.

المخططات البلدية للتنمية أداة التنمية الجوارية:

تشكل المخططات البلدية للتنمية أداة للتخطيط وتهيئة الإقليم على مستوى البلدي، حيث تسجل العمليات ومشاريع وعمليات التجهيز والاستثمار العمومي المبرمجة من قبل المجالس الشعبية البلدية والتي تظهر على شكل مخططات سنوية ومتعددة السنوات. وتندرجالمخططات البلدية للتنمية في إطار سياسة التوازن الجهوي قصد إعطاء كل بلدية حظوظا متساوية في التنمية وتشجيع الجماعات المحلية على تلبية حاجياتها بنفسها،كما تعد الأداة الأنسب والفعالة خاصة بالنسبة للبلديات التي تعاني من نقص في الموارد المالية لتجسيد أهدافها التنموية المسطرة قصد الاستجابة السريعة لحاجيات المواطنين وتحسين إطارهم المعيشي لما تتسمه من سرعة في إنجاز المشاريع التنموية.

وبهذا تتضمن القوانين المالية وبشكل سنوي مخصصات إجمالية بعنوان المخططات البلدية للتنمية موجهة لتمويل العمليات والمشاريع المقترحة من طرف البلديات وفق أحكام مواد المرسوم الرئاسي رقم 73-136 المؤرخ في 09 غشت 1973 المتعلق بشروط تسيير وتنفيذ مخططات البلديات الخاصة بالتنمية وأحكام المادتين 21 و22 من المرسوم التنفيذي رقم 98-227 المؤرخ في 13 يوليو 1998 المتعلق بنفقات الدولة للتجهيز.

تحدد العمليات التي يمكن تسجيلها بعنوان المخططات البلدية للتنمية بموجب مدونة تحتوي على 16 فصل و62 مادة تشمل المجالات التالية: الطرق وفك العزلة، تحسين المحيط الحضري والتهيئة الحضرية، البريد والمواصلات، النقل، الصحة الجوارية، الهياكل الثقافية والترفيهية، الزراعة، التزويد بالمياه الصالحة للشرب، التطهير، التربية والتعليم

بلغت الاعتمادات المالية المخصصة للمخططات البلدية في الفترة الممتدة ما بين (2010-2020) 84،877 مليار دينار أي بنسبة % 12،8 من إجمالي الغلاف المالي الموجه لصالح الولايات، وقد تم تخصيص غلاف مالي بلغ 100 مليار دجلهذه المخططات سنة 2022.

صندوق الضمان والتضامن للجماعات المحلية: تمويل تضامني لدعم التنمية

عرفت عملية التضامن ما بين الجماعات المحليات عدة أنماط التسيير، كما أطلقت للصندوق المكلف بذلك عدة تسميات فقد كان يطلق عليه في سنة 1962 " صندوق التضامن لمقاطعات وبلديات الجزائر"، ثم تم تكليف "الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط" بالتضامن المحلي من 1964 إلى غاية 1973 (يخضع لوصاية مالية تمارسها وزارة الاقتصاد الوطني ورقابة مزدوجة بخصوص التسيير تمارسها كل من وزارة الداخليةووزارة الاقتصاد الوطني)، وفي سنة 1967، تم إعادة تكييف "الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط" في هياكله ومهامه بعد صدور قانون البلدية (الأمر رقم 67-24 المؤرخ في 18 يناير 1967) ثم قانون الولاية (الأمر رقم 69-38 المؤرخ في 23 مايو 1969) وهذا من خلال إنشاء صناديق التضامن للبلديات والولايات، في سنة 1973، تم تحويل الصلاحيات لوزارة الداخلية والجماعات المحلية وذلك بإنشاء مؤسسة تحت تسمية " مصلحة الصناديق المشتركة للجماعات المحلية" بموجب المرسوم رقم 73-134 المؤرخ في 09 أوت 1973 المطبق لأحكام المادة 27 من قانون المالية لسنة 1973، وفي سنة 1986، أصبحت هذه المصلحة مؤسسة عمومية ذات طابع إداري تحمل تسمية " صندوق الجماعات المحلية المشترك" طبقا لأحكام المرسوم رقم 86-266 المؤرخ في 04 نوفمبر 1986 وذلك لمواجهة الصعوبات المالية "الهيكلية" الهائلة التي واجهتها البلديات في تلك الفترة. وقصدتكريس "لامركزية حقيقية لبرامج التجهيز" وتعزيز "التضامن المالي بين الجماعات المحلية" من أجل "ضمان التمويل الدائم والمنتظم للمرافق العمومية"، تم إصدار المرسوم التنفيذي رقم 14-116 مؤرخ في 24 مارس 2014 والمتضمن إنشاء صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية، والمحدد مهامه وتنظيمه وسيره.هدفه إعادة التنظيم الداخلي للصندوق من جهة، وتعزيز أدوات التضامن المالي من جهة أخرى.

يعد الصندوق "التضامن والضمان للجماعات المحلية" مؤسسة عمومية ذات طابع إداري تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، يديره مجلس توجيه ويسيره مدير عام ويزود بلجنة تقنية، يسهر على توزيع أفضل للموارد المحلية وترشيد التسيير المحلي ، وتفضيل نهج تشاركي وإجراءات متماسكة ومستدامة. وللقيام بمهامه يملك صندوق التضامنوالضمان للجماعات المحلية موارد منها الجبائية وأخرى من ميزانية الدولة.

إعانات صندوق التضامنوالضمان للجماعات المحلية: يمنح الصندوق لفائدة الجماعات المحلية إعانات سنوية، ويمكن تقسيم هذه الإعانات إلى قسمين: الأولى تدفع من ميزانيته الخاصة والثانية من ميزانية الدولة بعد مرورها على ميزانية الصندوق و من بين الإعانات التي يمنحها الصندوق من ميزانيته الخاصة في مجال التضامن ما بين الجماعات المحلية التخصيص الإجمالي للتسيير و التخصيص الإجمالي للتجهيز و الاستثمار.

  • التخصيص الإجمالي للتسيير:و يوجه هذا التخصيص الإجمالي للتسيير إلى قسم التسيير لميزانيات البلديات و الولايات و يتضمن الإعانات السنوية الآتية:
  • معادلة التوزيع بالتساوي:توجه منحة معادلة التوزيع بالتساوي لفائدة الولايات والبلديات بهدف تغطية نفقاتها الإجبارية وضمان استمرارية وسير الحسنلمرافق الجماعات المحلية، مع الأخذ بعين الاعتبار المعيار الديموغرافي، الموارد المالية المحلية والوطنية. كما يمكن لمجلس التوجيه الاعتماد على معايير أخرى
  • تخصيص الخدمة العمومية :يمنح تخصيص الخدمة العمومية للجماعات المحلية التي تعرف صعوبات في تغطية النفقات الإجبارية المرتبطة بتسيير المرافق العامة. ويدفع هذا التخصيص للجماعات المحلية بهدف تلبية الاحتياجات ذات الصلة بالمهام المخولة لها بموجب القوانين والتنظيمات (كتوفير النقل المدرسي، رفع القمامات المنزلية،إصلاح الطرقات......)
  • الإعانة الاستثنائية:تمنح الإعانات الاستثنائية للجماعات المحلية التي تواجه وضعية غير متوقعة (كوارث طبيعية، أحداث طارئة، وضعية مالية جدّ صعبة).
  • إعانات للتكوين والدراسات
  • التخصيص الإجمالي للتجهيز والاستثمار: يسمح هذا التخصيص للبلديات بإنجاز برامج تجهيز و استثمار بهدف المساعدة في تطويرهاوخاصة تطوير المناطق الواجب ترقيتها ويشمل هذا التخصيص الإعانات التالية :

إعانة التجهيز والاستثمارتوجه هذه الإعانات إلى ميزانيات الجماعات المحلية بقسم التجهيز والاستثمار لتدعيم وتشجيع وإنجاز عمليات تكون من اختصاصها كما يمكن أن تمنح هذه الإعانات لفائدة المؤسسات العمومية المحلية المكلفة بتسيير المرافق العامة .

  • مساهمات مؤقتة أو نهائية موجهة لتمويل المشاريع المنتجة للمداخيل : موجهة لفائدة البلديات ومؤسساتها العمومية من أجل تمويل مشاريعها المنتجة للمداخيل

مساهمات صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية:

  • في إطار وضع حيز التنفيذ التقسيم الإداري لسنة 1984 ساهم الصندوق في إنجاز 600 مقر مع سكنات وظيفية؛
  • إنجاز 1200 ملحقة إدارية للبلديات بهدف تقريب الإدارة من المواطن سيما على مستوى التوسعات العمرانية؛
  • المساهمة في اقتناء 2870 عتاد نظافة والتطهير والإنارة العمومية؛
  • المساهمة في اقتناء 4519 من مختلف عتاد الأشغال العمومية والفلاحي؛
  • تمويل برنامجين وطنيين لاقتناء حافلات النقل المدرسي تدعيما لحضيرة البلديات : البرنامج الأول سنة 2009 حيثتم اقتناء 1300 حافلة، البرنامج الثاني سنة 2018 مخصصلاقتناء 3500 حافلة؛
  • تمويل منذ سنة 2016 إلى غاية 2022 أكثر من 15.000 عملية تنموية بغلاف مالي تجاوز 700 مليار دج؛
  • تخصيص 60 مليون دج لتدعيم ميزانيات التسيير للولايات العشرة الجديدة.

الجباية المحلية 

تعد الجباية المحلية من آليات تحسين مداخيل الجماعات المحلية، بحيث تمثل أزيد من 88 % من الموارد الإجمالية العائدة لها.هذا وقد عرف النظام الجبائي المحلي عدة تغيرات بالنظر للتطورات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

- فترة 1962 – 1965 : " تكييف النظام السابق ".

 - فترة 1965 – 1970: "تكييف وتعديل النظام الجبائي" .

- فترة 1970-1973 : "مرحلة إنتقالية ".

- فترة ما قبل 1979: "تعويض نقص القيمة الناتجة عن تدابير الإعفاء من الضرائب "

- فترة 1979 – 1984: " تدعيم الموارد الجبائية ".

- إصلاح 1984 : " إصلاح الجباية المحلية " . 

- فترة 2000 – 2007: " مواصلة إصلاح الجباية المحلية " .

- فترة 2007 إلى 2020 ‘’ إجراءات موجهة لتحسين الإيرادات الجبائية للجماعات المحلية ‘’.

- فترة 2020 إلى يومنا هذا: ‘’إصلاح شامل للنظام الجبائي المحلي ‘’.

تستفيد البلديات من مجموعة من الضرائب والرسوم منها ما تتشارك فيه مع الإدارات المركزية والولايات وصندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية ومنها ما هو مخصص لها كليا على غرار الرسم العقاري، رسمالتطھیر، الرسمعلىالإقامة،الرسمعلىالرخصالعقاریة، الرسمعلىالإعلاناتوالصفائحالمھنیة، الرسمعلىالحفلات والرسم على رفـع النفايــات المنزليـــة.

للبلديات حق تحصيل نوعين من الرسوم: رسوم محلية عامة وهي رسوم تفرض بقوانين وقرارات وزارية، ورسوم ذات طابع محلي تفرض بقرارات محلية تصدرها المجالس الشعبيةالبلدية.

وفي إطار تنفيذ مخطط عمل الحكومة، الذي يهدف إلى إصلاح شامل للنظام الجبائي المحلي، تم مباشرة عدة إجراءات من طرف وزارة الداخلية، الجماعات المحلية والتهيئة العمرانية بالتنسيق مع مصالح وزارة المالية، تتمثل بالخصوص فيما يلي:

  • تقنين الأحكام المتعلقة بالضرائب والرسوم المحلية من خلال مشروع تمهيدي لقانون الجباية المحلية :يقترح المشروع التمهيدي للقانون إجراءات تتعلق بعصرنة الإطار القانوني للضرائب، الرسوم والحقوق الموجودة في التشريع المعمول به، وهذا بهدف تبسيط النظام الجبائي المحلي، وكذا إدخال ميكانيزمات جديدة في تسييره من أجل ضمان حسن أدائه.
  • إصلاح الرسم العقاري :تم إدراج عدة إجراءات من خلال قانون المالية لسنة 2022، متعلقة بإصلاح الرسم العقاري، الذي من المفروض يعد من أهم الموارد للجماعات المحلية.
  • إصلاح الرسم على النشاط المهني :من أجل تخفيف الأعباء الضريبية الملقاة على عاتق المؤسسات، تم إدراج من خلال قانون المالية لسنة 2022، أحكام متعلقة بمراجعة معدل الرسم على النشاط المهني.

  • تثمين الموارد المحلية 

  • أ-الأملاك
  • سعيا منها على إخراج البلديات من نهجها التقليدي في كونها هيئة إدارية تؤدي مهام التنظيف أو استخراج وثائق الحالة المدنية، وبهدف تكريس ثقافة ريادة الأعمال والمقاولاتية لدى الجماعات المحليةتجعل منها مؤسسة شبه اقتصادية تعمل على جعل إقليمها أكثر جاذبية وملائمة لنمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة وكذا من أجلاستقطاب الاستثمارات الخلاقةللشغل والثروة، سطرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية في سنة 2016 خارطة الطريق لتثمين ممتلكات الجماعات المحلية، حيث أحرزت نتائج إيجابية في الميدان بالرفع من قيمة الإيرادات المتأتية من الأملاك المحلية إلى 17% خلال سنتين (2017 و2018).
  • وفي هذا الإطار، تم تنصيب سنة 2018 لجنة وزارية ولجان ولائية مكلفة بمتابعة أنشطة تثمين أملاك الجماعات المحلية والتحكم فيها، وهذا قصد تهيئة الظروف المواتية لخلق حركية اقتصادية وتنموية تعود بالفائدة أولا على ساكنتها ثم على التنمية الوطنية ككل.فكان الحل البديل لذلك تثمين ممتلكات الجماعات المحلية بإعادة النظر في الحقوق والتسعيرات المتعلقة بأملاكها (الأملاك المنتجة للمداخيل) من خلال إعادة تقويمها، وتحيين ومراجعة أسعار تأجيرها وتحسينها طبقا للأسعار المعمول بها لدى الخواص. كما بذلت كافة الجهود لتحسين مردودية هذه الأملاك عبر مراجعة طرق وشروط استغلالهاومن خلالإحصاء شامل قائم على جرد الأملاك العقارية والمنقولة وتسجيلها في الجدول العام للأملاك الوطنية.
  • وبتعليمات من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، شرعت الجماعات المحلية في عملية استرجاع الأوعية العقارية ذات الطابع الصناعي والفلاحي والسياحي غير المستغلة قصد منحها مجددا للمستثمرين الحقيقيين الحاملين للمشاريع الاستثمارية الإستراتيجية.

  • ب- تفويض المرفق العام:
  • بغية من تحرير روح المبادرة لدى الجماعات المحلية وتحقيق التقدم في التسيير العمومي المحلي، اعتمدت السلطات العمومية على أسلوب تفويضات المرفق العام والذي نصت عليه أحكام المادة 210 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247 المؤرخ في 16 سبتمبر 2015 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام والذي تم تأطيره عبر المرسوم التنفيذي رقم 18-199 المؤرخ في 02 أوت 2018 المتعلق بتفويض المرفق العام. حيث تحرص في هذا السياق على إضفاء طابع المرونة في تسيير المرافق العمومية الجوارية من خلال هذا النوع من أسلوب التسييرلتكريس الشراكة بين القطاعين العام والخاص بما يعزز جودة الخدمة العموميةاستجابة لتطلعات المرتفقين المتحولة لاسيما تلك المتعلقة بالتنمية البشرية وكذا تحقيق المصلحة العامة.
  • تأخذ عقود تفويض المرفق العام عدة أشكال كالامتياز، الإيجار، الوكالة المحفزة أو التسيير مع مراعاة احترام مبادئ الاستمرارية، المساواة وقابلية التكيف ضمانا للجودة ونجاعة الخدمة العمومية. كما يساهم هذا النمط من التسيير في تخفيف الأعباء المالية للجماعات المحلية، مزاولة النشاط بالمنشآت العديدة التي تم إنجازها وتعذر استغلالها بسبب نقص الميزانية، خلق مناصب الشغل للشباب من خلالمنحهم فرص في تسيير والشغل في بعض الممتلكات والخدمات الجوارية للبلديات ( الأسواق ومواقف السيارات و المسابح وقاعات الرياضة والسنيما ودور الحضانة....).