الذكرى الـثلاثون للاستقلال
دخلت الجزائر، بحلول الذكرى الثلاثين للاستقلال وعيد الشباب، عهدا جديدا على المستوى المؤسساتي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، فبعد ثلاثة عقود مكثفة من التشييد الموجه لإرساء هياكل صناعية واقتصادية وإنجاز منظومة الحماية الاجتماعية والتعليم والصحة، كان من الطبيعي أن يؤدي التقدم المسجل في البلاد بتناغم مع التغيرات الحاصلة في العالم إلى تحولات عميقة في الطريقة التي ستواصل بها الجزائر مسارها في التنمية وتثمين مواردها. فقد سمح التطور المادي وتحسن مستوى الصحة والتعليم والزيادة في الطموحات الاجتماعية والثقافية خلال ثلاثين سنة من الاستقلال ببروز متطلبات جديدة، تصب نحو إرادة أقوى للمجموعة الوطنية في التحكم بمصيرها، وفي مساهمة أفضل في خلق الثراء وتجنيد أكبر لإمكاناتها. وقد ترجم هذا التحول في المجتمع الجزائري على المستوى السياسي والمؤسساتي ببروز التعددية وتقويتها عبر إنشاء أحزاب سياسية، ومشاركتها النشطة في الحياة العامة والسياسية من خلال مواعيد انتخابية عديدة. وفي المجال الاقتصادي، كرس التوجه الجديد الإرادة في بناء اقتصاد سوق يزاوج بين الأداء الجيد في خلق الخيرات وحتميات العدالة الاجتماعية. وأفرزت التغيرات المسجلة صعوبات نتيجة للرهانات المتعددة والجديدة، التي كانت ترتسم داخل المجتمع الجزائري. لهذا تميزت الذكرى الثلاثون للاستقلال بتعديلات اقتصادية واجتماعية ومؤسساتية هامة، تمكنت المجموعة الوطنية من الاضطلاع بها بتضحيات شتى، قصد المحافظة على انسجامها ومسيرتها نحو تقدم ورقي كل مكونات المجتمع. فلم تتمكن لا المحن ولا الحالة الأمنية الصعبة ولا الظرف الدولي ومخاطره على الجزائر من المساس بها في ثلاثين سنة من السيادة والاستقلال، ولم تقلل من عزيمتها في بناء مستقبل لكل أبنائها في كنف الكرامة والتقدم.