الذكرى العاشرة للاستقلال
5 جويلية 1962
في هذا التاريخ، افتكت الجزائر استقلالها. شعبٌ أبيّ عانى ويلات سبع سنوات من الحرب أو تزيد، يتولى زمام أموره ومصيره بيده. قام لمشروع كبير للبناء والتشييد وهو لازال يضمد جراحه. وما زاد من ثقل المهمة قلة الإطارات المتوفرة، لاسيما وأن الشعب لم يكن يعرف في البداية أي شيء يذكر عن شؤون التسيير الاقتصادي التي أبعد عنها لمدة مائة واثنين وثلاثين سنة من الاستعمار.
5 جويلية 1972
بعد مضي عشر سنوات، كشفت الجزائر للعالم وجه أمة في أوج نموها الاقتصادي الذي اعترف جميع الخبراء بسلامة تسييره. لقد تحولت الجزائر بفضل المخطط الرباعي وبفضل استرجاع سيادتها على مواردها الطبيعية إلى ورشة كبيرة، وساعدها في ذلك استقرار الوضع السياسي، وأصبحت اليوم في طليعة البلدان السائرة في طريق التصنيع. لتحقيق هذه النتيجة، كان لابد من إيمان راسخ، إيمان بشعار «الثورة من الشعب وإلى الشعب».
عاشت الثورة الجزائرية فترة من تاريخها حرفت خلالها عن هدفها، لكنها سرعان ما استعادت مجراها الطبيعي إثر تصحيح 19 جوان 1965، وهو التاريخ الذي أسس لبداية
عمل واعٍ.
استطاعت الدولة تدريجياً أن تتحكم في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، قبل أن تتولى زمام تسييرها (البنوك، المناجم، الصناعات التحويلية، النقل البحري، وأخيراً وليس آخراً، الموارد النفطية، وهو حدث لم يسبق له مثيل في تاريخ العالم الثالث).
كل هذه القطاعات خضعت لتحول عميق على إثر تطبيق المخطط التحضيري والمخطط الرباعي. تضاف إلى العمليات المخططة البرامج التنموية الخاصة لفائدة المناطق الأكثر حرماناً، لأن أحد مطالب الثورة الجزائرية هو ضمان ترقية اجتماعية منسجمة في كامل أرجاء الوطن.
ولتحفيز هذه العملية، تم إقرار اللامركزية الإدارية.
الجهود المكرسة لنشر التعليم هي دائماً في تنام من سنة إلى أخرى. أعداد المتمدرسين تضاعفت تقريباً أربع مرات، إذ انتقلت من 000 700 إلى000 500 2، كما أن اللغة العربية استرجعت حقوقها. القطاع الفلاحي المسير ذاتياً، والذي يشمل كل أراضي المعمرين القدامى، تم تحديثه كما أدخلت مناهج زراعية جديدة.
علماً بأن كل هذه العمليات تندرج ضمن المشروع الثلاثي: الثورة الزراعية ــ الثورة الصناعية ــ الثورة الثقافية. لا تختصر الثورة الزراعية في عملية توزيع للأراضي الجاري تطبيقها، بل تصبو إلى إقامة قرى فلاحية نموذجية تتوفر على شروط حياة جديدة. فمنذ عام، ولأول مرة، أصبح العمال المزارعون يستفيدون من نظام حماية اجتماعية ومنح عائلية. أما الثورة الصناعية فترمي إلى توفير العامل المنتج الذي يشارك مشاركة كاملةفي التسيير الاشتراكي للمؤسسات. وأما الثورة الثقافية، وهو مفهوم مستحدث، فتتجسد بالخصوص في الجهود المبذولة من أجل التعريب وتعميم التعليم وتجديد مناهج التكوين (ترقية المعاهد التكنولوجية)، وبناء دور الثقافة... إلخ. لاسترجاع حقوقها كاملة غير منقوصة، ولتسيير الاقتصاد الوطني بأسلوبها، كان لزاماً على الجزائر أن تتحلى بالمثابرة والحزم، الصفتان اللتان قاد بهما الرئيس بومدين تحديداً شؤون الدولة.
منذ الاستقلال، عبّرت الجزائر عن عزمها على بناء اقتصاد يقوم على استغلال مواردها الذاتية. واليوم، الأصداء الواردة من الندوة الأخيرة لمجلس الأمم المتحدة للتجارة والاقتصاد والتنمية تؤكد على هذا الحكم.