الأمن الوطني: تعزيز سياسة الوقاية والعصرنة
من منظور يهدف إلى الحفاظ وإدامة سيادة الدولة الجزائرية عبر كامل التراب الوطني، التي تعدّ بمثابة الرهان الوحيد لتغطية أمنية واستقرار دائمين يعمّان كلّ ربوع البلاد، عكفت المديرية العامة للأمن الوطني منذ غداة الاستقلال، على وضع مخططات طموحة من أجل انجاز منشآت توفّر كلّ المتطلّبات التي من شانها ضمان الأداء الحسن للعمل لمستخدمي الشرطة، كما أنها انّخرطت في مسار تطوير وسائل ومناهج العمل والّتدخل.
لمحة تاريخية:
يعد جهاز الشرطة من بين المصالح التي تم إنشاؤها على أعقاب انعقاد مؤتمر الصومام تحت اسم "شرطة المجالس الشعبية الخماسية"، وهذا بهدف ضمان النظام داخل الثورة، كما ترتب عن اتفاقيات إيفيان إنشاء هيئة تنفيذية مؤقتة، أوكلت إليها مهمة تسيير الدولة في الفترة الانتقالية، وقد تكونت هذه الهيئة من عدة لجان ومندوبيات، منها المندوبية المكلفة بالأمن العام، حيث أوكلت لها مهام حفظ الأمن العام، ووضعت تحت سلطتها قوات الأمن والشرطة التي عملت على توفير الأمن والاستقرار في الجزائر.
- أنشئت المديرية العامة للأمن الوطني يوم 22 جويلية 1962 بعد تجميع مديرية الأمن الوطني بالجزائر مع مندوبية النظام العام،أين توجّب عليها، سدّ الفراغ الأمني الذي تركه الرحيل الجماعي لموظفي الشرطة الفرنسية، أما الفئة القليلة من الأعوان الجزائريين الباقون في جهاز الشرطة آنذاك، شكلت النواة الأولى للشرطة الجزائرية، والذين التحق بهم إطارات قادمة من تونس والمغرب، بحيث لم يتجاوز عددهم المائة.
- كما دعمت المديرية العامة للأمن الوطني بأربع دفعات من الملازمين الأوائل للشرطة الذين قامت قيادة الثورة بارسالهم لتلقي تكوينا بكلية الشرطة بمصر بين سنتي 1958- 1962، حيث كان لهؤلاء دورها فاصلا في مجال التكوين،وفي هذا السياق تم فتح عدة مدارس للشرطة، على غرار مدرسة الشرطة بحسين داي في سنة 1962، موجهة لتكوين الإطارات، ومدرستي قسنطينة وتلمسان في سنة 1963، وسيدي بلعباس في سنة 1964.
- كما تم شهر أوت 1965الحاق الهيئة الوطنية للأمن بالمديرية العامة للأمن الوطني، والتي شكّلت قوة احتياط للحفظ النظام العام، أوكلت لها مهام حماية المنشآت العمومية، النقاط الحساسة، البعثات الديبلوماسية والمواكبة الرسمية.
- عرفت المديرية العامة للأمن الوطني عمليات هامّة للتوظيف والتكوين، انطلقت في تلك الفترة الّتي اتسمت أيضا بإنجاز منشآت جديدة على المستوى الوطني، مع افتتاح المدرسة التطبيقية بالصومعة (ولاية البليدة)، في 01 أوت 1969 والمدرسة العليا للشرطة بشاطوناف يوم 17جويلية1971.
- شهدت سنة 1971 إعادة هيكلة المديرية العامة للأمن الوطني، وذلك على المستوى المركزي والجهوي، كما تم إنشاء أمن الولايات، والتي جمعت فيها مختلف المصالح (الأمن العمومي، الشرطة القضائية، الاستعلامات العامة). وفي ذات السياق تم تنظيم الشرطة الجوية والحدود، على شكل مجموعات جهوية، قطاعات وفرق. أما مصالح العتاد والمالية فقد كانت تضمّ أيضا مصالح جهوية، على غرار مصالح الاتصالات السلكية واللاسلكية.
- ابتداءً من عام 1973فتح المجال أمام المرآة الجزائرية لولوج جهاز الأمن الوطني، بدخول أول دفعة لمفتشات الشرطة إلى المدرسة العليا للشرطة والتي تخرجت سنة 1975.
- في سنة 1974، تلقىعدد من المتربصين تكوينا بفرنسا، وهذا لتشكيل أولى توتيدات وحدات التدخل السريع،وهذا لسدّ حاجيات ملحّة للأمن، هذه الوحدات الجديدة عرفت في البداية باسم "وحدات التدريب والتدخل" (و ت ت)، دخلت حيز الخدمة أول مرة في الجزائر العاصمة سنة 1979. ثمّ حملت تسمية وحدات التدريب وحفظ النظام (و ت ح ن)، وفي الأخير أخذت تسمية الوحدات الجمهورية للأمن (و ج أ).
- الشرطة العلمية عرفت هي أيضا تطورا معتبراميّزه إنشاء مخبر علميّ وللطبّ الشّرعي، على مستوى المدرسة العليا للشرطة بشاطوناف، وملحقين جهويين بوهران وقسنطينة.
-شهدت المديرية العامة للأمن الوطني في السنوات الأخيرة عدة عمليات لإعادة التنظيم، وهذا بغية التأقلم مع التحديات الأمنية الجديدة كأحداث أكتوبر 1988، وبدرجة أخصمواجهة ومكافحة ظاهرة الإرهاب خلال العشرية السوداء،وتواصل اليوم المديرية العامة للأمن الوطني تحقيق نتائج إيجابية في الميدان، ملتزمة بالمهام الموكلة اليها، والمتمثلة في حماية الأشخاص والممتلكات والحفاظ على النظام العام، كذا مكافحة كل انواع الجريمة في ظل احترام قوانين الجمهورية ومبادئ حقوق الإنسانباحترافية عالية، أين استطاعت إحباط المخططات الرامية لزعزعة استقرار البلاد.
الأمن الوطني : تعزيز سياسة الوقاية والحداثة
باشرت المديرية العامة للأمن الوطني خلال السنوات الأخيرة، بإطلاق مخطط عميق من أجل الاستجابة الأمثل للتّحولات التي يعرفها المجتمع.
كما عرفت الشرطة القضائية الجزائرية حداثة حقيقية، سواء من حيث المناهج وكذا تجهيزات ومعدات العمل، خصوصا من خلال:
- عصرنة الشرطة العلمية من خلال مشاريع كنظام تحديد الهوية عن طريق البصمات (AFIS) وكذلك نظام فحص الحمض النووي للجينات (ADN) ؛
- إحداث مصالح جديدة متخصّصة على غرار :
جمهرة العمليات الخاصّة للشّرطة (GOSP)؛
المصلحة المركزية لمكافحة الإتجار غير الشّرعي بالمخدرات ؛
المصلحة المركزية لمكافحة الجريمة المنظّمة ؛
مصلحة مكافحة الجريمة الالكترونية.
وعلى الصعيد الدولي تعد الجزائر صاحبة فكرة إنشاء آلية الإتحاد الافريقي للتعاون الشرطي (أفريبول)، وتحتضن مقرها، وقد تم تفعيلها في ندوة قادة الشرطة الأفارقة يومي 13 و14 ديسمبر 2015 بالجزائر العاصمة.
- المشاركة الفعالة في المنظمة الدولية للشرطة الجنائية – انتربول- وكذا اجتماعات قادة الشرطة والأمن العرب.
- التطور الذي عرفته مصالح الشرطة في ميدان تامين النسيج الحضري عبر المجال الجوّي من خلال اقتناء حوامات حديثة التّجهيز.
- التّطور في مجال الاتصالات وارسال المعلومات، وهذا بوضع شبكة ذاتية خاصّة بالأمن الوطني، سمحت بربط مختلف الهياكل الأمنية العملياتية.
- وضع نظام مراقبة بالكاميرات، مثبت حاليا على مستوى التجمعات السكانية الكبرى للبلاد.
- زيادة تعدادعناصر الامن الوطني، منذ الاستقلال إلى يومنا هذا.
- الحداثة من حيث الهياكل وكذلك مناهج تكوين أفراد الشرطة الجزائرية وأيضا الأجانب الّذين أبرمت الجزائر اتفاقيات تعاون مع بلدانهم.
- تطور من حيث الوسائل والتجهيزات الخاصة بالتّدخل، الموضوعة تحت تصرف رجال الشرطة، بما فيها العتاد السّيار والأسلحة والزيّ الرسمي.
- التطور الذي شهدته المنشآت الصحية التابعة للأمن الوطني، خاصة على مستوى الهياكل القاعدية، الوسائل والتجهيزات، وكذلك التكفل بتعداد الشرطة على الصعيد الاجتماعي المهني.
- تعوّل أيضا المديرية العامة للأمن الوطني على العصرنة، خصوصا فيما تعلّق بمخابر الشرطة العلمية، من أجل تأكيد نجاعتها في محاربة الجريمة.
- تقنية تحليل الحمض النووي للجينات (ADN)، مكنت مصالح الشرطة من معالجة عدد كبير من القضايا وتسهيل عملية تحديد هوية الأشخاص في حالة الاعتداءات أو الكوارث الطبيعية.
المزيد من المورد البشري والوسائل المادية: نظرة حول العصرنة:
- إنّ حوصلة الهياكل الأمنية المنجزة أو الموضوعة تحت تصرّف الأمن الوطني خلال السنوات الأولى للاستقلال، تظهر ما تعداده 63 منشأة. أما حاليا، قد تمّ إحصاء 672 1 منشأة، وهو ما يشهد على تحسن جليّ في مجال التغطية الامنية.
- الشّرطة القضائية عرفت عصرنة حقيقية سواء من حيث فنيات الأداء وكذلك من حيث التجهيزات المستخدمة، خصوصا من خلال:
- عصرنة الشّرطة العلمية، مع العلم أنّ غداة الاستقلال، لم يكن هناك إلاّ مصلحة واحدة للشّرطة العلميّة بأمن ولاية العاصمة، غير أنّه إلى غاية 2021، فقد أصبح هناك :
- 412 محطة لتحقيق الشّخصيّة، مجهزة بنظام تحديد الهوية بالبصمات AFIS، عبر 48 ولاية. بالنّسبة لباقي الولايات، عملية التزويد تتمّ تدريجيّا؛
- 03 مخابر للشّرطة العلميّة بالجزائر العاصمة، قسنطينة ووهران، حيث أنّ المخبر المتواجد بالعاصمة مجهّز بنظام فحص الحمض النووي للجينات ADN.
- المشاركة الفعلية في المنظّمات الدّولية للشّرطة، مثل:
- المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (انتربول): الّتي تعدّ الجزائر عضوا فيها منذ 26 أوت 1963.
- آلية الإتحاد الافريقي للتعاون الشرطي (أفريبول): حيث أنّ مقرّها متواجد بالجزائر ابتداء من 2013.
- التّطور الذي عرفته مصالح الأمن الوطني في ميدانمراقبة وتأمين النسيج العمراني عبر المجال الجوي، وهذا عن طريق :
- اقتناء 14 حوامات جيدة التّجهيز، منها 04 بين 2002 و2004، و10 ابتداء من 2012؛كما سيتم اقتناء حوامتين عصريتين في 2023 من إنتاج وطني.
- التطور في مجال إرسال المعلومات، عن طريق وضع شبكة خاصّة بالأمن الوطني، سمحت بربط مختلف الهياكل العملياتية والإدارية التابعة للجهاز.
- وضع نظام مراقبة بالكاميرات، إذ تمّ تثبيته حاليا عبر التّجمعات السّكانية الكبرى للبلاد.
- الزيادة المعتبرة المسجلة في تعداد الافراد التابعين للأمن الوطني منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، باعتبار أنّ العدد الّذي كان مقداره 14.652 ما بين سنتي 1962 و1967، قد تغيّر بشكل كبير حتى سنة 2021، إلى حدّ بلوغ 224.351 مستخدم.
بطبيعة الحال، فإنّ هذا النمو يشكّل أحد أهمّ أسباب التّحولات الّتي عرفها القانون الخاصّ وكذا الهيكل التّنظيمي للمديرية العامّة للأمن الوطني.
- التقدّم الملفت للانتباه من حيث الهياكل وكذلك مناهج التكوين للشرطيين الجزائريين وأيضا الأجانب، المنتمين إلى البلدان التي تربطها مع الجزائر اتفاقيات تفاهم، وللتّذكيرتمّ افتتاح المدرسة الأولى للشّرطة في 1962 بحسين داي، ثمّ بعد ذلك في قسنطينة وتلمسان عام 1963، وفي سيدي بلعباس عام 1964، كما شهد مجال التّدريب دفعة نوعية مع افتتاح المدرسة التّطبيقية بالصومعة والمدرسة العليا للشّرطة، على التوالي في 01 أوت 1969 و05 جانفي 1970، حيث يبلغ عدد مدارس الشّرطة حاليًا 16 مدرسة، أحدثها مدرستي سطيف وتمنراست، الّتان افتتحتا في عام 2019.
- التطور من حيث الوسائل والتجهيزات الخاصة بالتدخل، بما فيها العتاد السّيار، الأسلحة وكذا الزّي الرسمي، فبالنسبة للمركبات، لم يكن لدى الشّرطة الجزائرية غداة الاستقلال إلاّ 62 دراجة نارية، بينما في عام 2021 قد تمّ إحصاء حوالي 279 24 مركبة من مختلف الأصناف.
- المساهمة النّوعية للشّرطة الجزائرية على المستوى الوقائي، التّحسيس والمرافقة الأمنية للمواطن.
- التطور الذي عرفته الهياكل الصّحية التابعة للأمن الوطني، خاصّة من حيث المنشآت، الوسائل والتجهيزات، وكذلك في مجال التّكفل بتعداد المستخدمين من النّاحية الاجتماعية المهنية.
-
كما تجدر الإشارة إلى أن المديرية لديها مؤسسة استشفائية واحدة فقط تعود إلى الحقبة الاستعمارية، وهي مستشفى ليقليسين بالجزائر العاصمة،ماعدا ذلك تمّ إنجازه بعد الاستقلال، حيث تشير الحصيلة المقيّدة في عام 2021، إلى 02 مستشفيين آخرين في وهران وبلعباس، تمّ تدشينهما على التوالي في 2016 و2018، بالإضافة إلى 50 مركزًا طبيًا اجتماعيًا، منتشرين عبر أنحاء التّراب الوطني.